الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتباين وجهات النظر عندما يتم الحديث عن توجيه الإستثمارات الجديدة للقطاع الخاص. وبغض النظر عن حجم هذه الإستثمارات بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة، تبقى لوجهتي النظر أسبابها. ولعلنا نعرج على تلك الأسباب ودوافعها في محاولة لاستيعابها بشكل مختصر.
تؤيد وجهة النظر الأولى توجيه استثمارات القطاع الخاص، وعلى وجه الخصوص، المنشآت المتوسطة والصغيرة. ولعل السبب الأبرز في ذلك، هو أن هذه المنشآت هي الموظف الرئيسي في الاقتصاد، وعلى رأسها الدول العشرين الصناعية، حيث توظف هذه المنشآت ما يزيد عن ٨٠٪ من إجمالي القوى العاملة، وهي توجد وظائف جديدة بشكل دوري. ومن أمثلة طرق توجيه استثمارات هذه المنشآت هو السماح (من عدمه) لمنشأة جديدة بدخول السوق بنشاط معين وفي منطقة معينة. فعلى سبيل المثال، تخصص بعض الدول، ومنها الأوروبية، عدداً معيناً من الأنشطة الاقتصادية في منطقة معينة. ولعلنا نضرب مثالاً بمحال البقالات أو محال البيع بالتجزئة بشكل عام، أو حتى محلات الحلاقة. فتجد الجهاز المعني بترخيص النشاط في حي معين، يحدد عدد المحلات المسموح بترخيصها وفق عدد سكان الحي بطريقة النسبة والتناسب وفق المعدلات التاريخية، أو الدولية أو أي معيار آخر. ولا يسمح بترخيص محال أكثر من حاجة سكان الحي، وذلك حتى لا تبدأ منافسة سلبية تنتهي بخروج المحلات من سوق العمل. ويعلل أصحاب وجهة النظر هذه أن خروج المحال من سوق العمل يعني زيادة البطالة، مما يتطلب جهداً حكومياً مضاعفاً لانقاذ هذه الأنشطة من جهة، ولا سيما المتعثر منها، قبل الاغلاق بشكل تام، وتأمين وظائف جديدة للباحثين عن عمل مع صرف اعانات مالية لهم من جهة أخرى. وهذا التوجيه، من وجهة النظر الأولى، يحافظ على صحة اقتصاد الحي، ووظائف العاملين في المحلات، مما يخدم استدامتها الاقتصادية للحي والمنطقة وهكذا حتى يُخدم الإقتصاد الكلي. وتمتد هذه الفكرة للأنشطة الاقتصادية الأخرى بأنواعها وأحجامها المختلفة.
أما وجهة النظر الثانية، فهي تتمسك بنظرية قوى العرض والطلب وتحريرها. وتطالب بعدم التدخل بينهما، وترك الأسواق حتى تصحح من نفسها تلقائياً إذا ما تفوق العرض على الطلب أو العكس. وترى وجهة النظر هذه أن في هذا التوجه تعزيزاً للتنافسية بين مقدمي السلع أو الخدمات، مما يخدم المستهلك النهائي في نهاية المطاف، سواءً من منظور الجودة أو السعر أو سرعة التسليم. وعلى سبيل المثال، في حالة تفوق العرض على الطلب، تجد وجهة النظر هذه أن خروج المنافس من السوق أمر طبيعي وصحي، وعلى من فقدوا وظائفهم البحث عن وظائف جديدة. كما تجد في حالة تفوق الطلب على العرض، أن ايجاد الوظائف أيضاً أمر طبيعي.
وبين وجهتي النظر، يستمر الجدال وتباين الآراء، إلا أن الثابت هو قيام القطاع العام في أغلب دول العالم، عند حدوث الأزمات، بالدفع للمحافظة على الوظائف، والمحافظة على استدامة مساهمة القطاع الخاص، وهو ما شهدناه في أزمة فيروس كورونا خلال العامين الماضيين، ومن قبلها في الأزمات المالية العالمية وغيرها من الأزمات. وفي كل مرة، بارك أو طالب أصحاب وجهة النظر الثانية بتدخل القطاع العام لحماية استدامة القطاع الخاص!
إن أصبت فمن الله، وإن اخطأت فمن نفسي
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال