الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما إن استفاق العالم من صدمات اقتصادية عدة في السنتين الاخيرتين، وما إن عادت الحياة الى طبيعتها على الأرض وفي الجو بعد جائحة كورونا، الا وتسابق العالم على السفر والترحال لغرض السياحة في شتى دول العالم، بحثا عن أجواء تناسب تطلعاتهم، فالبعض يبحث عن الحرارة وأشعة الشمس لتغيير درجة لون جلده ان رغب في ذلك، والاخر يبحث عن الأجواء الماطرة الربيعية الدافئة.
مطارات العالم انشغلت خلال الشهرين الماضيين بشكل واسع، ولكن كانت هناك مناظر قد تكون مزعجة، ولحظات قد تكون مربكة وتعكر صفو المزاج للسائح الذي يبحث عن الهدوء والسكينة في اجازته.
فالعديد من المطارات تكدست فيها امتعة الركاب لأيام وقد تصل الى اسبوع احيانا، وكان مطار هيثرو المكتظ بالركاب والطائرات على حد سواء من أكثر المطارات تكدساً بالأمتعة، بالاضافة الى الطوابير الطويلة المزعجة لانهاء اجراءات السفر، عطفا على التأخير الكبير في رحلات العديد من الشركات، وكانت ايضا مطارات اوروبا تشتكي من تجمع الركاب بسبب الغاء العديد من الرحلات.
ولكن ما هو السبب في ذلك الارتباك والتخبط – ان جاز التعبير – والذي ظهر على السطح مع بداية موسم الصيف والسفر؟ السبب الرئيس هو عدم وجود دراسة مستقبلية ناجحة لاحتيادات السوق من الموظفين وأفراد الطاقم سواء في الخدمات الارضية او الجوية، حيث ان العديد من الشركات قامت بتقليص عدد الموظفين خلال ازمة كورونا الطاحنة والتي تقوفت خلالها العيد من رحلات الطيران عن التحليق، وبالتالي اصبحت شركات الطيران مهددة بالافلاس ان لم تقم باجراءات تصحيحية سريعة لمواجهة المشكلة، وللاسف ان التصحيح ان من نصيب الموظفين وبالتالي حدثت الازمة التي نعيشها الان.
في عالم المال والاقتصاد، يعتبر الاستثمار في شركات الطيران من اكثر الاستثمارات تكلفة، وأكثرها تعقيدا، بالاضافة الى احتمالية تعرضها لازمات سيكون كبيرا مقارنة بأي استثمار اخر، فعلى سبيل المثال، شركات الطيران تعاني حاليا من ارتفاع اسعار الطاقة، وبالتالي زيادة التكاليف عليها، وهذا الامر سيؤدي الى زيادة اسعار التذاكر لمواجهة الازمة، مما يؤدي الى احتدام المنافسة مع الشركات الاخرى، وخاصة تلك المدعومة من الحكومات.
وتكبدت شركات الطيران الكبرى حول العالم خسائر مهولة في 2020 و 2021، فشركة طيران الامارات قدرت خسائرها خلال عام ب6 مليارات دولار لاول مرة في تاريخها، ومثلها ايضا في ذات العام 2020 كانت قد خسرت شركة لوفتهانزا الالمانية وهي الشركة الرائدة في اوروبا، لذلك لم تكن تلك الازمة سهلة امام الشركات ولم يكون مرورها بالشكل اليسير، لذلك قد يتم اعتبار ما يحدث حاليا في المطارات وشركات الطيران هو امتداد للأزمة، اي ان الجروح التي اصابت القطاع لم تبرأ بالكامل بعد.
ولكن أشرنا الى ان هنالك العديد من الشركات استطاعت ان تستمر في اعمالها رغم الخسائر التي طالتها، وذلك بسبب الدعم الحكومي وأقصد بذلك طيران الامارات وطيران القطرية، ولكن الحال قد يكون مختلف مع الخطوط السعودية، حيث ان توزيع الشركة وتقسيمها الى عدة شركات قد أدى الى عدم حصولها على خسائر كما وصلت اليه مثيلاتها، اضافة الى ان السوق السعودي مختلف الى حد كبير عن الاسواق الاخرى، فالطلب عالٍ محليا ودوليا، واصبحت هدف لأي زائر الى المملكة بعد ازدياد الاعداد في الآونة الاخيرة، بالاضافة الى تعامل الجهات الحكومية مع الازمة خفف كثيرا من وطأة الخسائر على شركات الخطوط السعودية المدرجة في السوق، وهذا بلا شك يعتبر امر جيد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال