الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ففي حالة المشاركة بحصة عينية عقارية فإنَّ مالك العقار ينقل ملكية عقاره إلى شركة مساهمة مثلاً في طور التأسيس، حيث يتمُّ تقدير قيمة العقار، وبناءً على المبلغ المُقدَّر كثمنٍ لهذا العقار، تقوم الشركة بالإصدار الأولي لأسهُمِهَا، ويَحظَى مال العقار بعددٍ من الأسهم يساوي قيمة العقار.
كما يستطيع مالك العقار أن يَدخُلَ مساهماً إلى الشركة وهي في طور زيادة رأس المال بنفس الطريقة، فيحصل كذلك على عددٍ من الأسهم يساوي قيمة عقارِهِ المُقدَّرة.
وبغضِّ النظر عن إشكاليات التقييم والمبالَغَةِ فيه -والتي كانت موضوع مقالنا السابق-، ففي هذا المقال سأطرح مسألة أخرى غايةً في الأهميةً خلال المرحلة الاقتصادية العالمية الحَرِجَة التي نعيشها اليوم، ألا وهي احتمال حدوث انخفاضٍ حادٍّ بأسعار العقارات.
حيث إنَّ سوق العقارات يخضع لقوى العرض والطلب؛ أي أنَّ سعرُ أيِّ عقارٍ يُحدِّدُهُ حجم المعروض من العقارات من جهةٍ، وحجم الطلب على هذه العقارات من جهةٍ أخرى.
وفي الواقع اليوم، نَجِدُ تباطؤاً اقتصادياً، وارتفاعاً حاداً في مستوى التضخم والبطالة لدى الولايات المتحدة والدول الأوروبية؛ الأمر الذي سيؤدِّي إلى تخفيض الطلب على العقارات بسبب انخفاض السيولة، وبالتالي زيادة العرض على حساب الطلب، وهكذا ستنخفض أسعار العقارات. هذا إلى جانب عواملٍ أخرى، منها زيادة العوائد على الودائع النقدية في تلك الدول؛ وهو ما قد يجعل أصحاب السيولة يتَّجهُونَ نحو الودائع بسبب رِبحِهَا المضمون وليس إلى شراء العقارات.
وعلى اعتبار أنَّ الاقتصاد الأمريكي والأوروبي يؤثِّر في جميع الاقتصاديات العالمية تقريباً؛ بسبب اتِّسَاعِهِ وتَرَابُطِ العلاقات الاقتصادية مع دول العالم، فإنَّ انخفاض أسعار العقارات لن يلبث أن ينتَشِرَ عالمياً بشكلٍ واضحٍ.
فماذا سيحدث لشركة المساهمة التي يكون جزء كبير من رأس مالها على شكل حصصٍ عينيةٍ عقاريةٍ؟
في الواقع، سيؤدِّي انخفاض أسعار العقارات إلى انخفاضٍ في قوة المركز المالي لأية شركةٍ فيها حصصٌ عقاريةٌ تُمثِّلُ جزءاً جوهرياً من رأس المال؛ وبالتالي لن تَقتَصِرَ الأزمة على شركات المساهمة ذات النشاط العقاري، بل ستَمْتَدُّ إلى أية شركاتٍ تُمثِّلُ العقارات جزءاً من حصصها العينية.
وهنا نتساءل: هل يمكن نقل المخاطرة من الحصة العقارية على الشريك الذي كان قد قدَّم العقار كحصَّةٍ عينيةٍ وأخذ لقاءها كميةً من الأسهم؟
وفقاً لنظام الشركات، فلا يمكن الرجوع على الشريك الذي كان قد قدَّم الحصَّة العقارية، طالما كان تقدير قيمَتِهَا دقيقاً وغير مبالغٍ فيه في وقت تقديمِهَا.
أمَّا بعد تأسيس الشركة أو زيادة رأس مالها، فإنَّ العقار يُصبِحُ جزءاً من ممتلكات الشركة بذمَّتِهَا المالية المستقلَّة عن المؤسِّسين والمساهمين.
أي أنَّ انخفاض قيمة العقار الذي يُمثِّلُ جزءاً عينياً من رأس مال الشركة؛ هو من المخاطر المُتَوَقَّعَةِ التي يَقَعُ عِبؤُهَا على الشركة بشخصيَّتِهَا الاعتبارية المالِكَة لهذا العقار.
بناءً عليه، فلم ينظِّم نظام الشركات أن يتمَّ إعادة تقييم العقارات كحصصٍ عينيةٍ بغرض الرجوع على المساهم الذي كان قد قدَّمَهَا، بل يبقى هذا المساهم حامِلَاً لأسهُمه الصادرة بناءً على التقدير القديم للعقار وقت تقديمه للشركة.
فإذا قدَّم مستثمرٌ لشركةٍ ما عقاراً كانت قيمته (10) مليون ريال، ثم تمَّ تأسيس الشركة برأس مال قدره (20) مليون ريال، فإنَّ المستثمر الذي قدَّم العقار كحصَّةٍ عينيةٍ سيحصل على (50%) من أسهم الشركة، وتصبح هذه الأسهم ضمن ملكية المستثمر الذي قدم العقار، فيما تَنتَقِلُ ملكية العقار إلى الشركة.
لنفرض هنا أنَّه بعد سنة انخفضت أسعار العقارات إلى النصف، وأصبح سعر العقار المُقدَّم للشركة 5 ملايين ريال، فهكذا يكون المساهم الذي قدَّم العقار كحصةٍ عينيةٍ مالِكَاً لأسهمه، ولا تجوز مطالَبَتُهُ بإرجاع نصف الأسهم أو تعويض الشركة مثلاً؛ لأنَّ المخاطرة هي جزءٌ من الاستثمار.
لكن في الواقع، قد تنخفض القيمة السوقية للشركة بشكلٍ كبيرٍ مع انخفاض العقار الذي يُمثِّل جزءاً من رأس مالها، وبالتالي ستنخفض معها قيمة الأسهم التي نالَهَا بعد تقديم العقار نتيجة انخفاض القوة المالية للشركة.
فإذاً، كيف يمكن أن تَتَعَامَلُ إدارة الشركات مع الانخفاض الحاد في مركز الشركة المالي نتيجة انخفاض الحصَّة العينية العقارية؟
إذا كان السوق العقاري متذبذب الأسعار أو يسير نحو الهبوط بما يجعل مهمة تقدير قيمة العقار صعباً؛ فيجب على إدارة الشركات عدم الاعتماد على العقارات كجزءٍ من رأس المال بما يتجاوز نسبةٍ مُحدَّدةٍ من قيمة رأس المال، كما يُفضَّل تخفيض نسبة الأصول العقارية من رأس المال الشركة إلى حدود تلك النسبة المُحدَّدة، وعدم زيادة رأس المال عبر إضافة حصَّةٍ عينيةٍ عقاريةٍ حتى تستقرَّ الأسعار في السوق العقاري.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال