الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نَجِدُ الكثير من الشركات التي يتمُّ تأسيسها من فئتَيْنِ أساسيَّتَيْن من الشركاء، هما: الفئة التي تُقدِّم الأموال النقدية السائلة من جهةٍ، والفئة الأخرى التي تُقدِّم عقاراتٍ أو سياراتٍ أو براءات اختراعٍ وما شابه.
وهكذا، تنشأ الشركة بين رأس المال كحصصٍ نقديةٍ من جهةٍ، والأصول المقوَّمة مالياً والتي يتمُّ نقل ملكيَّتِهَا إلى الشركة كحصصٍ عينيةٍ من جهةٍ أخرى.
وفي الواقع، نجد أنَّ هذه الشراكة بين الأموال السائلة والأصول هي شراكةٌ ناجحةٌ جداً؛ لأنَّ الكثير من المدَّخرين لديهم رؤوس أموالٍ سائلةٍ لا تكفي لإنشاء مَقرَّات الشركة في ظلِّ ارتفاع بدلات إيجار العقارات التجارية، بالمقابل فالكثير من أصحاب الأصول الجامدة كالعقارات يتمنَّى تشغيل أمواله في شركةٍ لكن قد تعوزه السيولة الكافية؛ بالتالي تكون الشراكة بين السيولة والأصول شراكةً ناجحةً وتُحقِّقُ مصلحة الطرفَيْن.
لكن من الجانب النظامي، نجد أنَّ الشركة هي عبارةٌ عن عقدٍ أو نظام أساسٍ وفق النظام الجديد (م/2)؛ وهكذا فلا بدَّ من استمرار الاتفاق بين الشركاء على رأس المال لأنَّه ركنٌ جوهريٌّ في الشركة.
بناءً عليه، فإنَّ الاتفاق الصريح على حجم رأس المال وقيمته هو أمرٌ أساسيٌّ قبل نشوء الشركة بشخصيَّتها الاعتبارية وذمتها المالية المستقلَّة.
فإذا كان الاتفاق على رأس المال النقدي أمراً نهائياً على مبلغٍ مُحدَّدٍ من المال، فكيف سيكون الاتفاق على الجزء العيني من رأس المال؟
في الواقع، علينا هنا التفريق بين حالتَيْن:
أولاً: تقديم عقار كحصَّةٍ عينيةٍ لدى تأسيس الشركة: فيجب أن يكون هناك اتفاقٌ صريحٌ ونهائيٌّ بين المؤسِّسين على قيمة الحصص العقارية العينية؛ لأنَّ كلَّ شخصٍ مُقدِّمٍ لعقارٍ كحصةٍ عينيةٍ سينالُ أسهماً في الشركة بقيمَتِهَا.
فإذا تقدَّم 10 مؤسِّسين بمبلغ 10 ملايين ريال، وتقدَّم مؤسِّسٌ واحدٌ بعقارٍ للشركة تبلغ قيمته 10 ملايين ريال أيضاً؛ فإنَّ المؤسِّس صاحب الحصَّة العقارية العينية سيأخُذُ عدداً من الأسهم تساوي عدد الأسهم التي سيأخُذُها جميع الشركاء الآخرين.
فما هي نتيجة الاختلاف بين المؤسِّسين على تقييم الحصص؟
إنَّ عدم الاتفاق الدقيق والنهائي على قيمة الحصص العينية في عقد الشركة أو نظامها يدلُّ بشكلٍ واضحٍ على عدم تبلور فكرة الشركة؛ وبالتالي عدم نهوض نية المشاركة بين الشركاء.
حيث إنَّ شركة المساهمة لا تقوم أصلاً إذا لم يوافقْ أصحاب الحصص العينية على تقرير الخبير بتقييم عقاراتهم، وآثروا الانسحاب من عملية التأسيس الشركة (م/61-2-ز نظام الشركات الجديد).
ثانياً: تقديم عقار كحصةٍ عينيةٍ لدى زيادة رأس مال الشركة:
ماذا سيحدث إذا رغبت الشركة بزيادة رأس مالها عن طريق شريك جديد يتقدَّم بحصةٍ عقاريةٍ عينيةٍ؟
أجاب نظام الشركات الجديد عن هذا التساؤل عندما سَمَحَ بتقييم الحصص العينية في شركة المساهمة عبر تقرير خبرةٍ مُعتَمَدٍ أو أكثر، ثم تقوم الجمعية العامة غير العادية بالمداوَلَة حول زيادة رأس المال عبر حصةٍ عينيةٍ دون أن يَحِقَّ لمُقدِّم هذه الحصة التصويت في اجتماع الجمعية هذا؛ بسبب وجود تعارُض بالمصالح. لكن إذا تقرَّر تخفيض قيمة الحصص العينية عن القيمة الواردة في تقرير الخبرة؛ فيتوجَّب هنا الحصول على موافقة صاحِبِهَا (م/66-1).
فعلى سبيل المثال، لنفرض أنَّ شخصاً تقدم لشركة مساهمة قائمة بعقار للمشاركة في زيادة رأسمالها، وقد تمَّ تحديد قيمة عقاره في تقرير الخبرة بمبلغ مليون ريال، وهكذا يتمُّ تسجيل قيمة حصَّته في رأس المال بهذه القيمة. لكن إذا رأت الجمعية العامة غير العادية تخفيض قيمة العقار كحصةٍ عينيةٍ إلى مبلغ 750 ألف ريال، فعليها الحصول على موافقة الشخص مُقدِّم العقار، وإلاَّ فإنَّ عملية زيادة رأس المال ستفشل.
بناءً عليه، نجد أنَّ تقييم العقار هو المرحلة الحاسمة ليس لعدد الأسهم التي سيحظى بها مُقدِّم العقار كحصةٍ عينيةٍ فقط، بل إنَّ نجاح عملية التقييم هذه هي النقطة الجوهرية في نجاح تأسيس الشركة من عدَمِهِ، أو في نجاح زيادة رأسمالِهَا من عدَمِهِ أيضاً.
بالتالي، فإنَّ تقرير الخبرة العقاري الذي يُقدِّر قيمة العقار وفق العرض والطلب سيكون له وزنٌ استثماريٌّ ينعكس على حجم مشاركة الشخص مُقدِّم العقار كحصَّةٍ عينيةٍ.
من هذا المنطلق، تبدو عملية التقييم العقاري -على تعقيدِهَا وارتبَاطِهَا بعواملٍ تقديريةٍ وبمُتَغيِّرَات العرض والطلب-، عنصراً أساسياً في تحديد حجم رأس مال الشركة وقيمة المساهمة التي سيَحظَى بها مُقدِّم العقار.
فإذا كان التقييم العقاري غير دقيقٍ أو مبالغٍ فيه، فإنَّ المشاركة بحصةٍ عقاريةٍ قد يؤدِّي ذلك إلى:
ونظراً لحساسية المبالغة في تقييم العقار كحصةٍ عينيةٍ على دقَّة وشفافية التقارير المالية للشركة تجاه الجمهور، فإنَّ نظام الشركات الجديد قد عاقَب كلَّ مَن يقوم بالمبالغة بقيمة حصَّته العينية عبر الإقرارات أو البيانات الكاذبة بالحبس لمدة سنةٍ على الأكثر وبالغرامة مليون ريال على الأكثر أو بإحدى هاتَيْن العقوبتَيْن (م/261-ز).
ونقترح في هذا المجال، إنشاء لجنة تقييم عقاريٍّ تابعةٍ لوزارة التجارة حتى تقوم بمراجعة التقييم المُقدَّم للحصص العينية في شركات المساهمة، للتأكُّد من جديَّتِهِ وعدم وجود أية مبالغةٍ فيه.
على أن يكون عمل هذه اللجنة المقترحة قبل عرض تقرير الخبرة العقاري على المؤسِّسين لدى تأسيس الشركة أو على الجمعية العامة غير العادية لدى زيادة رأس مالها. فإذا وَجَدَتْ اللجنة مبالغةً في التقييم العقاري، فلها أن تُخالِفَ التقرير، فتُقدِّرَ القيمة التي تَجِدُهَا عادلةً للعقار كحصةٍ عينيةٍ.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال