الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان النصف الأول من العام الحالي فصلاً استثنائياً في تاريخ صناعة النفط, حققت فيه الشركات النفطية ارباحاً كبيرة نتيجة للأسعار المرتفعة تزامنا مع مستويات الإنتاج العالية (وهذا نادراً ما يحدث) ولكن فرضته الظروف الجيوسياسية وسياسات التحول السريع تجاه الطاقات البديلة والتي أضرت بدورها على استثمارات قطاع المنبع وهو ما حد من الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى الدول المنتجة والحد من قدرتها على امتصاص الأزمات وتقديم الحلول المناسبة للاقتصاد العالمي في مواجهة تحديات مصادر الطاقة الأخرى.
على الرغم من نجاح منظمة أوبك وحلفائها في التخفيف من حدة ارتفاع أسعار النفط, كما نرى في خام برنت على سبيل المثال والذي لم يتجاوز 66 بالمئة )107.9$ متوسط النصف الاول من هذا العام( ارتفاعا عن متوسط اسعار النصف الأول من العام الماضي. مقارنة بأسواق الغاز والتي ارتفعت متوسطات أسعارها في نفس الفترة الى 350 بالمائة ارتفاعا في السوق الأوروبي (NBP) اما السوق الامريكي فارتفعت 210 بالمئة (Henry Hub)، والسوق الاسيوي (JKM) ليس ببعيد عن هذه الارتفاعات ايضا عند متوسط 290 بالمئة لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. والفحم الذي فجاءةً اختفت انبعاثاته الكربونية والتي كانت عالية جدا مقارنة بالمصادر الاخرى للطاقة وتم التوسع باستخدامه من جديد خصوصاً في القارة الأوروبية وحقق مستويات قياسية في الارتفعات لأكثر من 300 بالمئة لكل طن متري ومستويات تعد هي الأول في تاريخ هذه السلعة.
ومع أن النفط في هذه الأزمة )السياسية في المقام الأول( يعد الاقل ارتفاعاً والاكثر مساهمةً في التخفيف من حدة الأزمة على الاقتصاد العالمي، إلا أننا نجد أن الحرب الإعلامية على هذه الصناعة لازالت مستمرة تضلل وتجبر رؤوس الأموال اما ترهيباً او ترغيباً على عدم الاستثمار في صناعة وفي نفس الوقت الطلب من الدول المنتجة رفع إنتاجها لتعويض نقص إمدادات مصادر الطاقة الأخرى.
هذه الحرب الغير عادلة قادت إلى قرارات غير موفقة في النصف الأول من العام وفي بداية الازمة، يتوقع أن تعاقب الأزمة العالم بسببها في النصف الثاني وتفرض واقع جديد أشد قسوة على الاقتصاد العالمي. نحن مقبلين على استحقاقات مهمة في هذا النصف، ارتفاع الطلب الموسمي للتدفئة في فصل الشتاء يتزامن مع ارتفاع حاد للتوتر بين الجانب الروسي والجانب الأوروبي واحتمال قطع إمدادات الغاز الروسية عن القارة العجوز في إي لحظة، أنتهاء السحب من الخزن الاستراتيجي الأمريكي, دخول قرار الاتحاد الأوروبي بوقف استيراد النفط الروسي حيز التنفيذ، توقع ارتفاع الطلب على النفط في العالم بقرابة 3.8 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام وبالتالي اتساع الفارق بين العرض والطلب، كل هذه التحديات سوف تجعل النصف الثاني من هذا من العام أشد حرارة من فصل الصيف حتى وأن كان شتاءً.
وفي افضل الاحتمالات، يتوقع أن يستمر متوسط الأسعار بمستويات النصف الأول ما لم تسجل مستويات قياسية جديدة، وهذا يعني أن تحقق شركات النفط العالمية ارباحاً عالية جديدة أتمنى أن تكون سبب في تغيير آراء قيادات هذه الحرب غير العادلة على هذه الصناعة ليكونوا أكثر انصافاً في التعامل معها و يعترفون بدور المهم في استقرار الاقتصاد العالمي خصوصاً في الأزمات السياسية والتحديات المتغيرة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال