الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مؤخرا، الكثير من السلع في السوق السعودي تضخمت أسعارها عدة مرات، ما بين السلع الغذائية والاستهلاكية. وكانت الحجة الدائمة التي تشاع لدى المستهلكين، حرب أوكرانيا او الندرة في توفير قطعة حساسة ليست متوفره بسهوله. لكن هل كان هذه الحجج فعلا حقيقية؟ على حسب التقرير الصادر مؤخرا من الهيئة الوطنية للمنافسة في المملكة العربية السعودية، هناك ممارسات في السوق السعودي تشير الى وجود ممارسات احتكارية. من أهمها هوامش أرباح الموزعين المحليين للسيارات في السعودية أعلى مـن نظيراتها فـي الدول الأخرى. واشارت الى ان الممارسات الاحتكارية لا تكمن فقط في خدمات البيع للسيارات. وإنما تشمل خدمات ما بعد البيع لموزعي السيارات في السعودية، حيث انها تحقق هوامش أرباح أعلى من مبيعات السيارات، مما يجعل لدى مصنعي المعدات الأصلية أو الموزعين الحافز لربط خدمات الصيانة للعملاء بالمراكز المعتمدة لديهـم فقط خلال فترة الضمان.
بالطبع، مثل هذا التصرف يعد من الممارسات الاحتكارية التي تسلب المستهلك حق الاختيار لصيانة السيارة، حتى لو كانت صيانة دورية. وفي حالة مخالفة ذلك، يحرم المستهلك من ضمان السيارة. وهذا تعدي صارخ لمفهوم المنافسة. حيث ان المنافسة تعني تنافس تاجران او اكثر لتحقيق هدف مماثل غالبا ما يكون الربح، وكل ما زادت المنافسة كلما سعى التجار الى التنافس من حيث تقديم سعر افضل او جودة أفضل أو خدمات اخرى، او تقديم اكثر من خدمة من ناحية السعر والجودة في ان واحد من أجل جذب المستهلك. في حين أن ما نعانيه الآن ليس بهذا الشكل، سواء من خلال قلة الموزعين، او من خلال سياسة خدمات مابعد البيع. كما انه وفقاً للتقرير المنشور، قطاع التأمين الصحي يدخل المرحلة الحرجة لاحتمالية الوقوع في الممارسات الاحتكارية. السؤال الآن، ماهو دور الهيئة الوطنية للمنافسة من هذا كله؟
على حسب النظام، في المادة ١٥، اشارت الى: “يتولى موظفون يحددها المجلس ما يأتي:
إجراء التقصي و البحث و الاستدلال و ضبط ما يقع من مخالفات لأحكام النظام، وتكون لهم صفة الضبطية القضائية، ولهم الحق في دخول مواقع المنشآت ومكاتبها وفروعها في أوقات العمل المعتادة، والإطلاع على دفاترها ومستنداتها، وأخذ نسخ منها بموجب محاضر يوقعها الموظفون وتابع المنشأة الموجود لحظة الضبط. ولهم الإثبات في قضايا المنافسة بجميع طرق الإثبات، بما في ذلك: البيانات الإلكترونية والصادرة من الحاسب الآلي، وتسجيلات الهاتف، ومراسلات جهاز الفاكس، والبريد الإلكتروني، وتحدد اللائحة
اختصاصاتهم وقواعد عملهم.
وهذه برأيي نقطة قوة تصب في صالح الهيئة.
كذلك، نصت المادة رقم ١٩ على: ” مع عدم الإخلال بما نصت عليه المادة (الرابعة والعشرون)من النظام،يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام المواد (الخامسة، والسادسة، والسابعة، والحادية عشرة) من هذا النظام بغرامة لا تتجاوز(10%)من إجمالي قيمة المبيعات السنوية محل المخالفة، أو بما لايتجاوز (عشرة ملايين) ريال عند استحالة تقدير المبيعات السنوية. وللجنة -في حالات تقدرها- الاستعاضة عن ذلك بإيقاع غرامة لا تتجاوز ثلاثة أضعاف المكاسب التي حققها المخالف نتيجة المخالفة.
وهذه ايضا تعد نقطة قوة. لكن، طالما اننا لازلنا نرى تجاوزات من قبل بعض ملاك الانشطة التجارية، فهذا يعني ان الخلل اكبر من مجرد غرامات تطبق عليهم. اذ انه بمبدأ التاجر هي كالاتي: تحقيق صافي ارباح بمعدل عالي، غرامة قد تفرضها الهيئة العامة للمنافسة في حال تم اكتشافه، وبالتالي هذه تعد هامش مخاطر لتجارته. هي مجرد معادلة رياضية، عندما يتم حساب معدل الأرباح مقابل احتمالية الخسارة.
فهذا يعني أن استمرارية هذه الممارسات من دون وجود الخوف من الرقابة او اكتشاف مخالفتهم للأنظمة، فهامش الخسارة موجود، ولكن احتمالية وقوعه متوسطة وربما منخفضة.
هكذا هي عالم الأعمال، لا نستطيع أن نعول على مبادئ التاجر، اذ انه هو صاحب مصلحة خاصة، وبالتأكيد لا نستطيع ان نطالبه تكرما منه أن يطبق مبادئ المنافسة. ولكن، عند مراعاة فكرة ان التجارة هي لغة الأرقام، فلابد التعامل مع الموضوع تشريعيا و رقابيا بنفس الطريقة، من اجل تقليل الممارسات الاحتكارية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال