الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تهدف رؤية السعودية 2030 إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل؛ والقاعدة الأساسية لتحقيق هذا الهدف؛ هي تحقيق الاستفادة الكاملة من التحول الرقمي، ويكون ذلك عبر تفعيل دور الجهات الحكومية بالتعاون مع القطاع الخاص لدعم التحول الرقمي.
سيسهم تفعيل دور الجهات الحكومية والقطاع الخاص بشكل كبير في رسم خارطة الطريق نحو الاحترافية وتحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى التنوع الاقتصادي وتعزيز الابتكار، وهو ما يساعد في تحسين تصنيف المملكة العربية السعودية عالميًا على كافة الأصعدة.
من خلال فهمها العميق لأهمية التحول الرقمي؛ لم تقم حكومة المملكة بسنّ قوانين لتنظيم التحول الرقمي فحسب، بل أنشأت أيضًا مؤسسة خاصة بذلك -هيئة الحكومة الرقمية- التي يكمن دورها في توجيه ومراقبة عملية التحول الرقمي بأكملها، حيث أنفقت المملكة ما يصل إلى 12 مليار ريال على التحول الرقمي في القطاعات العامة خلال عام 2021، وكان لهذا الإنفاق الأثر الملموس، ومن المتوقع أن يزداد أيضًا خلال العامين المقبلين.
وبفضل الجهد الكبير الذي بذلته الحكومة السعودية في التحول الرقمي، احتلت المملكة المرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين من حيث القدرة التنافسية الرقمية الصادرة عن المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية.
علاوة على ذلك، صنف مؤشر “تنمية الحكومة الإلكترونية” المملكة العربية السعودية في المرتبة 43 عالميًا في عام 2020 (التصنيف الأحدث)، حيث ارتفعت إلى 9 مراتب مقارنة بالتصنيف الأسبق، وبسبب تطور التحول الرقمي؛ زادت مشاركة المرأة في القطاعات ذات الصلة بأكثر من 50 % خلال السنوات القليلة الماضية، ومن هذا المنظور؛ فإن التحول الرقمي يفيد المملكة العربية السعودية سياسيًا على الصعيدين الدولي والمحلي.
إلى جانب الفوائد السياسية للتحول الرقمي، أفاد الإنفاق على التحول الرقمي أيضًا العديد من القطاعات الأخرى، مثل الصحة والتعليم والتجارة والسياحة والثقافة والخدمات الحكومية والبنية التحتية وما إلى ذلك.
في ملف الصحة الإلكترونية؛ بلغ عدد المسجلين في نظام المواعيد على الإنترنت 5,5 مليون مواطن، وتم تحديد ما يصل إلى 9 ملايين موعد خلال عام 2021، وتم بناء 506 مراكز طبية عبر النظام الذي طورته شركة “علم”.ومن خلال منصة وزارة الصحة عبر تطبيق “صحتي”؛ تم إجراء 18,767 استشارة صوتية و 4,962 مكالمة فيديو. وتم منح الإجازة المرضية من قبل ذات النظام لموظفي الحكومة، وتم تسجيل 10,381شخصًا في هذا التطبيق، و 8,821 شخص بطلب تجديد الوصفات الطبية.
مما لا شك فيه أن التحول الرقمي في قطاع الصحة لا يجعل النظام بأكمله أكثر كفاءة فحسب، بل إنه يقلل أيضًا من الكثير من التكاليف لكافة الأطراف، وستكون تكلفة البحث الطبي لجمع البيانات أقل بكثير من السابق،والبيانات التي تم جمعها أكثر دقة، وهذا ما يسمى بـ “الوضع ثلاثي المكاسب”.
وبالنسبة لنظام التعليم، فقد استفاد العديد من المدارس والمعلمين والطلاب من التحول الرقمي، ففي عام 2020، كانت 50٪ من المدارس متصلة بالإنترنت، و1,893مدرسة متصلة بـ “بوابة المستقبل”، وهي منصة إدارة التعليم على مستوى الدولة، من رياض الأطفال إلى المرحلة الثانوية.
وقد تخطى مستخدمو بوابة المستقبل أكثر من 16 منطقة تعليمية، مع ما يقارب من نصف مليون مستخدم (498,000مستخدم).ويقدم نظام “نور” خدمات مجانية للطلاب وأولياء الأمور للتحقق من الحالة التعليمية للطلبة، ووصل عدد مستخدمي النظام إلى 10 ملايين، و36,6 مليون شهادة محفوظة خلال عام 2020 فقط.
كما أتاح النظام الوطني للمقترحات والشكاوى “تواصل” للمستخدمين إمكانية تقديم اقتراحاتهم وشكاواهم إلى أي جهة حكومية إلكترونيًا، وخلال عام 2020؛ تم إجراء 432,122 مكالمة، و 153,822 تقريرًا، و 49,433 استشارة عبر ذات النظام في العديد من القطاعات والجامعات والكليات، وإلى جانب إتاحة وصول المستخدمين إلى الجهات الحكومية؛ فإن هذه المنصة تزيد أيضًا من شفافية النظام الحكومي.
أما بخصوص قطاع التجارة؛ فقد تم إطلاق 500 متجر إلكتروني خلال عام 2020 عبر منصة برنامج “طموح”، والتي تهدف إلى تقديم المساعدة والدعم في تطوير شركات التكنولوجيا الصغيرة والمتوسطة، وبلغت قيمة العمليات عبر المنصة نحو 9 ملايين، كم بلغ عدد العمليات باستخدام قاعدة بيانات العنوان الوطني 28,7 مليون عملية خلال عام 2020، مع ربط 35 جهة بقاعدة البيانات.
وعن دفع قيمة التعاملات؛ فإن منصة برنامج “طموح” تتلقى العديد من المزايا أكثر من أي وقت مضى، حيث كانت هناك زيادة بنسبة 100٪ في عدد معاملات التجارة الإلكترونية، وزيادة بنسبة 600٪ في عدد معاملات خدمة “أثير” خلال عام 2020، وبالنسبة للتكنولوجيا المالية؛ فقد بلغ عدد المشاريع 21 مشروعاً قيد التنفيذ، وارتفعت نسبة عدد المتاجر الإلكترونية والعملاء النشطين للربع الثاني من عام 2020 مقارنة بالربع الأول من نفس العام لتبلغ 100% .
ومن جهته؛ فقد وضعت المملكة نظام التجارة الإلكترونية لتعزيز الثقة في المعاملات الإلكترونية، وحماية حقوق المستهلك، ونتيجة لذلك؛ سيعزز هذا النظام ثقة المستهلكين في المحفظة الرقمية، مما يجعل المعاملة أكثر سهولة وفعالية من حيث التكلفة.
إلى جانب الإنجازات المذكورة أعلاه، فقد بدأت المملكة أيضًا في تفعيل خطة المدن الذكية، فخلال عام 2020؛ تم تركيب أكثر من 35000مصباح LED في 8 مدن، كما تم إنشاء ما يصل إلى 1100 موقف ذكي للسيارات، ومن المتوقع أن تزداد هذه الأرقام في السنوات القليلة المقبلة، حيث توقعت الخطة إنشاء المزيد من مصابيح LED والمزيد من مواقف السيارات الذكية، ويعمل مشروع مترو الرياض كمحور رئيسي في تطوير خدمات النقل الذكية، والذي تم الانتهاء من تنفيذه حاليًا.
ويهدف مترو الرياض إلى خدمة ما يصل إلى 100 ألف شخص يوميًا، ومن دون التحول الرقمي، قد يصعب خدمة هذا العدد الكثير من الأشخاص بشكل يومي، حيث سيسهم تطبيق التحول الرقمي في نظام تشغيل المترو في تقليل العمليات اليدوية، وبالتالي تقليل نسبة الخطأ البشري، وتحسين كفاءة التشغيل، وهو ما سيساعد في الوصول إلى العدد المستهدف من الأشخاص.
كما أطلقت المملكة مبادرة البنية التحتية لاتصالات المدن الصناعية، ففي عام 2020؛ بلغ عدد المصانع 505، تعمل في مدينة سدير الصناعية والمدينة الصناعية الثانية في جدة، ففي ظل هذا التحول الرقمي، زادت كفاءة المصانع بحوالي 30٪ -50٪، وانخفضت التكاليف لنحو 20٪ -30٪.
وعلى الصعيد الآخر؛ يفيد التحول الرقمي أيضًا قطاع السياحة والثقافة، فخلال عام 2020، تمكّن 7,5 مليون زائر من المعتمرين من إنهاء إجراءاتهم باستخدام التكنولوجيا الرقمية، وبلغ متوسط عدد المعتمرين من عام 2000 إلى 2019 حوالي 2,2 مليون، وهو ما يعادل أقل من ثلث المعتمرين في 2020، بمعنى آخر، إذا كان متوسط عدد الزوار من 2000 إلى 2020 هو 2,45 مليون، وهو حوالي 11٪ أكثر من المتوسط من 2000 إلى 2019، فيمكننا أن نرى وبسهولة التحسن والارتفاع الكبير في عدد الزوار نتيجة للتحول الرقمي.
ويوفر التحول الرقمي مزايا ضخمة للخدمات الحكومية، فخلال عام 2020، كان هناك 12,8 مليون مشترك في منصة “أبشر” للتعامل مع شؤونهم الحكومية، وبلغ متوسط الوقت اللازم لإدارة أي خدمة ” 3 دقائق”.
كما وفرت الخدمات الرقمية حوالي 15 مليار دولار للحكومة، حيث شملت كافة الخدمات والشؤون الحكومية، وتضمنت أيضًا إدارة الوثائق، والتحقيقات المالية، والإسكان، والنقل، والمياه، والكهرباء، والزراعة، ونظام المحاكم، والإعلام، جميع هذه القطاعات استفادت من التحول الرقمي.
إن تطبيق التكنولوجيا الرقمية، يجعل الخدمات الحكومية أكثر كفاءة، وأقل تكلفة، ويقلل بشكل كبير من الأخطاء البشرية، وهو ما يسمى بـ التحول الرقمي، ولا شك أنه سيستمر في إفادة جميع جوانب المجتمع، وستنتفع منه أيضاً بعض القطاعات والشركات.
تشكلت أهم 10 اتجاهات في التحول الرقمي للمملكة في التحول إلى الجيل الخامس 5G، والذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية والمشروبات، وخدمة العملاء الرقمية، وأتمتة العمليات الروبوتية، والتعليم عبر الإنترنت، والمدفوعات الرقمية، والأمن السيبراني “السحابي”، والطائرات بدون طيار “الدرونز” في الكشف عن النفط، والطباعة ثلاثية الأبعاد في التصنيع، والصحة الرقمية.
ومن أعظم نجاحات التحول الرقمي على الصعيد العالمي؛ هي أكبر شركة تكنولوجيا في الصين -علي بابا-، التي تمتلك أكبر منصة للتجارة الإلكترونية في الصين، وتطبق التكنولوجيا المالية (نظام المدفوعات الرقمية) الشهير عالميًا، والخدمات اللوجستية، وخدمات التسويق، وحتى الوسائط الرقمية.
وكان المهندس “دينسو هارا ماساهيرو” قد اخترع رمز الاستجابة السريعة قبل 25 عامًا، لكن “علي بابا” جعل رمز الاستجابة السريعة مشهورًا في الصين. حيث أصبحت مدفوعات رمز الاستجابة السريعة واستقبال الأموال هي الطريقة الأكثر شيوعًا للمعاملات والأنشطة المالية في الصين.
وقامت علي بابا ببناء إمبراطوريتها في الصين استنادًا إلى منصة التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، ويعتبر ومثال “علي بابا” إيجابيًا لقوة التحول الرقمي، فقد لا تنسخ المملكة العربية السعودية تمامًا نفس الطريقة التي نجح بها “علي بابا”، ولكن تعمل المملكة جاهدة لبناء نجاحها الخاص في التحول الرقمي، وهو ما أثبتته البيانات المذكورة في هذه المقالة.
أحد الآثار الاقتصادية أو المالية المباشرة التي يمكننا رؤيتها بعد تطبيق التحول الرقمي؛ هي تقليل نسبة التكلفة، وهذا ارتباط مباشر آخر بين التحول الرقمي والاقتصاد، حيث أن زيادة التحول الرقمي بنسبة 10٪ ستزيد 0,50٪ إلى 0,62٪ في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، فكلما كان التحول الرقمي أكثر تقدمًا، زاد تأثير التحول الرقمي على الاقتصاد المحلي.
قامت حكومة المملكة العربية السعودية بعمل استثنائي في تطبيق التحول الرقمي على كافة جوانب المجتمع، لكن لا يزال هناك أكثر من 50٪ من سكان المملكة العربية السعودية؛ لم يستفيدوا من خدمات التحول الرقمي.
تتمحور الخطوة التالية في أن يعرف ويستوعب كافة سكان المملكة من مواطنين ومقيمين؛ أن الحكومة قد وفرت فرصًا وإمكانيات هائلة لإتاحة وصولهم إلى خدمات التحول الرقمي، وأن التحول الرقمي يمكن أن يوفر لهم المزيد من المعرفة والفرص والكفاءة في حياتهم.
إن الاستمتاع بمزايا التحول الرقمي سيجعل الناس أكثر ذكاءً ومعرفة، وعندما يصبح الناس أكثر ذكاءً ومعرفة، فإنهم سيعملون على إنتاج وابتكار تقنيات أكثر تقدمًا، وبالتأكيد ستساعد هذه الدورة الإيجابية على تحسين الإنتاج التكنولوجي في المملكة العربية السعودية وتحقيق رؤية السعودية 2030، فالتحول الرقمي للمملكة العربية السعودية؛ هو في الواقع تحول “للشعب السعودي”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال