الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في السنوات الأخيرة، شهد موضوع تجربة المستفيد في الجهات الحكومية اهتماماً كبيراً. فبعد أن كان يسمى (مراجع) يبحث عن واسطة من هنا وهناك لينهي معاملاته ويتأثر إنجازها بناء على نفسية الموظف الذي أمامه ومزاجه، أصبح اليوم أسمه (مستفيد) وهناك قصص كثيرة ما بين حقبة (المراجع) و(المستفيد). ويعزو هذا التغيير الجذري لرؤية المملكة 2030 حيث أولت أهمية كبيرة لتحسين أداء الجهات الحكومية وتجويد الخدمات المقدمة للمواطنين والمشاركة الفعالة معهم رافق ذلك الاهتمام بتجربة المستفيد من قِبل المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة بغرض تحسين الخدمات الحكومية المقدمة من خلال قياس جودتها ورضا المستفيدين عنها.
وتحسين التجربة لها أثر كبير على الجهة التي تقدمها سواء حكومية أم خاصة. فرضا العملاء وولائهم غاية تدرك عند استخدام ذلك المفهوم. فتشير الدراسات أن 84% من شركات القطاع الخاص التي ركزت على تحسين تجربة عملائها، ارتفعت أرباحها بنسبة كبيرة وصلت في بعضها إلى 60% مقارنة بمن لم يركز على ذلك. وتشير الدراسات أن إنفاق العميل يزيد 8 أضعاف على المنتجات المقدمة من الشركة عند التواصل معه وحل مشكلته، وتزيد توصيته للشركة ب 10 أضعاف لأصدقائه ومعارفه عندما يتعامل معه موظف الخطوط الأمامية بشكل محترف ويجيب على أسئلته بفعالية ورحابة صدر.
من السهل في القطاع الخاص قياس العائد من الاستثمار في تجربة العميل مثل زيادة الأرباح، وجني ولاء العملاء وبقائهم، لكن الوضع مختلف في الجهات الحكومية حيث إن زيادة الأرباح ليست هدف أساسي ولا يوجد منافسة يستطيع من خلالها المستفيد بأن يذهب لجهة أخرى تقدم له نفس الخدمة، فاستمراره بالتعامل مع الجهة ليس ولاء ولا اختيار بالنسبة له. فزيادة الثقة في الأجهزة الحكومية وتقديم خدمات عالية الجودة وتحسين انطباع المستفيد عن تكاليف الخدمات الحكومية هو المهم من تطبيق ذلك المفهوم.
وتقاس تجربة المستفيد في الجهات المختلفة عن طريق قياسات معتمدة أشهرها مؤشر رضا المستفيدين CSAT، فأصبح زيادته أو نقصانه يعد نجاح أو فشل الإدارة المعنية وتم تحميل هذا المؤشر ما لا يحتمل، بينما هو في الأساس وسيلة للتحسين ومعرفة نقاط الضعف لتحسينها وتقويمها ونقاط القوة لتعزيزها. فأي قياس يعطي نتائج وأرقام بدون تفسير وتوضيح وتحليل لمكامن الضعف والقوة ودون بذل جهد لمحاولة التحسين بناء على مخرجات ذلك القياس هو برأي مجرد رقم لا فائدة منه.
فأولويات التطوير والتحسين تبدأ من الأسهل للأصعب برأي وليس العكس، فالأسهل تنفيذاً والأكثر أثراً للمستفيد هو ما يتم تعديله وتحسينه بشكل سريع ومباشر. بعد ذلك يتم تدريجياً التحسين بناء على سهولة التنفيذ ومدى الأثر لدى المستفيد، فبعض التحسينات تستغرق عمل يوم واحد فقط وبعضها يستغرق سنوات. ولكن المهم هو وضع أولويات لذلك ومتابعة سير خطط العمل لتلك المبادرات وهذا هو برأي الدور الأساسي لقياس تجربة المستفيد/العميل.
خلاصة القول، لا أجد أبلغ مما قيل سابقاً “ ما لا يمكن وصفه لا يمكن قياسه وما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته، وما لا يمكن إدارته لا يمكن تطويره وتحسينه”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال