الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يشار إلى صندوق التحوط على أنه مؤسسة ربحية، يتم إنشاؤها كشركة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، تقوم بجمع أموال من نوعية محددة من المستثمرين المؤهلين والمعتمدين– عن طريق إصدار وحدات مالية خلال طروحات خاصة، ومن ثم شرائها من قبل هؤلاء المستثمرين الذين لديهم الأهلية لذلك- بغرض استثمار الصندوق قيمة الطروحات المتحصلة في تحقيق عائد إيجابي عليها، وتقوم تلك الصناديق بعدة أنشطة استثمارية حيث تستثمر في الأوراق المالية، عن طريق شراء الأسهم والسندات والسلع والعقارات.
ولكن أشتٌهر في العالم عامة ووطننا العربي خاصة، بأن أكثر الأنشطة الاستثمارية التي تقوم بها صناديق التحوط غير مستقرة حيث تتركز على صفقات البيع على المكشوف، والذي يتمثل في بيع ورقة مالية لا يملكها الصندوق، وصفقات المرابحة المالية والاستثمارات قصيرة الأجل، وما استتبع ذلك من الاعتقاد بعدم استقرار المعاملات الاستثمارية التي تقوم بها صناديق التحوط. بالطبع هذه الصفقات تمثل جزء بسيط من الأنشطة الاستثمارية المتنوعة التي تقوم بها الصناديق من أجل تغطية بعض مصاريف الصندوق كنفقات التشغيل والاستثمار، ولكن يجب عدم إغفال الدور الاستثماري الرئيس الذي تقوم به صناديق التحوط، حيث إنها تستثمر بشكل ضخم محلياً وعالمياً في قطاعات الصناعة المختلفة مثل مجالات الطاقة والموارد النفطية كالنفط الخام والمسيل والغاز الطبيعي، وقد تستثمر هذه الصناديق في التقنيات الخضراء والطاقة المتجددة ومشاريع توليد طاقة الرياح ، مما يكون له مردود إيجابي ائتماني لتلك الأسواق المالية .
بل وأهم من ذلك، يجب عدم إغفال الدور المركزي الثمين الذي تلعبه صناديق التحوط في تحسين حوكمة شركات المحفظة المستثمر فيها من خلال الاستثمار المباشر في تلك الشركات، وقيادة مجلس الإدارة نحو تحسين الحوكمة داخل تلك الشركات، مما يكون له تأثير إيجابي على أدائها، وتحسين قيمة وحداتها المالية على المدى الطويل والقصير. وفي الواقع، هناك عدة أسباب رئيسة استثمار الصناديق في تلك الشركات، حيث تتم إدارة صناديق التحوط عن طريق مؤسسات مالية احترافية في ممارسة نشاط إدارة الاستثمار والذي يلتزم بعدة مهام، من أبرزها: تطبيق استراتيجيات استثمارية لأصول عميله النقدية وغير النقدية بمناسبة قيامه بنشاط الإدارة، يكون هدفها الرئيس تحقيق أعلى عائد لمساهمي الصندوق، بغض النظر عن الحالة العامة لسوق الأوراق المالية حيث أن ذلك النوع من الصناديق الآن تقوم بالمضاربة أكثر من التحوط حيال أنشطتها الاستثمارية.
وبشكل أكثر تفصيلا، تتخصص عدد من صناديق التحوط في شراء وبيع وحدات الأوراق المالية المتعثرة بكافة أنواعها، المملوكة لشركات في حالة مالية ضعيفة،”distressed securities” نظراً لنتائج تشغيلية سيئة، أو لديهم احتياجات رأسمالية كبيرة، ويحتاجون دعم مالي كبير من خارج الشركة، أو لدى تلك الشركات المتعثرة قيمة صافية سلبية، أو يواجهون مشاكل تنافسية خاصة أو تقادم منتجاتها، أو متورطون في إجراءات إفلاس أو إعادة التنظيم. ومن هنا يأتي دور صندوق التحوط الذي يبحث عن فرص استثمارية واعدة لجنى أرباح كثيرة، يمكن أن تنشأ في حالة إعادة هيكلة الشركة ومساعدتها في ضائقتها المالية، وتعديل سعر أسهمها من الهبوط إلى الارتفاع، فتقوم تلك الصناديق بشراء الأوراق المالية المتعثرة على هيئة سندات أو قروض أو شراء مديونات أو حقوق ملكية من الشركة، لكن قد يكون ذلك بخصم كبير بسبب الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر بها الشركة.
بالطبع يمكن أن تساعد صناديق التحوط من خلال شراء الأوراق المالية المتعثرة في تحسين استقرار السوق في الأوقات المضطربة ، وخاصة عندما تجف السيولة ويتجنب المشاركون الآخرون في السوق تداول ورقة مالية معينة، و غالبًا ما تأخذ صناديق التحوط تلك المخاطرة مستغلة انخفاض الأسعار ، وفى تلك اللحظة يقوم الصندوق بإجراء تحسينات في حوكمة تلك الشركات المتعثرة عن طريق تغيير إدارة الشركة وبعض موظفيها و تغير استراتيجية الاستثمار والتشغيل أو اقتراح تعديلات عليها وطرح خدمات ومنتجات جديدة تضمن تغيير الحالة الائتمانية والاستثمارية للشركة المستثمر فيها، ومن ثم رفع القيمة المالية لوحداتها
ومن هنا يمكن استنتاج أحد الجوانب الاستثمارية لصناديق التحوط المنخرطة في تلك الأنشطة التي تنطوي على مضاربة كبيرة، لأنها تحتوي على مخاطر مالية وتجارية يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة، لذلك تتطلب استراتيجيات الاستثمار لذلك النوع من صناديق التحوط مستويات كبيرة من الموارد والخبرة العملية لتحليل كل ورقة مالية بكافة أشكالها، وتقييم وضعها في هيكل رأس مال المُصدر، جنبًا إلى جنب مع تقييم احتمالية الانتعاش النهائي لتلك الأوراق والشركات المصدرة لها ، وقدرة هذه الكيانات على سداد ديونها في الموعد المحدد، و قد يستغرق سعر السوق لهذه الأوراق المالية عدة سنوات لتعكس قيمتها الجوهرية. وقد تطلب صناديق التحوط التي تستثمر في الأوراق المالية المتعثرة الحد من عمليات انسحاب المستثمرين سواء داخل صندوق التحوط نفسه أو الشركات المتعثرة المستثمر فيها، عن طريق فرض فترة الإغلاق لمدة عامين أو ثلاثة أعوام.
وعلى ذلك يجب تغير النظرة الغير مستقرة حول أنشطة صناديق التحوط التي يعتقدها البعض، من أنها فقط تقوم بشكل رئيس على صفقات البيع على المكشوف والمراجحة وغيرها من الصفقات التي تستهدف جنى أرباح سريعة للصندوق، دون تحقيق أهداف تحسينية داخل الأسواق المالية المستثمر بها وشركات المحفظة. وقد يستتبع ذلك منح الصناديق عدة محفزات تحسينية تمكنهم من الأصلح داخل مجلس الإدارة مثل الاشتراك في لجان المراقبة والمراجعة الحسابية، وتعديل بعض السلطات الممنوحة للصناديق داخل مجلس الإدارة مثل القدرة على التصويت والاعتراض على أعضاء مجلس الإدارة لأغراض تحسينية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال