الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
علم المواريث من العلوم، والأنظمة الحساسة، والمهمة في عالمنا كمسلمين حيث أنَّ علم المواريث له متخصصين، وباحثين وعلم بحد ذاته ولا أكتب اليوم عن المواريث بذاتها وإنما البحث عن العلاقة بين الميراث والعملات الجديدة في عالمنا وهي العملات المشفرة. كما نعلم فإنَّ نظام الميراث هو يمثل توزيع الثروة وتوزيع وتقسيم الثروة بين الورثة ويعطى كل وارث نصيبه الذي قّدره القرآن الكريم. الثروة كما هو معلوم أنها مجموع ما يمتلكه الانسان من حقوق، وأموال وهذه الأموال سواء كانت الذهب والفضة ومن بعدها العملات الورقية التي نتعامل بها اليوم. التركة في اصطلاح ” الحنفية” هو (ما تركه الميت من الأموال صافيًا عن تعلق حق الغير بعين منها) وأما جمهور الفقهاء فإن التركة عندهم (تشمل ما تركه المتوفى من أموال وحقوق على اختلاف أنواعها). ونصت المادة (197) من قانون الأحوال الشخصية السعودي رقم (429) لسنة 1443 (الباب السابع التركة والإرث (الفصل الأول) أحكام عامة للتركة والإرث) فنصت على أنه ” التركة هي ما يخلفه الإنسان بعد موته من الأموال والحقوق المالية”.
العملات الافتراضية (المشفرة) هي جزء من العملة الرقمية حيث تعتبر العملة الرقمية المظلة الرئيسية والتي تضم جميع أنواع العملات الالكترونية، والافتراضية وأيضا الرقمية القانونية أو المستقرة الثابتة. حيث عرّف مجموعة العمل المالي FATF العملة الرقمية بأنها ” تمثيل رقمي إما للعملة الافتراضية (غير القانونية) أو النقود الإلكترونية (القانونية) ويتم غالبًا إطلاق مصطلح (العملة الافتراضية) عليها”.، لكن مع تطور التكنولوجيا ،والمال ،والأعمال ظهرت عملات رقمية جديدة وهي العملات الافتراضية ( التشفيرية) حيث مع وفاة الشخص فإنه يحدث إشكاليات فيما يتعلق بممتلكات المتوفى وخاصة المالية إذا كان يمتلك بعض العملات المشفرة لان ضوابط نصوص المواد من قانون الأحوال الشخصية لكل بلد هي التي تحدد إذا العملة الرقمية تعد من النقد أم أنها غير ذلك. حيث يرى فريق أنه يطلق على العملات الافتراضية والمشفرة كلمة عملة وذلك نظرًا لافتقارها إلى عدة شروط، وعوامل أهمها كونها وحدة للحساب، ووسيلة مقبولة للدفع، ومخزن للقيمة، ومعيار مقبول لسداد الدين المؤجل وبالمقابل الأصوب أن يتم تسميتها بالأصول المشفرة.
من المشاكل الموجودة في حياتنا بشكل يومي هي الأرقام السرية بالعموم والأرقام السرية للمحافظ بالخصوص وأيضا بشكل بسيط تعاملات البريد الإلكتروني تكون مخفية ولا تتم مشاركتها مع الآخرين ويكون من ضمن الخصوصيات الشخصية وهذا حصل مع مؤسس منصة (Quadriga CX) عندما توفى عام 2018 أثناء رحلة إلى الهند ولم يستطيعوا الورثة الوصول إلى محفظة العملات الرقمية والتي كانت تقدر بحوالي 250 مليون دولار وذلك بسبب عدم معرفة الرقم السري الخاص بها. يوجد فريق يجادل ويقول إن الأصول الرقمية مثلها مثل الحسابات الالكترونية والبريد الالكتروني وهي تندرج تحت الجانب الشخصي والتي تنتهي بانتهاء عمر الانسان حيث يؤمنون بفكرة مفادها “حق الإنسان أن يكون منسيا”. تم اصدار قرار شهير مرتبط بقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2014 حيث قضت لصالح مواطن أسباني عندما ألزمت غوغل بإزالة رابط قديم يظهر في نتائج البحث على محرك البحث الخاص بها وذلك بمنح مستخدمي الإنترنت “الحق في أن تكون منسيا” وأن تطوى الحسابات والأصول الرقمية للمتوفى، وأيضا أنَّ الإنسان في هذا العالم الرقمي يجب أن يحظى بخصوصية في تعاملاته وهذا يندرج تحت التعريف ” ممارسة الإنسان وحده أو مع من يريد، لسلوكيات غير معلنة، ولا يريد إطلاع المجتمع أو الرأي العام عليها، ومنها المراسلات ،والمكالمات وغيرها” ولكن يوجد فريق آخر معارض لهذه الفكرة حيث أنهم يحتجون بقولهم إن هذا النوع من الخصوصيات ،والتطبيقات ،والاستخدامات بالعملات الرقمية لا تتعلق بخصوصية المتوفى بل هي عملات ذات حق مالي بمثابة وسيلة للدفع قابلة للتصريف مقابل العملات الأخرى وبالمقابل يكون حالها كحال النقود وأي ذمم مالية للمتوفى التي لا ترتبط بشخصيته.
المشكلة في مسألة توريث العملات الافتراضية هو غياب التنظيم القانوني لها في أغلب البلدان إذا ما شملت الجميع حيث من الصعوبة نقلها إلى ورثة المتوفى مالك العملات الافتراضية لأن العملات الرقمية ليس لها كيان مادي ملموس مثل الأراضي، والعقارات، والنقود الورقية أو المعدنية القانونية أو حتى الأسهم، والسندات والتي يسهل بيعها عن طريق سوق مالي منظم تحت إشراف هيئة سوق المال ومن ثم توزيع الثروة الناتجة عن الأسهم وخلافه. أما بخصوص العملات الافتراضية يوجد إشكالية معينة عند توريثها وهي أولًا: من الممكن توزيع الحصة للورثة عن طريق تصريف قيمة العملة الرقمية وتوزيعها نقدا لكن لغياب القوانين، والتنظيم، والإشراف ندخل في مسألة الشفافية، والاحتيال، والنصب. وثانيًا: يجب على الوارث أن يكون لديه محافظ الكترونية أو تطبيقات الكترونية والتي يمكن حيازتها كحيازة معنوية ونقلها إليه بالمحفظة كحصة من تركة مورثه لان لا يوجد هناك تنظيم قانوني وضوابط، ولائحة لتوريث العملات الافتراضية المشفرة تنظم أحكامها وسلطة مركزية تشرف عليها، وتراقبها مثلها مثل التعامل بالأصول المالية حيث تنبع قيمتها من المستندات التي تثبت ملكيتها مثل (أسهم، سندات، ودائع مصرفية).
أخيرًا، مع غياب التنظيم القانوني للعملات الافتراضية وغياب سهولة توريث هذا النوع من الأصول إلى الورثة والتي تشغل كثير من المستخدمين على إيجاد الحلول المناسبة لتوريث هذا النوع من العملات لأنه يدخل فيها جانب مالي (قيمة العملات الافتراضية) وجانب شخصي (لا يريد المالك الكشف عن رقم التعريف الشخصي وكلمات المرور والمفاتيح الخاصة بالمحافظ التي تحتوي على العملات التي يمتلكها) لذى موضوع الوصية والكشف عن جميع المعلومات للورثة قد يكون أفضل الحلول المناسبة للإستفادة من الأصل المالي (العملات المشفرة).
يجب على الجهة المختصة بالمملكة العربية السعودية إصدار ضوابط، وتشريعات تنظيمية وأطر قانونية وتوفير كافة المتطلبات للتعامل في العملات الرقمية بما فيها العملات الافتراضية (المشفرة) وبذلك يساعد على وجود بيئة قانونية قوية تحكم تعاملات العملات الرقمية ويضمن حماية البيانات واعتبارات الخصوصية وبالمقابل أيضا تنظيم العملات الرقمية وأن تكون تحت سلطة تنظيم مالي وتوفير نظام مالي متكامل لقطاع تداول العملات المشفرة، والأصول الرقمية يساعد، ويسهل معرفة كيفية توريثها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال