الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يخطط الرئيس الأمريكي “جو بايدن” لزيارة المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع، وتأتي هذه الزيارة في وقت تعد فيه رئاسته للولايات المتحدة على المحك. بل إن أول زيارة من الرئيس “بايدن” للمملكة تعد بمثابة فرصة له لكي يصحح مساره ويعيد بناء قوة العلاقات الثنائية بين واشنطن والرياض، وهي علاقات وصفها الرئيس “بايدن” نفسه في مقال رأي يوم الجمعة بـ”الشراكة الاستراتيجية الممتدة عبر 80 عاماً”. كما أن زيارة “بايدن” إلى المملكة تعني تصحيح مسار إدارته مع الداخل الأمريكي أيضاً – إنها فرصة لكي تزيد إمدادات الطاقة في الأسواق العالمية، ومن ثم، خفض تكلفة البنزين المرتفعة للمستهلك الأمريكي، وكذلك المساعدة في تهدئة التضخم المتصاعد في الولايات المتحدة.
سوف يحتاج إعادة ضبط مسار العلاقات الأمريكية السعودية بذل بعض الجهد، فخلال حملته الرئاسية، وصف بايدن المملكة بأنها “منبوذة”، وفي أوائل توليه السلطة، رفض بايدن التواصل مباشرة مع ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” (MBS)، المسؤول عن الشؤون اليومية للمملكة. وحتى وقت قريب، تجاهل “بايدن” الرياض كحليف استراتيجي في مكافحة أكبر تهديد يواجه الشرق الأوسط – ألا وهو إيران.
بعد أيام فقط من تولي إدارة “بايدن” السلطة، رفعت الولايات المتحدة تصنيفها لجماعة الحوثيين باليمن المدعومين من إيران من قائمة منظمات الإرهاب الأجنبي (FTO). وبعد فترة وجيزة، أطلقت الولايات المتحدة محادثات غير مباشرة مع إيران من خلال أطراف وسيطة في محادثات “فيينا” في محاولة لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين طهران والغرب عام 2015، والذي قررت إدارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” الانسحاب منه لاحقاً. هذه المحادثات كانت ملاحظة تحت مجهر الكثيرين، وذلك في الوقت الذي خلاله تتجاهل الولايات المتحدة المخاوف الأمنية لحلفائها التاريخيين في المنطقة.
بناء على ما سبق ذكره، وأيضا بجانب الانسحاب الأمريكي الفاشل من أفغانستان، أدى ذلك على ما يبدو إلى خروج السعودية بنتيجة أن الولايات المتحدة لم تعد حليفًا موثوقًا به، ولم تعد مستعدة لدعم النظام العالمي الذي تقوده واشنطن.
والآن ، أمام “بايدن” فرصة ذهبية لإعادة ضبط علاقته الشخصية مع ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” وكذلك العلاقة الشاملة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وخلال زيارة “بايدن”، سوف يتم التطرق إلى مناقشة تحديات اقتصادية متعددة، ففي خضم رفضه إطلاق العنان لتحقيق استقلالية أمريكا بشأن الطاقة، يحتاج الرئيس للسعودية لامتلاكها الريادة في تصدير المزيد من النفط إلى بقية دول العالم من أجل تعويض الانخفاض في إمدادات الطاقة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وظهر ذلك جلياً في ارتفاع أسعار النفط بشدة في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب التضخم والغزو الروسي. تحتاج الولايات المتحدة أيضًا إلى السعودية لمواجهة التهديد الاقتصادي والجيوسياسي القادم من الصين، فقد قيل إن المملكة تدرس السماح باستخدام اليوان الصيني في شراء النفط السعودي، وهي خطوة قد تهدد الدولار كعملة احتياطية في العالم. يجب على واشنطن ألا تسمح للنفوذ الصيني بالتوسع والتمدد ليصل إلى الرياض وتقويض المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية.
إن الضغوط التي يواجهها الرئيس بايدن تعد نتاج ما تواجهه إدارته من تحديات اقتصادية في الداخل الأمريكي، وأدت هذه الضغوط على ما يبدو إلى إعلان زيارته للسعودية. لقد نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” أخباراً مقلقة عن تدني نسبة تأييد الأمريكيين للرئيس “بايدن” إلى مستويات تاريخية – حتى من داخل حزبه – حيث أفاد 64 ٪ من الديمقراطيين بأنهم يفضلون الزج بمرشح ديمقراطي آخر لخوض غمار انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2024. وأغلب ما يقلق الأمريكيين هو الاقتصاد الأمريكي، حيث ذكر 75٪ من المشاركين في استطلاع “النيويورك تايمز” أن الاقتصاد “مهم للغاية” بالنسبة لهم. وكما قال الخبير الاستراتيجي السياسي “جيمس كارفيل” ساخراً فيما يتعلق بالقضية الرئيسية في انتخابات كلينتون ضد بوش عام 1992 – “إنه الاقتصاد، يا غبي”. ومن ثم، ربما تصبح الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بمثابة إعادة تأكيد لبديهيات “كارفيل” البسيطة.
إذا نجح بايدن في إصلاح العلاقات الأمريكية السعودية وأقنع ولي العهد بضخ المزيد من النفط – مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار الطاقة في الولايات المتحدة وتخفيف حدة التضخم، فمن الممكن أن يتمكن من تصحيح إحدى أهم العلاقات الاستراتيجية لأمريكا وإنقاذ رئاسته. يمكن أن يسهم نجاح زيارة “بايدن” وإعادة تموضع العلاقات مع الرياض في فوزه بولاية ثانية – وهو أمر غير مضمون في الوقت الحالي. إذاً هل سينجح الرئيس “بايدن”؟ هذا الأسبوع سيأتي بالإجابة على هذا السؤال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال