الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعرف طاقة الأرض الحرارية (Geothermal Energy) بأنها الطاقة الحرارية المتكونة في باطن الكرة الأرضية بسبب نشأتها منذ ملايين السنين. وتتكون نواة الكرة الأرضية من كتلة من المعادن أهمها الحديد والنيكل المصهور بدرجة حرارة تقدر بـ 6000 درجة مئوية. وتتسرب هذه الحرارة العالية من نواة الكرة الأرضية عبر الطبقات الأرضية إلى أن تصل إلى طبقة قشرة الكرة الأرضية، والتي تصل سماكتها من 70 كم إلى 100 كم، بدرجات حرارة متفاوتة تبعا للتشققات في الصخور والمواد المكونة للطبقات المختلفة للكرة الأرضية. وقد تتسرب إلى سطح الكرة الأرضية فيما يعرف بالعيون الحارة (Hot Springs).
إنه من الممكن إستخراج هذه الطاقة الحرارية وإستخدامها في توليد طاقة كهربائية تعمل طوال السنة (baseload) وهي طاقة متجددة ومستدامة ونظيفة بدون إنبعاثات كربونية ويعتبر سعرها منافس لتقنيات الطاقة المتجددة الأخرى المعروفة اليوم مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.
إن طاقة الأرض الحرارية هي طاقة متواجدة في جميع نواحي الكرة الأرضية، إلا أنّ القدرة التقنية والعملية على الوصول إليها عن طريق الحفر وإستخراجها والإستفادة منها يحدده عوامل عديدة مهمة منها بُعْد المكمن الحراري عن سطح الأرض. فإذا كان المكمن على بُعد من 3000 متر إلى 5000 متر عن سطح الأرض فتكون هناك قدرة تقنية للوصول إليه وإستخدامه في توليد الكهرباء شريطة توافر عوامل أخرى مهمة في مواصفات المكمن الحراري والتي تحدد سلفا عن طريق مسوحات متخصصة لطاقة الأرض الحرارية.
وقد يكون المكمن الحراري بعيدا عن سطح الأرض بحيث يكون الوصول إليه عن طريق الحفر عملية مكلفة جدا وتؤثر سلبا على إقتصاديات مشروع توليد الطاقة الكهربائية. كما أنه في بعض الأحيان تكون تقنيات الحفر المعروفة اليوم ليست لها القدرة على الوصول إلى تلك الأبعاد العميقة (10،000 متر إلى 12،000 متر) للوصول إلى مكمن طاقة الأرض الحرارية.
وتتميز بعض المناطق بقرب مكامن الطاقة الحرارية من سطح الكرة الأرضية فيسهُل إستخراجها وإستخدامها في توليد طاقة الأرض الحرارية. وتنتشر هذه الأماكن في نواحي عديدة من الكرة الأرضية ولكنها غالبا ما تكون قريبة من الصفائح التكتونية للكرة الأرضية (Tectonic Plates) مثل منطقة ”الحزام الناري“ في المحيط الباسيفيكي والتي تشمل حوالي 75٪ من النشاط البركاني المعروف في الكرة الأرضية وتمتد من غرب قارتي أمريكا الجنوبية والشمالية وينحني وصولا إلى غرب أستراليا.
ولقد تسببت تحركات الصفائح التكتونية للكرة الأرضية في تكوين البحر الأحمر قبل ملايين السنين. وتسببت أيضا في تكوين منطقة” صدع شرق أفريقيا” (East African Rift) والذي يمتد 3000 كم بطول شرق قارة أفريقيا. ويقابله من الجهة الأخرى المنطقة المعروفة” بالدرع العربي” (Arabian Shield) في غرب الجزيرة العربية والذي يقع معظم مساحته في حدود أراضي المملكة العربية السعودية اليوم.
بحسب هيئة المساحة الجيولوجية. وهي الجهة الرسمية المخولة بالمسح الجيولوجي في المملكة. فإن منطقة الدرع العربي التي تقع ضمن حدود المملكة العربية السعودية تمثل ما مساحته 580 ألف كم2. وتشتمل هذه المنطقة على عدة مناطق بركانية وهي التي تعرف بالحرَّات والتي تتكون من 19 حرَّه رئيسية مجموع مساحاتها حوالي 90 ألف كم2. (1)
وتتفاوت مساحات الحرّات المنتشرة في منطقة الدرع العربي. فأكبر الحرّات مساحة هي حرة رهاط وتقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة بمساحة 20 ألف كم2. وأصغرها حرّات طَفيل وشامة ودام في منطقة مكة المكرمة بمساحة 80 كم2.
تحتوي منطقة الدرع العربي والحرّات على الكثير من الجبال البركانية المعروفة على مدى التاريخ. مثل جبل الملساء التاريخي. والجبل الأبيض. وجبل القِدْر. وجبل البيضاء. وجبل الوعبة. وجبل أبو نار. وغيرها كثير. وفوهة هَرْمة هي أكبر فوهة بركانية في المملكة بعرض 7000 متر وعمق 50 مترا. تليها فوهة جبل الوعبة في حرة كشب بعرض 2000 متر وعمق 220 مترا.
كما أن هناك بعض العيون الحارة (Hot Springs) في مناطق من المملكة مثل الأحساء والليث وجازان تعتبر مقصدا لأهالي المنطقة للإستشفاء بالمياه الكبريتية الحارة. كما وأنها تجلب بعض النشاط السياحي من مختلف مناطق المملكة. والأمل معقود في الجهات الرسمية المسئولة عن السياحة بالمملكة في تنميتها ورفع طاقاتها الإستيعابية لتكون مقصدا سياحيا للمهتمين داخل المملكة وخارجها.
والعيون الحارة هي دلالة أوّلية على وجود مكامن طاقة أرض حرارية قريبة من سطح الأرض وقد يكون من الممكن، بعد إجراء عمليات المسح المتخصصة، إستخدامها في توليد الطاقة الكهربائية.
سيكون هذا المقال مقدمة لسلسلة من المقالات عن طاقة الأرض الحرارية وأهمية إطلاق هذا المصدر المهم من مصادر الطاقة المتجددة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (المملكة العربية السعودية، حقائق وأرقام). هيئة المساحة الجيولوجية السعودية. الطبعة الأولى 2012
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال