الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ عامان، وفي نهاية شهر يونيو 2020، دخل قرار رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المائة حيز التنفيذ على جميع السلع والخدمات الخاضعة لها في الأسواق التجارية في السعودية، وذلك بعد صدور الأمر الملكي المتضمن رفع نسبة الضريبة من 5 إلى 15 في المائة.
وأتي هذا القرار في إطار إجراءات هدفها تعزيز الوضع الاقتصادي للمملكة، والذي تأثر آنذاك في عام 2020 بانخفاض أسعار النفط وفيروس كورونا.
وكما هو معروف، فإن الاقتصاد الدولي، وليس فقط السعودي، قد تلقى العديد من الصدمات بسبب وباء الكوفيد-19. وتلك الصدمات أسفرت آنذاك عن توقف أو انخفاض العديد من الأنشطة الاقتصادية مما آثر سلباً على الإيرادات، ومنها القطاعات التجارية وسلاسل الإمداد وكذلك السياحة والصناعة والأعمال بشكل عام.
ولذلك، كان قرار رفع نسبة الضريبة ضروري للمحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي بالمملكة، على المدى المتوسط والطويل. وقد صرح سمو ولي العهد بأن قرار الضريبة 15% مؤقت ولن يستمر أكثر من خمس سنوات من بدء تنفيذه. كما ربطت وزارة المالية بين تخفيض الضريبة وتحسن الوضع الاقتصادي، واستخدام الفوائض لدعم الاحتياطات الحكومية، ومواجهة الجائحة التي ما زالت قائمة، إلى حد ما، حول العالم حتى يومنا هذا.
لكن… وخلال الشهور الماضية، دخل عنصر جديد في تلك المعادلة الاقتصادية، وهو الحرب الروسية الأوكرانية، وما نتج عن تلك الحرب من أزمة غذائية ونفطية حول العالم، أدت إلى غلاء في الأسعار وزيادة نسبة التضخم، ما زاد من الأعباء الاقتصادية في الكثير من الدول، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية والكثير من دول أوروبا. وحسب الدراسات، فمن المتوقع أن يتراجع النمو العالمي من نسبة 5.7% في عام 2021 إلى نسبة 2.9% في عام 2022.
ومن هنا، أكد سمو ولي العهد السعودي، خلال اجتماع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حرص المملكة على ضرورة مراقبة التطورات الدولية بما في ذلك المتعلقة بسلاسل الإمداد، ومتابعة الأسواق ووفرة المنتجات ومستويات الأسعار، وكذلك مراعاة المواطنين الأكثر احتياجا في مواجهة ارتفاع التكاليف، والتخطيط تجاه رصد مستويات الأسعار لعدد من المنتجات في أسواق المملكة.
كما تم تخصيص 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية، منها 10 مليارات ريال لمستفيدي الضمان الاجتماعي وبرنامج حساب المواطن. وأيضاً أكد سموه على حماية المنافسة العادلة وتشجيعها، ومكافحة ومنع الممارسات الاحتكارية التي تؤثر على المنافسة المشروعة أو على مصلحة المستهلك.
أما بالنسبة لضريبة القيمة المضافة 15%، فإن توجه المملكة، بشكل عام، هو إعادة النظر في الضريبة عندما تتحسن الأوضاع الاقتصادية والمالية، خاصة بعد تصريح وزارة المالية أن العجوزات في عام 2020 بلغت نحو 295 مليار ريال، بينما بلغت في عام 2021 نحو 85 مليار ريال، مما دفع الحكومة إلى الاقتراض لتغطية العجز من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات للمواطنين.
وبالرغم من أن اتخاذ هذا القرار، منذ عامان، كان خطوة مؤلمة خاصة مع مستهدفات المملكة في رفع جودة الحياة، ولكن في المستقبل القريب، وحين تنجح المملكة في خفض تلك النسبة، في الوقت المناسب، سوف ننظر إلى الوراء ونجد الأثر الإيجابي لها على استقرار واستدامة اقتصاد الوطن الغالي، خاصة خلال مواجهة التحديات الطارئة وضرورة امتصاص الأزمات التي تجتاح اقتصاديات دول العالم، من أوبئة وحروب وتضخم ونقص في الغذاء والغاز وغيرها من التحديات.
ومن جهة أخرى، وكإشارة إيجابية بالمملكة، فقد وصل سعر خام برنت عند أعلى مستوى في 14 عاما، مرتفعاً فوق 130 دولارا للبرميل مع تصاعد حدة الحرب الروسية في أوكرانيا في أوائل مارس من هذا العام، بعد ما كان سعر خام برنت القياسي 22 دولارا للبرميل في مارس 2020 خلال الجائحة. ولكن توجه المملكة هو في تنويع مصادر الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط ذو الطلب العارض والمتأثر باضطرابات السوق.
ولذلك، فإن النجاح في تحقيق فائض في الميزانية مع استمرار النمو الاقتصادي وانتعاش الاقتصاد في كافة القطاعات النفطية وغير النفطية، هو السبيل إلى تخفيض ضريبة القيمة المضافة، تماشياً مع رؤية المملكة 2030 في دعم وتعزيز الاقتصاد المتنوع والمستدام، وفي أن تصبح من أكبر 15 اقتصاداً في العالم. والمملكة تسير قدماً في هذا الطريق لتحقيق جميع تلك المستهدفات بحلول عام 2030 بإذن الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال