الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سعيًا للوصول لمستهدفات استراتيجية المملكة 2030 من خلال خصخصة الجامعات السعودية مع الوصول لدرجة عالية من الرشاقة التنظيمية والكفاءة الماليَّة، والتي تسهم في تطوير مخرجات الجامعات لتحقيق الهدف (بوصول خمس جامعات سعودية لمصافّ أفضل 200 جامعة في العالم)؛ توَّجب وضع استراتيجية واضحة لكل جامعة من الجامعات السعودية، على أن يكون أحد أهم ركائزها الوصول لدرجة عالية من الاستقلالية الماليَّة لتسهيل عملية التحول المنشود.
حاليًا، تعتمد الجامعات على الدعم الحكومي في الغالبية العظمى لتمويل ميزانياتها. منذ فترة ليست بالبعيدة، بدأتْ الكثير من الجامعات أولى خطواتها لتعزيز الموارد الماليَّة؛ وذلك من خلال إنشاء كيانات وقْفيَّة تتيح لها الاستثمار؛ كون اللوائح الخاصة بالجامعات السعودية سابقًا لم تكنْ تُتيح للجامعات الاستثمار بأي شكل من الأشكال.
هذه الانطلاقة تُحسب لكل جامعة بادرتْ بالانتفاع من إحدى الطرق المتاحة في حينه؛ وذلك لإيجاد موارد ماليَّة جديدة للجامعات. في الجانب الآخر، عدد قليل من الجامعات (٧ جامعات) أنشأتْ شركات استثمارية خاصة وذلك لممارسة أعمال استثمارية تشغيلية بحسب توجه كل جامعة، وهذا يبيّن أن غالبية الجامعات ليس لديها كيانات استثمارية منعزلة؛ وإنما لديها كيانات وقْفية مُنشأ من خلالها شركات أو في طور إنشاء شركات وقْفية يتم من خلالها استثمار أصول الجامعات.
في عام ١٤٤٢هـ أعلن مجلس شؤون الجامعات اللائحة المعدلة، والتي تتيح للجامعات الاستثمار في أصولها النقدية والثابتة والمنقولة؛ وذلك من خلال تشكيل لجنة متخصصة بالاستثمار تتضمن متخصصين مستقلين من خارج الجامعة. هذا التحديث على اللائحة -في وجهة نظري- أحدث حالةً من التردد لبعض الجامعات السعودية بكوْن مَنْ هو المسؤول عن الاستثمار بالجامعات، خصوصًا وأن أغلب الجامعات أنشأتْ إدارات أو أمانات خاصة بإدارة الأوقاف، لهذا السبب سنتطرق لدور الأوقاف الذي يجب أن يُمارس في الجامعات السعودية، ومَنْ هو الطرف الأنسب لأن يكون المسؤول عن إدارة استثمارات الجامعات.
في البداية، المقصود بالوقْف هو حبْس الشيء وتعليق بيعه على أن يتم التصرف بإيراداته على المجالات التي يُحددها الواقِف. بالتالي يمكن أن يكون الوقف بالنسبة للجامعات هو تخصيص أصْل ما مِنْ قِبل الواقِف، وأن يكون مُدرًّا، على أن يُصرف من إيراده على أنشطة تعليمية أو بحثية أو منح دراسية لفئة معينة من المجتمع، أو أن يكون مبلغًا من المال ويحدّد بِه الواقف آلية استثماره عن طريق إنشاء كيان وقْفي، ويُصرف إيراده على المصارف المحددة من الواقِف.
وهنا يجب أن نؤكد أن وجود أوقاف لدى الجامعات من شأنه أن يُسهم في تكوين قاعدة مستفيدين من برامجها وأنشطتها وخدماتها بشكل مستمر ومدفوعة التكاليف مقدمًا. بالتالي تصبح الجامعات في مركز مالي أقوى ومن شأنه أن يهيئ لها بيئة مناسبة للتطور والإبداع. مما يؤكد أهمية وجود الأوقاف في الجامعات السعودية كونها ممارسات متقدمة ومتميزة لأفضل الجامعات العالمية، على سبيل المثال جامعات: هارفرد وييل وستانفورد، والتي تُعدّ الأكبر من ناحية الأوقاف الجامعية عالميًّا، ومِن الجامعات التي تُقدم مخرجًا تعليميًّا متميزًا.
لتمكين الأوقاف الجامعية بشكل مثالي يجب أن يكون دور هذه الكيانات واضحًا لها وللجهات المستفيدة (الجامعات) لكي تتحقق الأهداف المرجوة. في وجهة نظري الشخصية وبناءً على اللوائح المعدلة، يجب أن يقتصر دور الجامعات بما يخص القطاع الوقفي باستقطاب المتبرعين الراغبين بأن تسهم تبرعاتهم في تعزيز التنمية الاجتماعية بشكل عام، وخصوصًا لرؤوس الأموال التي تعي أهمية الاستثمار في التعليم (علمني كيف أحصل على المال ولا تُعطني إياه) وأنها صدقة جارية للمتبرع بهذا العلم وللأجيال القادمة من بعده.
هنا يتجلى دور مسؤولي الأوقاف في الجامعات في مدّ جسور التواصل مع المتبرعين المهتمين بتنمية التعليم المحلي ومحاولة كسب ثقة رؤوس الأموال الراغبة بالإسهام الاجتماعي من إدارة مسؤولي الأوقاف الجامعية. لذلك يتوجب على الجامعات عزل أعمال الأوقاف عن أصول الجامعة واستثماراتها الحرة بشكل تامّ؛ وذلك لسببين: الأول، اختلاف المظلات الرقابية والتشريعية للأوقاف الجامعية (الهيئة العامة للأوقاف) والاستثمارات الجامعية (وزارة التعليم ووزارة المالية). الثاني، الجامعات العامة هي كيانات حكومية بحتة، وجميع أصولها تحت تصرف الدولة ولا يجوز نظامًا خلط أموال الأوقاف بأصول الجامعة، والتي تكون الجامعات مخولة فقط بإدارتها مع إيقاف حق وقْفها أو بيعها.
في الختام، يجب أن يتم التعامل مع الأوقاف الجامعية على أنها أحد مصادر الدخل المستدام، وأنها طريق مثالي للمتبرعين من خلال تحقيق منفعة عامة مستمرة ومُدارة من قِبل كيانات لا تهدف للربح، وألا يتم التعامل معها على أنها الذراع الاستثماري للجامعات (بل أحد مصادر دخل الجامعات)، وأن تولي إدارات الاستثمار في الجامعات الصلاحية في إدارة أصول الجامعات للوصول لمحفظة مثالية تشمل جميع أعمال الجامعات وقطاعاتها؛ وذلك لتحقيق تنوع استثماري يساعدها في تقديم خدماتها وأنشطتها بشكل متميز.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال