الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إذا قُدر لك أن تقرأ كتاب مقدمة في الاقتصاد Principles of Economics فإن اول ما تلامسه عيناك تلك الرسومات البيانية لمنحنيات الطلب والعرض وتكاليف الإنتاج وغيرها، وعندما تتساءل عمن وضع أو ابتكر تلك الرسومات فإن الإجابة حتما ستكون لواحد من أعظم مفكري علم الاقتصاد وهو ألفريد مارشال Alfred Marshall مؤسس المدرسة الكلاسيكية الجديدة وأستاذ الاقتصاد في جامعة كامبريدج العريقة ببريطانيا والذي أصبح اليوم واحدا من أهم مصادر علم الاقتصاد التي تجمع بين تأصيل تلك المبادئ على أسس علمية تجمع بين التوصيف النظري والقياس الكَمّي باستخدام المعادلات الرياضية والرسومات البيانية بلغة بسيطة.
لقد أدخل ألفريد مارشال مفاهيم جديدة في علم الاقتصاد حيث عرف علم الاقتصاد بأنه ذلك العلم الذي يدرس البشر وفق أعمال حياتهم العادية من خلال السلوك الإنساني الذي تحكمه دوافع مختلفة، ومن أشهر المفاهيم الجديدة التي أدخلها ألفريد مارشال هي مفهوم المرونة السعرية، وتعني مدى تأثر الطلب (أو العرض) على سلعة ما بالتغير في السعر، فإذا ارتفع السعر انخفض الطلب والعكس صحيحا.
تعتمد نظرياته كثيرا على السعر الذي يتحدد بتفاعل كل من العرض والطلب ويرى أن الطلب على سلعة معينة يؤشر إلى العلاقة بين الكميات المطلوبة عند أسعار مختلفة، ومن هنا نجد أن مصطلح الطلب مختلف لديه عن المدرسة الكلاسيكية بإضافته لمجموعة أخرى من العوامل والمحددات مثل: الأذواق، الدخول، أثمان السلع الأخرى البديلة والمكملة ويقول: يمكن اعتبار الاستهلاك على أنه إنتاج سلبي.
أكد مارشال على أن منحنى طلب السوق يتكون من عدة طلبات للمستهلكين حتى يحدث التوازن بعمليات الضبط على المدى القصير بين البائعين والمشترين، وقال إن السعر هو الذي يتفاعل مع العرض والطلب دون تحديد أهمية أي منهما (أي العرض والطلب) على الآخر لأننا إذا حكمنا على أي منهما بأهمية تفوق أهمية المتغير الآخر في تحديد سعر السلعة فقد حكمنا على أن الحد الأعلى من المقص هو الذي يقص القماش دون الحد الأدنى منه.
وجدير بالذكر أن ألفرد مارشال يرى التقدم في الاختراعات أحد أهم المكونات التي تزيد من قوة الإنسان فهو يعتبر أن القيمة الحقيقية للنقود لقياس النقود بشكل أفضل يكون من خلال العمل لا من خلال السلع (إذا زادت الاختراعات من قوة الإنسان على الطبيعة كثيرًا، فإن القيمة الحقيقية للنقود يتم قياسها بشكل أفضل لبعض الأغراض في العمل منها في السلع).
يعرّف مارشال رأس المال بأنه ذلك الجزء من الثروة المخصص لاكتساب المزيد من الثروة وتتكون الثروة من الأشياء المرغوبة، أي الأشياء التي ترضي رغبات الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن لا تُحسب كل الأشياء المرغوبة على أنها ثروة ما لم تتحقق، في حين يرى مارشال أن أغلى رأس مال هو رأس المال المستثمر في البشر وان المعرفة هي أقوى محرك للإنتاج وأن الاقتصاد دوره الأساس هو العمل على تحسين الظروف المادية وذلك لن يتحقق إلا بالتناغم مع كافة القوى الأخرى، وهو بذلك يؤكد على أهمية الاستثمار في رأس المال البشرى باعتباره استثمارا وطنيا فعن طريق الإنسان تتقدم الأمم ذلك أن الإنسان في نهاية المطاف هو من يحول مستهدفات التنمية إلى طاقات إنتاجية تحقق القيمة المضافة للاقتصاد.
يمثل مارشال المرحلة الاقتصادية الفكرية الثالثة حيث تزعم المرحلة الأولى آدم سميث والثانية ريكاردو كما يعتبره الكثير حزمة من المؤهلات في شخص واحد فهو عالم بالرياضيات ومؤرخ ورجل دولة وفيلسوف كان مولعا بالاقتصاد منذ أن كان شابا في أولى مراحل حياته حتى انتظامه بدراسة علم الاقتصاد بالجامعة ثم صنف كأحد مؤسسي مدرسة الاقتصاديين الكلاسيكيين الجدد والمدير الأول للكلية الجامعية، بريستول (1877-1881). وعدّ الكثير من المفكرين كتبه الطريق الصحيح نحو أسس علم الاقتصاد وممارساته المختلفة فانطلقت اهتماماته بالاقتصاد منذ وقت مبكر فعندما كان طالبا بالثانوية العامة أبدى اهتماما صادقا بالفقراء والبؤساء وعمل على أن يكون الاقتصاد أداه للتحسين الاجتماعي.
يعتبر مارشال أول طالب في جامعة كامبريدج يحصل على درجة جامعية في الاقتصاد (بكالوريوس الاقتصاد) عام 1903 كتخصص مستقل لعلم الاقتصاد حيث كان الاقتصاد قبل ذلك يُدرس كجزء من بكالوريوس الفلسفة والأخلاق، عمل محاضراً في علم الأخلاق عام 1868 قبل أن يصبح أستاذ (بروفيسور) للاقتصاد السياسي، تزوج مارشال بتلميذته ماري بالي في عام 1877 مما اضطره للتخلي عن زمالة كلية“ سان جون ”في كامبريدج بحسب ما تقتضيه لوائح الجامعة، وبعدها تولي منصب أول رئيس لكلية بريستول، والتي تحولت فيما بعد إلى جامعة بريستول، ثم تابع تدريس الاقتصاد، والاقتصاد السياسي، وكانت آخر محطاته العلمية أستاذًا للاقتصاد السياسي في جامعة كامبريدج، وكان عضوًا في لجنة العمل (1891-94)، وفي عام 1903 كتب مذكرة مهمة للسياسة المالية والتجارة (نُشرت عام 1908). ولد ألفريد مارشال عام 1832 في لندن لعائلة من الطبقة المتوسطة. عمل والده، ويليام مارشال، ككاتب في بنك إنجلترا، والذي ربما أثار اهتمام ألفريد بالمال، انضم مارشال إلى الجمعية الإحصائية الملكية عام 1880، ونادي الاقتصاد السياسي في عام 1886، وكان القوة الرئيسية وراء تأسيس الجمعية الاقتصادية البريطانية في عام 1890 (الجمعية الاقتصادية الملكية من عام 1902).
ختاماً : طلاب وطالبات الثانوية العامة هذا العام على موعد مع علم الاقتصاد بعد اعتماد تدريس مادة مبادئ الاقتصاد ( نظام المسارات – مسار إدارة الاعمال ) والذي يعد ألفرد مارشال أحد أهم المفكرين الاقتصاديين ممن ساهم في التأسيس العلمي لهذا المقرر من حيث التعريف وماهي المشكلة الاقتصادية والعرض والطلب وتوازن السوق كما يتضمن المقرر وحدة كاملة عن التنمية الاقتصادية في المملكة ، إن هذه الخطوة ستسهم كثيرا في تعزيز المعرفة والثقافة الاقتصادية وهو ما سيخلق جيلا جديدا من الاقتصاديين لخدمة هذا العلم الهام والذي يلامس حياتنا على مدار الساعة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال