حتى لا يصبح التمويل الجماعي “استغلال جماعي”

قد يكون العنوان مُزعج بعض الشيء ولكن حتى يكون هنالك مساحة حذر في الوقت الحالي، وإنتظاراً لتقييم النتائج في المستقبل والتي أراها بنظرة استباقية قد تكون صادمة للكثير من المستثمرين .

فكرة التمويل الجماعي تعتبر فكرة رائعة وجميلة جداً وداعمة للكيانات الناشئة أو تلك التي تبحث عن النمو وكذلك للأفراد الباحثين عن تنويع استثماراتهم .

دعمها للكيانات من حيث تنشيط عملية النمو بسرعة وعدم إثقال كاهل تلك الكيانات بالقروض والالتزامات قصيرة وطويلة الآجل، وكذلك تدعم الأفراد من خلال نمو رؤوس الأموال الصغيرة التي من خلالها يستطيع الفرد تنويع استثماراته والدخول كمستثمر في عدد كبير من الشركات وفي قطاعات متنوعة وبأقل التكاليف الممكنة .

خلال السنوات السابقة سمعنا بهذا المفهوم وكان هناك إندفاع من بعض المستثمرين وحرص لدى البعض الآخر لعدة أسباب ولعل من أهمها أن بعض الجولات الاستثمارية كانت تهدف لتأسيس مشاريع من نقطة الصفر “أي لا تزال حبر على ورق” والبعض منها مجرد تطبيق على الهواتف الذكية لا يوجد أصول ملموسة على أرض الواقع وربط التجربة بتطبيقات حققت اصداء عالمياً ونجحت نجاح مبهر “مثل من يفتح كافيه في حي شعبي ويتحدث بكل كبرياء عن نجاحات ستاربوكس” وكذلك “من قام بعمل برنامجاً محاسبياً ويتحدث عن كيف تكونت ثروة بيل غيتس” الطموح جميل ولكن التحديات ضخمة جداً في ظل وجود رؤوس أموال ضخمة وذكية تتحرك بسرعة وتختصر المسافات وتحرق المراحل.. ايضاً سؤال يتيم كم العائد على السهم نحتاج لأرقام محققه وليست احلام وردية “سراب” .

الاستهتار والاستهانة بالمستثمرين غير مقبول ابداً فمشروع لا يُكلف مئتي الف ريال يقيم بالملايين ثم يطرح جزء منه لا يتجاوز عشرين بالمئة وبعشرات الملايين نقول هذا عبث واستغلال للبسطاء الذين يبحثون عن قنوات استثمارية تنمو مع الوقت ولا ترمى في عاصفة المخاطر، ونجاح مشروعين أو ثلاثة لا يعطي مساحة كبيرة لنجاح البقية .

المشكلة ليست لدى اصحاب تلك المشاريع أو الباحثين عن التمويل الجماعي بهدف نجاح أفكارهم أو مشاريعهم، أوالمنصات التي تعرض هذه “الفرص” لأنها مهمتها ببساطة هي تقديم خدمة تسهيل عملية الاستثمار فقط، المشكلة لدى الشركات المقيمة لتلك المشاريع بنظرة مستقبلية قد لا تتحقق، وقد تنهار فجأة، وكذلك لدى الجهات المشرعة التي لم تضع أنظمة ولوائح وضوابط صارمة على المُقيمين وعلى أصحاب المشاريع حتى لا يتم العبث بأموال المستثمرين في مصاريف تعتبر نثريات وليست بناء أصول حسب إطلاعي على الكثير من النشرات، وكذلك توضيح نسبة المخاطرة رقماً مع أي عملية ترويج في المنصات .

“يجب على المستثمرين عدم النظر في الأحلام الوردية التي تصنعها المواد الدعائية والنظر في حجم المخاطر جيداً”.