الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في يوم 13 سبتمبر القادم تنعقد في الرياض القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، التي تجمع أبرز صانعي المبتكرات المعرفية وقادة العلوم التقنية وكبار المستثمرين في العالم، الذين يعملون على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي واستكشاف الجديد في تقنياته والتزاماته وحوكمته وتقديم حلوله على نطاق عالمي.
وحيث أننا نعيش اليوم عصر الثورة الصناعية الرابعة، القائمة على الاقتصاد الرقمي والبرمجيات المتطورة والذكاء الاصطناعي، والتي سوف تنعكس بشكل واضح على حياة المواطن ورفاهيته وكفاءة انتاجيته، أعلنت المملكة قبل خمس سنوات عن إنشاء منطقة “نيوم” لكي تضاعف قدراتها التنافسية العالمية في التقدم التقني والتفاعل الآلي، ولتصبح هذه المنطقة الملاذ الأمثل لاستقطاب الاستثمارات المحلية والاقليمية والأجنبية الهادفة لتطوير مقومات الذكاء الاصطناعي والروبوتات الآلية وتقنية النانو وهندسة الجينات ودمج أنظمتها الإلكترونية، لتقوم بعمليات الانتاج بكفاءة عالية وقدرات ذكية وأنماط متقدمة.
ولأن أهداف رؤية المملكة 2030 تركزت على تخفيف اعتمادنا على النفط كسلعة وحيدة للدخل، تأتي هذه القمة لتؤكد على سعي المملكة في تطوير برامجها الاستراتيجية ومضاعفة المحتوى المحلي من 20% إلى 40%، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، ورفع ترتيب المملكة في التنافسية العالمية من المركز 25 إلى المرتبة 20، مما سيؤدي إلى زيادة تدفق حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمملكة بنسبة 133.3% خلال السنوات الثلاثة القادمة، ورفع قيمة فرص الاستثمار الإجمالية إلى 2300 مليار ريال.
ومن هنا جاء اختيار منطقة “نيوم” في شمال غرب المملكة لتكون أفضل موقع استراتيجي تلتقي فيه القارات الثلاثة الأكثر كثافة في عدد سكان العالم، وهي آسيا وأوروبا وأفريقيا، لتصبح “نيوم” معقلاً لأحدث مبتكرات الثورة الصناعية الرابعة، وموطناً لأهم مقومات تصدير المنتجات، خاصةً وأنها تشرف على ضفاف البحر الأحمر الذي تمر عبره 13% من التجارة العالمية، بقيمة سنوية تفوق 5.3 تريليون دولار أمريكي، وتنفرد سماؤها بأكثر الممرات الجوية ارتياداً للطائرات المدنية، التي تنقل 70% من مسافري القارات الثلاثة.
ولكون منطقة “نيوم” تتمتع بهذا الممر البحري الاستراتيجي، ركزت رؤية المملكة 2030 على ضرورة تطوير هذا الموقع اللوجستي المميز والقريب من مصادر الطاقة ليكون محفزاً لانطلاق مقومات الذكاء الاصطناعي من خلال ترسيخ الشركات الاستراتيجية مع دول العالم، شرقاً وغرباً. وهذا سيؤدي إلى تطوير قدرات القطاع الخاص وتسهيل إجراءات الاستثمار وتطوير النظام الجمركي وتعديل الأنظمة القائمة بما يمكّن مشغلي منظومة هذا القطاع لزيادة صادراتنا غير النفطية من 16% إلى 50% على الأقل من الناتج المحلي غير النفطي.
وسيؤدي هذا التعاون إلى انخراط المملكة في شبكة الثورة الصناعية الرابعة، ويتيح لها فرصة التعاون مع مختلف المؤسسات العالمية والشركات الخاصة لتطوير الحلول الفعالة لتحديات القطاعات الحيوية، وإعداد الكفاءات، ورفع مستوى القدرات، وبناء مواهب متقدمة في المجالات ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي، والتعليم الآلي، وإنترنت الأشياء، والروبوتات، والمدن الذكية، وتشكيل مستقبل وحوكمة التقنيات وسياسة البيانات، والتنقل الذاتي.
ومن هذا المنطلق بادرت المملكة في استغلال نظرية التكامل الاقتصادي مع الدول المتقدمة في الذكاء الاصطناعي، فأبرمت خلال الأعوام الخمسة الماضية عشرات الاتفاقيات الاستراتيجية مع أمريكا وبريطانيا والصين واليابان وجنوب كوريا لدمج مزاياها النسبية مع مزايا المملكة التنافسية، وتحقيق النجاح في زيادة الدخل الصافي لاقتصاداتنا وكسب الأسواق العالمية لصالح صادراتنا. وهذا بدوره سيؤدي إلى توفير الفرص المميزة في منطقة “نيوم” وتحقيق المعدلات العالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية. كما ستسعى الصناعات المتطورة والخدمات اللوجستية في منطقة “نيوم” إلى ربط العلوم البيئية بالتقنية البيولوجية من خلال الجمع بين الكفاءة العالية للذكاء الاصطناعي وتخفيض تكاليف الإنتاج وتعزيز قيمة المحتوى المحلي، مما سيؤدي إلى سرعة تطور الاقتصاد السعودي الرقمي ومضاعفة حجم فوائده وابتكاراته.
ولكون منطقة “نيوم” تتمتع بموقعها على الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، قامت المملكة برفع مستويات تكاملها الاقتصادي مع الصين، خاصة وأن التجارة السنوية للدول المطلة على هذا الطريق ستتجاوز خلال العقد القادم قيمة 2.5 تريليون دولار، مما سيضاعف التجارة الخارجية للمملكة والصين بنسبة 160% مع الدول العربية و200% مع أفريقيا، خاصة وأن المملكة والصين اتفقتا على زيادة رصيدهما من الاستثمار في المنطقة من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة. وهذا سيعزز مشاركتنا مع الدول الآسيوية وتعظيم استفادتنا من طريق الحرير لتوسيع رقعة قاعدتنا الانتاجية وصادراتنا السلعية، مما سيؤهل قطاعنا الخاص ليكون الشريك الأنسب في منطقة “نيوم” للمشاريع الكبرى المتعلقة بصناعة السفن العملاقة وخدمات الأحواض الجافة وأنشطة النقل البحري والمناطق الاقتصادية المؤهلة، لترتفع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي إلى 65% خلال السنوات الخمسة القادمة، وتزداد قيمته المضافة المحلية بنسبة 300%، وتتضاعف حصة صادراته غير النفطية إلى حوالي 35%.
ونظراً لأن النظام التجاري العالمي يحث دول العالم على الاستفادة القصوى من مزاياها التنافسية لتنويع مصادر دخلها وزيادة صادراتها، وتأسيس قدراتها المعرفية ذات القيمة المُضافة العالية، بادرت المملكة في إنشاء شركة الصناعات العسكرية لزيادة المحتوى المحلي من 2% إلى 50% خلال العقد القادم. كما أطلقت وزارة الصحة قبل ثلاثة أعوام برنامج زيادة المحتوى المحلي في صناعة الأدوية إلى 10% سنوياً، وقامت شركة أرامكو السعودية بتأسيس برنامج “اكتفاء” لتعزيز القيمة المضافة في قطاع مشتريات الشركة، ليسجل هذا البرنامج خلال الأشهر السبعة الأولى مستويات غير مسبوقة في المحتوى المحلي فاقت 60 مليار ريال. وتبعتها شركة سابك في زيادة قيمة شراء المواد المصنعة المحلية لتصل إلى 2.6 مليار ريال سعودي بما يعادل 35% من إجمالي مشتريات مواد الشركة للعام نفسه، الذي يعادل زيادة بمقدار 143% منذ انطلاق نشاطات الشركة في تطوير المحتوى الصناعي المحلي. كما بلغ إجمالي قيمة عقود الخدمات المحلية نسبة 86% من إجمالي مشتريات الخدمات في الشركة، وبذلك ترتفع قيمة الشراء المحلي للمواد والخدمات لتعادل 64% من المشتريات السنوية لـلشركة.
وهكذا تستمر المملكة في حصد نتائج أهداف رؤيتها الطموحة، لتصعد مستقبلاً من المركز 19 إلى المرتبة 15 ضمن الاقتصاديات الأكبر في العالم، وتصبح منطقة “نيوم” مركزاً رئيساً للتجارة العالمية لتستفيد من تطبيق مبادئ التجارة الحرة واقتصاد السوق، لتنجح المملكة في توجيه دفة العولمة لصالحها، وتحقق المركز الثالث بين الدول الأسرع نمواً في القرية الكونية بعد الصين والهند.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال