الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خرج تقرير المجلس التنفيذي لمشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي عن السعودية هذه المرة منصفا ومشيدا بالإصلاحات التي أنجزتها الحكومة السعودية خلال الفترة الماضية وخاصة خلال فترة جائحة كورونا، وأيضا معالجتها لازمة التضخم الذي تشهده معظم دول العالم، والأثار المترتبة من الحرب الأوكرانية الروسية.
وتحدث التقرير بإعجاب بتعافي اقتصاد السعودية تعافيا قويا من حالة الركود الناجمة عن الجائحة، وقد ساهم الدعم المقدم من خلال السيولة والمالية العامة، وزخم الإصلاحات في إطار رؤية ،2030إلى جانب ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه في تعافي الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو قوية في ظل احتواء التضخم وصلابة القطاع المالي. وأدى انحسار آثار الجائحة، وازدياد إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، وتزايد قوة الاقتصاد إلى تحسن مركز المالية العامة والمركز الخارجي للمملكة.
وأشار التقرير الى أن الحكومة السعودية استمرت في احتواء معدلات التضخم، حيث بلغت 3.1% في عام 2021 مع تلاشي أثر فترة الأساس الناتج عن زيادة ضريبة القيمة المضافة في منتصف عام، 2020 بالإضافة إلى الانعكاس المحدود لأسعار الأغذية والسلع الأولية في الأسواق العالمية على الأسعار المحلية والذي يُتوقع أن يساهم في احتواء التضخم عند مستوى %2,8في عام 2022 وذلك بالرغم من بعض الضغوط التضخمية المتوقعة نتيجة تضخم أسعار الجملة الذي وصل إلى مستوى الرقمين وتزايُد تكاليف الشحن.
ولا تزال البنوك تتمتع بمستويات جيدة من رأس المال والسيولة، كما شهد عام 2021 انتعاشا قويا في مستويات الربحية التي تراجعت أثناء جائحة كوفيد- 19نتيجة تحسن صافي هوامش أسعار الفائدة. وقد ارتفع الائتمان المقدم للقطاع الخاص في2021بنسبة قدرها، %15,4مدفوعا بالقروض العقارية وقروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وحققت الأسواق المالية السعودية طفرة في مرحلة مبكرة من العام الجاري، رغم انعكاس مسار الجانب الأكبر من هذه الطفرة على مدار الشهرين الماضيين تماشيا مع التطورات العالمية الأخيرة.
وقد ارتفع رصيد المالية العامة الكلي بحوالي 9نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي ليصل العجز إلى %2,3من إجمالي الناتج المحلي في ،2021وهو ما يرجع إلى زيادة كل من الإيرادات النفطية وإيرادات الضرائب غير النفطية نتيجة استمرار الانتعاش الاقتصادي وأثر سنة كاملة من رفع ضريبة القيمة المضافة في منتصف عام 2020إلى ثلاثة أضعاف قيمتها لتصل إلى .%15
واعتبر التقرير أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه أدى إلى تحسن الحساب الجاري بمقدار 8,5نقطة مئوية في 2021مسجلا فائضا بنسبة %5,3من إجمالي الناتج المحلي، حيث تجاوزت الصادرات القوية المدفوعة بالنفط الواردات المتنامية والتدفقات الخارجة الكبيرة من تحويلات العاملين. ورغم زيادة الاحتياطيات، فقد تراجع صافي الأصول الأجنبية، وإن ظل عند مستويات جيدة للغاية بواقع 22شهرا من الواردات في عام ،2021ومن المتوقع ارتفاعه بدرجة كبيرة على أثر تزايد عائدات الصادرات النفطية على المدى المتوسط.
عن الآفاق والمخاطر توقع تقرير صندوق النقد الدولي، أن يتسم الاقتصاد السعودي بالقوة بفضل ارتفاع الإيرادات النفطية وتنفيذ الإصلاحات. ويتوقع أن يسجل النمو ارتفاعا قويا هذا العام فبالرغم من دورة تشديد السياسات النقدية العالمية يُتوقع نمو إجمالي الناتج المحلي الكلي بنسبة %7,6عام 2022نتيجة زيادة الإنتاج النفطي وفق الجدول الزمني الذي حددته اتفاقية أوبك+، والانتعاش القوي في تجارة الجملة والتجزئة، والسيولة الوفيرة، والزخم الناتج عن عودة المعتمرين والحجاج. وسيزداد النمو غير النفطي إلى %4,2في عام 2022قبل أن يعود إلى مستواه الممكن على المدى المتوسط مع سد فجوة الناتج واستمرار تحقيق عوائد من المشروعات الاستثمارية والإصلاحات.
النقد الدولي توقع ارتفاع التضخم الكلي في النصف الثاني من العام دون أن يتجاوز متوسطه، %2,8بينما يظل مستوى التضخم الأساسي ثابتا عند. %2,4ومما يساعد في احتواء الضغوط الناجمة عن صدمات سلاسل الإمداد ارتفاع قيمة الدولار، والدعم والحدود القصوى المفروضة على أسعار بعض المنتجات مثل بعض المنتجات الغذائية والمياه والكهرباء والبنزين وتراجع الإيجارات في ظل نمو العرض وزيادة ملكية المساكن، واستمرار الركود في سوق العمل. وعلى المدى المتوسط، يتراجع التضخم إلى حوالي – %2وهو ما يتسق مع التنبؤات في ظل تراجع الضغوط التضخمية العالمية.
أشاد تقر صندوق النقد الدولي بالإصلاحات المالية العامة التي أدت الى تطبيق حساب الخزانة الموحد الى إلغاء 10 الاف حساب مصرفي منذ عام 2019، وهذا سيساعد إدراج 188 جهة في حساب الخزانة الموحد بحلول الربع الثاني من عام 2023، كما تحدث عن عمليات إدارة الدين مع ارتفاع عدد المستخدمين لمنصة “اعتماد” بنسبة 80 في المائة خلال العام الماضي.
التقرير تطرق لنقطة مهمة، ولم تغفل على السلطات السعودية، وهو مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فالسعودية منذ أن حصلت على عضوية كاملة في فرقة العمل للإجراءات المالية المعنية بغسل الأموال في 2019 أحرزت تحسنا في مستوى الامتثال الفني للمعيار الدولي، وتبادل المعلومات مع الأطراف المقابلة والسلطات المعنية وتقوم بإجراء التحقيقات في جرائم غسل الأموال، ويرى البنك أن هناك حاجة الى المزيد من الجهود لتعزيز فعالية اطار غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويطالب التعجيل بتنفيذ تحديث تقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبط بالأصول الافتراضية مع مصادرة عائدات الجرائم وقدرات مختلف الأطراف المعنية بغسل الأموال.
صندوق النقد الدولي تحدث بإعجاب عن إنجازات صندوق الاستثمارات العامة ودوره التحفيزي، وأهمية مبادراته في زيادة مشاركة القطاع الخاص، وراي الصندوق انه من المحتمل أن تفضي تدخلات PIF الى بيئة تجارية تفتقر الى عدالة المنافسة، وحسب راي صندوق النقد الدولي ينبغي إخضاع تدخلات صندوق الاستثمارات العامة بما في ذلك مشروعاته الكبرى، لتحليل دقيق للتكلفة والمنافع بحيث تظل عائداته المعدلة حسب المخاطر مرتفعة بما يضمن زيادة مشاركة القطاع الخاص.
ورحب صندوق النقد الدولي بالجهود الحكومية لمكافحة الفساد من خلال هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة”، والتي أدت إلى زيادة التحقيقات والملاحقات القضائية. وحثت على التعجيل بإقرار استراتيجية مكافحة الفساد التي يجري إعدادها حاليا، وأشارت إلى أن الخطوات المتخذة لتعزيز شفافية المشتريات الحكومية – والتي تتضمن عددا من التدابير لجمع المعلومات عن الملاك المستفيدين وعمليات الحكومة الإلكترونية بوجه عام تمثل مساهمة مهمة في حرب المملكة ضد الفساد.
ومن المنتظر اعتماد النظام الأساسي لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد التي تعكف حاليا على إعداد آلية لتقديم إقرارات الذمة المالية الخاصة بكبار المسؤولين من شاغلي الوظائف التي يزداد فيها خطر الفساد، ووضع نظام لحماية المبلغين عن الفساد والذي سيساهم في سن قواعد تنظيمية جديدة وتعزيز القواعد التنظيمية الحالية.
من الضروري هنا الإشارة الى الجهود التي تقوم بها وزارة المالية السعودية في تهيئة مناخ الإفصاح عن البيانات المطلوبة، وأيضا دورها في تطبيق اعلى المعايير المحاسبية والانضباط، مطالبة القطاعات الأخرى الالتزام بهذه المعايير، ولهذا حينما تحقق السعودية مركزا جديدا في سلم التنافسية فهي تحققه بجدارة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال