الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالرغم من أن الولايات المتحدة قد سجلت نمواً سلبياً بنسبة (-1.5%) في اجمالي الناتج المحلي “الحقيقي” في الربع الأول من العام الجاري، وبالرغم من قيام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته بشكل كبير للنمو الاقتصادي الأمريكي في أبريل 2022 (مقارنة بتوقعاته في شهر أكتوبر 2021)، إلا أن الفدرالي الأمريكي قد قرر المضي قدماً بتطبيق سياسة نقدية انكماشية من خلال إعلانه عن زيادة أسعار الفائدة بوتيرة هي الأكبر منذ نحو 30 عاماً (75 نقطة أساس) سعياً منه لكبح جماح التضخم!
إلا أن تلك السياسة “التكتيكية” ستكون على حساب السياسة الاقتصادية “الاستراتيجية” لاقتصاد الولايات المتحدة!
يقول فيليب هيلدبراند، نائب رئيس مجلس إدارة عملاق إدارة الأصول العالمية “بلاك روك”: إن محاولة الفدرالي لحل مشكلة التضخم ستكون على حساب النمو الاقتصادي الأمريكي، فالاحتياطي الفدرالي يحاول حل مشكلة مهمة، (الآن) ولكنه في نفس الوقت سيتسبب بمشكلة أضخم من ذلك بكثير (مستقبلاً)! أما جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل العالمية في الاقتصاد، فيقول في مقابلة له مع بلومبرج بأن رفع معدلات الفائدة سيحدث كساد تضخمي قوي في الولايات المتحدة خلال الأشهر القادمة ..
ولشرح المشكلة بشكل مختصر، فإن التضخم الحالي الذي تعاني منه الولايات المتحدة، والعالم أجمع بكل تأكيد، لم يكن ناتجاً عن زيادة الطلب الكلي، وإنما بسبب ما يسمى (صدمة العرض – Supply Shock) الذي تعرض له الاقتصاد العالمي؛ ابتداءً من سياسات الإغلاق التي فرضتها أزمة كورونا في بداياتها، مروراً بأزمة قناة السويس، ثم سياسة الإغلاق في الصين، وانتهاءً بالحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت الارتفاع في زيادة أسعار الطاقة العالمية ..
بالتالي، فإن حل أزمة التضخم التي نتجت عن “صدمة العرض” سيكون من خلال أدوات السياسات المالية والتجارية والدبلوماسية، وليس من خلال تشديد السياسات النقدية التي ستكون بمثابة “رصاصة الرحمة” على نمو اقتصادي يحاول التعافي والوقوف على قدميه بعد أزمة كوفيد-19!
نقطة خروج: سينظر المشرعون الأمريكيون في الكونجرس مستقبلاً إلى تاريخ يونيو 2022، وسيدركون حينها بأن رفع معدلات الفائدة كان خطأً استراتيجياً كبيراً أدى لقلب موازين المعادلة الاقتصادية؛ في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يتم تحفيز النمو الاقتصادي الأمريكي (كما تفعل الصين حالياً في سياستها النقدية التيسيرية)! حينها، لن تنفع الفدرالي الأمريكي، خلال سنة من الآن (أو أقل)، سياسات الإنقاذ التي سيحاول فيها استدراك الموقف من خلال خفض معدلات الفائدة مرة أخرى!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال