الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد انتشار ظاهرة هجرة الكوادر السعودية إلى العاصمة الرياض تلبيةً للعروض المغرية التي تقدمها الهيئات الكبرى أوالشركات الجديدة أصبحت الاستقالة خيارا مطروحا عند كثير من الموظفين الطامحين إلى ترقية أوامتيازات وظيفية تمكّنهم من التقدّم في مساراتهم الوظيفية. وأراها خطوة صحّية للموظف ولسوق العمل معًا. لكن من واقع خبرة لأكثر من اثني عشر عامًا في مجال تنمية رأس المال البشري، أوجّه نصيحتي لكل شخص قرّر الانتقال من وظيفته الحالية إلى وظيفة أخرى.
قبل أن تكتب خطاب استقالتك دعني أقدم لك ثمانية نصائح مهمة تساعدك على اتخاذ القرار الصحيح سواءً كانت الاستقالة أوالبقاء في وظيفتك الحالية:
أولًا: تذكّر أنّ الدخل المادي للفرد يُحسب على أساس سنوي وليس شهري، ويشمل ذلك جميع المميزات مثل تعليم الأبناء، وفئة التأمين الطبي، وتذاكر السفر، والمكافآت السنوية «البونص»، وتوفير سيارة للإستخدام الشخصي أو بدل النقل, والبيئة الداخلية والخارجية للعمل، والعلاقات الاجتماعية التي تتكوّن بسبب وظيفتك… وغيرها من المميزات غير المباشرة التي تسهم في تحسين مستوى المعيشة وجودة الحياة.
ثانيا: قارن بين مميزات رئيسك الحالي والمستقبلي! بعض القادة يغذّونك بجرعات من التحفيز والإلهام اليومي أو يصيبونك بعدوى السمات الإيجابية، والبعض الآخر لن يراعي ضغوطات العمل أو الحياة التي تمرّ بها، ويحاسبك بالطريقة الآلية وحسب العقد (إنجازك مقابل امتيازاتك). ضع هذا التغيّر المحتمل في الحسبان قبل أن تحسم أمرك.
ثالثًا: لا تغترّ بالراتب الأساسي والبدلات فحسب، قارن بين احتمالية التطور الوظيفي والمهني هنا وهناك، واسأل من سبقوك إلى الجهة الجديدة: هل يحظى الموظفون فيها بالدورات التأهيلية المتخصصة؟ هل يوجد ميزانيات مخصصة لتطوير الموظّفين في مجالاتهم؟ لا تجعل قرارك يعتمد على مضاعفة المميزات المادية دون رفع حصيلتك العلمية وتعزيز مهاراتك العملية.
رابعًا: احرص على مقارنة المميزات بعيدة المدى بين الوظيفتين، قد لا يوجد نظام ادخار واستثمار ولكن يوجد قرض حسن يُحسب من تكاليف نهاية الخدمة، وقد تكون مكافأة نهاية الخدمة في بعض الشركات مضاعفة بعد تجاوز خمس سنوات…. وهكذا
خامسًا: احسب بشكل دقيق المصاريف المصاحبة للانتقال إلى المدينة الأخرى (خصوصًا الرياض) مثل نقل الأثاث، وتكلفة الإيجار، وبُعد مقرّ العمل عن الشركة، ومصاريف السفر للزيارات العائلية والمناسبات ونحوها.
سادسًا: قارن عدد ساعات العمل الفعلي بين الوظيفتين. بدءًا من خروجك من المنزل وحتى عودتك، مع الأخذ بالاعتبار الأعمال التي قد تُطلب منك بشكل طارئ خارج ساعات العمل، أو التواصل الذي قد يحصل في إجازات نهاية الأسبوع. وادرُس أثر ذلك على حياتك الأسرية وعلاقاتك الاجتماعية وصحّتك النفسية وغيرها من الجوانب التي تتجاوز أهمية الوظيفة، ونستيقظ كل صباح لتأمينها.
سابعًا: احذر من البقاء في منطقة الراحة ومقاومة التغيير خوفًا من المجهول، فالدرس والتجارب التي تتعلمها من قرارٍ تكتشف فيما بعد أنّه «خاطئ» أفضل من التوقف عند مرحلة معينة من الخبرة بسبب الركود المهاري والخوف الدائم من التغيير أو المخاطرة.
ثامنًا: كلّ زيادة في دخلك قد يتبعها بشكلٍ لا إرادي زيادة في مصاريفك، وإذا كان الهدف من تغيير الوظيفة هو زيادة الإنفاق فلن تعود عليك الوظيفة بالنفع المأمول، والبديل هو التفكير في خطة شهرية للادخار المتوازن والاستثمار الآمن.
ختامًا، كلّ هذه النصائح لا تغني شيئًا إذا لم تسبقها باستخارة رب العالمين وسؤاله التوفيق في العمل، والرُّشد في الأمر، والحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال