كرة القدم تمكين مهم للاقتصاد والتنمية المستدامة

مع كتابة هذا المقال تكون معظم دوريات العالم في كرة القدم بما فيها دورينا العظيم (دوري روشن للمحترفين) قد انطلقت وبدأ زخم وشغف كرة القدم يتصاعد تباعا مع وتيرة المباريات والتي سبقها صيف ساخن من الانتقالات والحراك الإعلامي الرياضي في مختلف وسائل الإعلام، كرة القدم ليست مجرد لعبة ترفيهية في واقع الأمر بل إنها تحمل الكثير من المفاهيم الاقتصادية والاستثمارية والتسويقية والاجتماعية، فهناك بالطبع مبالغ هائلة بمليارات الدولارات تسهم في صناعة كرة القدم في جميع دول العالم، إضافة إلى دورها في خلق عوائد مالية غير مباشرة في قطاعات أخرى كالصحة والصناعات الرياضية والتوظيف والترفيه والسياحة والخدمات العامة والنقل والإعلام.

لطالما حمل علم الاقتصاد الكثير من المفاهيم التي تتطور فعلياً كاستجابة للمتغيرات الجديدة في مختلف المجالات.. لذلك وفي ذات السياق تأتي كرة القدم كأحد أبرز الأنشطة التي تؤثر في منهجية الاقتصاد وكيف لها أن تلعب دورا مهماً في النمو والتطور وهو ما يوصلنا في النهاية من الناحية العلمية إلى أن علم الاقتصاد لا ينكفئ على محدودية العلوم بل إنه يرتبط بالعديد من العلوم والأنشطة التي تشهد تجديداً خلاقاً يتناسب مع العصر الحديث مما سنشهد معه مستقبلا اقتصاد شمولي بأسس وفكر علمي جديد.

كرة القدم من الأنشطة الاقتصادية التي يعتمد الانتصار بها على الأداء في الملعب والفكر الكروي المبني على خطط اللعب الناجحة والإدارة الرياضية التي توازن بين الإمكانات والدعم والتحفيز وخلق الروح الجماعية إضافة إلى الأهم وهو امتلاك نجوم أكبر في القيمة السوقية مقارنة بالفرق المنافسة مما يحقق في نهاية الطاف عوائد مالية مكتسبة للنادي تساعده في مواصلة الانتصارات وتحقيق البطولات وهكذا تدور العوائد مرة أخرى لتُضخ في برامج استثمارية وتساهم في رفع معدلات الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة.

من هذا المنطلق يشهد سوق كرة القدم اليوم توسعا كبيرا ويخلق الكثير من الفرص الاستثمارية وبالتالي فإن الأرباح في المقابل تكون كبيرة فعلى سبيل المثال تشير البيانات إلى أن قيمة سوق كرة القدم في عام 2019 وصلت إلى 1.9 تريليون دولار في حين من المتوقع أن تصل إلى 3.7 تريليون في العام 2027. وتشير البيانات الجديدة المنشورة عبر موقع (ترانسفير ماركت Transfermarkt (موقع متخصص في مؤشرات وأسواق لاعبي كرة القدم في العالم) إلى تربّع نادي مانشستر سيتي على عرش قائمة أندية العالم محتلا المركز الأول بقيمة سوقية إجمالية تقارب مليار يورو (992.10 مليون يورو) ويعتبر أعلى لاعبي الفريق قيمة سوقية: كيفين دي بروين (90 مليون يورو).

واحتل المركز الثاني نادي باريس سان جيرمان بقيمة سوقية إجمالية تقدر ب (915.70 مليون يورو) ويعتبر أعلى لاعبي الفريق قيمة سوقية: كيليان إمبابي (160 مليون يورو) كما احتل نادي تشيلسي المركز الثالث بقيمة سوقية تصل إلى (891.50 مليون يورو) وعليه يعتبر الدوري الإنجليزي الدوري الأغلى في العالم حيث تخطى في 17 يوليو الماضي حد المليار يورو في سوق الانتقالات الحالي.

ومما لا شك فيه فإن القطاع الرياضي وخاصة كرة القدم تساهم في بناء اقتصاد مستدام ومتنوع وباتت في الكثير من الدول أحد أهم مصادر الدخل القومي ومكونا مهما في برامج التنمية المستدامة إضافة إلى إسهامها في رفع معدلات النتاج المحلي الإجمالي لما تتضمنه من مكاسب ربحية وضرائب وعوائد تسويقية وإعلانية وراعيات وغيرها كما أنها تدعم في المقابل قطاع الصناعة مثل الألبسة والمعدات والأدوات الرياضية فضلا عن دعمها للمحتوى المحلي والتطبيقات الذكية والتقنية وغيرها، وعلى صعيد التوظيف يحفل هذا القطاع بكمٍ هائلٍ من الوظائف المباشرة والمهام المختلفة كالفنيين والإداريين والخبراء والمحللين المتخصصين إضافة إلى الوظائف غير مباشرة على اعتبار أنها عملية إنتاجية متعددة الأطراف والمجالات كقيمة اقتصادية مضافة.

مجمل القول: إن الرياضة في المجمل اليوم أصبحت أحد أهم المكونات الاقتصادية القابلة للتطوير العلمي والذي بدوره سيفتح آفاق مستقبلية ليكون أحد فروع علم الاقتصاد وبالتالي نحصل على مخرجات تعزز من كفاءة الأداء ونموه لدك لها دور فعال في تطوير البنية الأساسية والتنمية وتطوير المجتمعات وثقافتهم وتحسين صحة الأفراد والصحة الجسدية والنفسية للمجتمع كما أنها أحد الجوانب التمكينية المهمة للتنمية المستدامة.

شكر وامتنان ..

أكثر من ثلاثة أعوام مضت منذ انضمامي لكوكبة من الكتاب الاقتصاديين بصحيفة مال الغراء، قدمت خلالها مقالا أسبوعيا في الشأن الاقتصادي الوطني والعالمي، كل الشكر والتقدير لرئيس التحرير الأستاذ مطلق البقمي وفريقه المتميز، سائلا العلي القدير لهم التوفيق والنجاح المتواصل كما أساله تعالى العون والتوفيق لتقديم المزيد من المحتوى اللائق والمفيد… والشكر موصولاً لكم أيها القراء الأعزاء لدعمكم وتفاعلكم المتواصل.