الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الرابع من شهر صفر عام 1418هـ كتبتُ مقالاً بصحيفة الرياض بعنوان: واقعنا المهني كيف كان… وكيف اصبح؟ تحدثتُ فيه عن أهمية التدريب الفني والتقني كأحد مرتكزات التنمية وعزوف الشباب حينئذ عن ذلك .. اليوم بات التدريب التقني ايقونة من الشغف للكثير من الشباب واكاد اجزم ان طموحاتهم تتجاوز مفاهيم القبول الى ابعد من ذلك إذْ يمثل بيئة مثالية لتطوير المهارات والمعارف وفرص العمل فالفرص التدريبية المتاحة حالياً في أكثر من (250) تخصصاً نوعياً هي بمثابة جسر يوفر خيارات مستقبلية واعدة تواكب النهضة التنموية التي تشهدها بلادنا الغالية في كافة المجالات.
المتابع للحراك التقني والمهني التي تقوم به بامتياز المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني يشير الى تركيز المؤسسة على جودة مخرجاتها بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل وخاصة في محور المهارات التطبيقية الحالية والمستقبلية، لذلك فإن أحد الجوانب المهمة هو قدرتها على تدريب القوى العاملة المستقبلية وفهم المهارات المتطورة ودورها الحيوي في تحديد تلك الوظائف والمهارات المستقبلية التي ستكون مطلوبة في سوق العمل خلال السنوات القادمة.
تركز رؤية المملكة 2030 على رفع اسهامات القطاع الخاص وهو ما يتطلب معه بناء منظومة بشرية تعزز العلاقة بين تطوير المؤهلات التي تعترف بالمهارات المشتركة، وتقديم مخرجات تقنية ومهنية أوسع تواكب مرونة سوق العمل مما نتج عنه انخفاض في تكرار منتج التدريب الغير ضروري وتعزيز العلاقة بين منتجات التدريب واحتياجات التدريب ومسارات التوظيف إضافة الى زيادة مرونة منتج التدريب الذي يستشرف المستقبل وتعزيز الاستجابة لاحتياجات الصناعات المتغيرة وهو ما يجري حاليا داخل المؤسسة بعد اذْ استكملت التغييرات الجديدة للتخصصات والمهارات وفق واقع سوق العمل.
وماذا بعد؟
وفقاً للتقرير السنوي للمؤسسة لعام 2021 يبلغ عدد المتدربين في الكليات التقنية في المملكة 220,705 متدرباً و24,295 متدرباً في المعاهد الثانوية الصناعية ومعاهد العمارة والتشييد و 5,265 في المعاهد الصناعية المهنية بالسجون و 47,312 متدرباً في البرامج التأهيلية وبرامج الدبلوم بالتدريب الأهلي و 6,155 متدربا في معاهد الشراكات الاستراتيجية و 16,435 متدربا في الكليات التقنية العالمية في حين وصل عدد الكليات التقنية الى 138 كلية و 1203 معهدا اهليا و 65 معهدا ثانويا صناعيا و37 منشأة تدريبية بمعاهد السجون ومن المتوقع ان تتوسع في كثير في الطاقة الاستيعابية بعد تطبيقها للنظام الثلثي ودراسة الاحتياجات الافقية لسوق العمل.
لقد انهت المؤسسة مؤخرا ضمن توجهاتها الاستراتيجية التي تتواءم مع المتغيرات السريعة في سوق العمل مراجعة (69) تخصصاً، وقامت بتحديث وتطوير (31) تخصصاً في مرحلة الدبلوم والبكالوريوس، وكذلك تطوير (15) قسماً من اقسام الكليات التقنية بالتعاون مع أصحاب العلاقة وبمشاركة القطاع الخاص وهو ما سيعزز من جاذبية انخراط الخريجين بسوق العمل بكل جدارة حيث سبق ذلك ولا يزال القيام بالبحوث والدراسات وعمل المقارنات المرجعية وبناء استطلاعات رأي للمختصين في الميدان وتنفيذ ورش العمل والاطلاع على تجارب إقليمية ودولية مشابهة.
وبالنظر الى رؤية المؤسسة وأهدافها الطموحة تواصل دورها المأمول نحو التكيف السريع مع المتغيرات وتجاوزها للعديد من التحديات من خلال الإسهام الفاعل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بتوفير التدريب التقني والمهني لأبناء وبنات الوطن بالجودة والكفاية التي يتطلبها سوق العمل، وتحقيق ريادة عالمية تكفل الاستقلالية والاكتفاء الذاتي، كما تشمل رسالتها على عدة نقاط حيوية حيث تضطلع بتقديم وتطوير وترخيص البرامج التدريبية التقنية والمهنية ، حسب الطلب الكمي والنوعي لسوق العمل للذكور والإناث، وسن التنظيمات المختصة بجودتها وكفايتها والإشراف عليها، وتوعية المجتمع بأهمية التدريب التقني والمهني وإتاحة فرصة التدرب لجميع الفئات العمرية بغض النظر عن الوضع المهني أو الوظيفي والتشجيع على العمل الحر والقيام بالأبحاث والمشاريع الضرورية لمتابعة التطورات التقنية والتوجهات العالمية في مجال التدريب التقني والمهني والمشاركة في البرامج الوطنية التي تتبنى نقل وتوطين التقنية وتوفير الدعم لها ودعم وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال التدريب التقني والمهني ومن أهدافها الاستراتيجية الهامة: استيعاب أكبر عدد من الراغبين في التدريب التقني والمهني للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة وتأهيل وتطوير الكوادر البشرية الوطنية في المجالات التقنية والمهنية وفقًا لطلب سوق العمل الكمي والنوعي. وتقديم البرامج التدريبية بالجودة والكفاية التي تؤهل المتدرب للحصول على الوظيفة المناسبة في سوق العمل أو التي تجعله قادراً على ممارسة العمل الحر، والقدرة على التكيف والتعامل بنجاح مع التحديات والتغيرات استناداً إلى الأبحاث والدراسات التطبيقية وبناء شراكات استراتيجية مع قطاعات العمل لتنفيذ برامج تدريب تقنية ومهنية.
اما على صعيد التحول الرقمي والمؤسسي فقد أنشأت المؤسسة برنامجا متكاملا عن ذلك بهدف قياس مؤشر مستوى نضج المؤسسة لدى مركز أداء الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية. كما قامت في ذات الصدد بتأسيس مشروع التقييم الذاتي لمؤشر مستوى نضج المؤسسة على منصة BI Power والتي بدورها تمكن من ربط التخصصات التدريبية بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني مع وزارة الموارد البشرية. مما يسهل من المراجعات واتخاذ القرارات بمرونة وسرعة عالية إضافة الى توفير لوحة تحكم لخريجي المؤسسة وحالتهم الوظيفية، علما بأن الإجراءات الإدارية والتدريبية في المؤسسة تعتمد على كليا على التقنية الحديثة دون استخدام الأوراق، وتواصل المؤسسة رحلتها نحو التحول الرقمي من خلال حوكمة تنظيمية داعمة لهذا التوجه واستراتيجية فاعلة تقود التحول الرقمي بالمؤسسة بأولويات استراتيجية مُمكّنة لهذا التحول وصولاً الى توفير مسارات مرنة ومتنوعة ضمن أنظمة تدريب تتماشى مع قطاع الاعمال وتقديم تدريب تقني ومهني قائم على الطلب وتعزيز جودة التدريب وجودة المؤسسية وتوفير برامج وشراكات يقودها أصحاب العمل وتعزيز مفهوم التدريب التقني والمهني وجذب المتدربين والذي بدوره سيسهم في تطوير رأس المال البشري وحوكمة فاعلة لأداء أفضل ومن ثم تحقيق أفضل النماذج العالمية في التحول الرقمي والابتكار وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030
مجمل القول: تواصل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني جهودها الفاعلة نحو تحقيق أعلى معايير الجودة في العملية التدريبية وهو ما عكس حصولها على العديد من الشهادات والجوائز الداخلية والعالمية وصولا إلى إيجاد بيئة آمنة ومحفزة للعمل والتدريب ، كما أنها تشجع الاستثمار في التدريب التقني والمهني الأهلي كواحدٍ من اهم الابعاد الجديدة التي تترابط معها كافة عناصر الإنتاج ، مما يمهد الطريق أمامها للتوسع في المجالات التدريبية المتقدمة الداعمة للخطط الوطنية والمشاركة في برامج نقل وتوطين التقنية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال