الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تَسعَى مشاريع الأعمال إلى تَثمِير رأس المال وتحقيق الأرباح بالدرجة الأولى، وذلك عن طريق تشغيل فعاليَّاتِهَا الاقتصادية والتجارية والصناعية بكفاءةٍ وقدرةٍ على تحقيق متطلبات المستهلكين واحتلال مركز الصدارة بين المنافسين.
لكن هذا العمل التشغيلي قد يؤدِّي في الكثير من الأحيان إلى الإِضرار بالمكونات الجوهرية ضمن الدولة؛ مثل الأضرار الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية التي تؤدِّي إلى حدوث تجاذب مصالح يحكمه الموازنة بين الفائدة الاقتصادية وعدم الإضرار بمكونات المجتمع، وموارِدِهِ وبيئَتِهِ، وتنمية أفراده.
تلك هي إحدى الهموم التنظيمية لدى الرقابة على مشاريع الأعمال، والتي يتمُّ تنظيمها من خلال النظام البيئي.
لكن المشكلة في الأنظمة ذات الطابع الساري الآني أنها عبارة عن قواعدٍ نظريةٍ جامدةٍ قد تتحايل الشركات العملاقة عليها بغرض تعظيم أرباحها، فيصعب اكتشاف مخالفاتها إلاَّ بعد اتضاح آثارها السلبية.
هذه الحقيقة قد تكون إحدى أهم العقبات أمام تنفيذ خطط التنمية الاستراتيجية المُتَمَثِّلة بالرؤى طويلة المدى.
ومن هنا، فقد ظهرت فكرة الاستدامة كأداة تقييمٍ، وليس كقاعدة نظريةٍ جامدةٍ؛ أي أنَّ الشركة ستَخضَع لتقييم مدى احترامِهَا للبيئة أمام وزارة التجارة والسوق المالية.
بهذه الطريقة، يمكن أن يتمَّ توسيع ماهية الاستدامة حتى تشمل، ليس فقط المحور البيئي، بل أيضاً الاقتصادي والاجتماعي في الدولة؛ كالتالي:
وتجدر الإشارة إلى أنَّ محاور الاستدامة كما هي مذكورةٌ ليست قواعد نظامية آنية، بل هي منهج عمل مستقبلي لمشاريع الأعمال، يؤدِّي تطبيقُهَا المتدرِّج إلى تحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية والاجتماعية من تشغيل رؤوس الأموال.
لكن آثار الاستدامة ستَظهَر بشكلٍ تدريجيٍّ أطول وقتاً من تأثير الأنظمة التقليدية الملزمة، إلاَّ أنَّ أثر الاستدامة أكثر مرونة وأعمق أبعاداً، كما يلي:
وهنا نتساءل:
إذا كانت الاستدامة أشبه بمرحلةٍ مُتقدِّمةٍ من حوكمة الواقع الاستثماري المستقبلي في الدولة، فكيف يجب أن تَنعَكِسَ الاستدامة على الأنظمة واللوائح الحالية؟
الحقيقة، هي أنَّ الواقع هو جزءٌ لا يتجزَّأ من الاستدامة، فهو نقطة البداية، فيجب أن تُعبِّر الأنظمة عن القواعد المطلوبة لتنفيذ المراحل الأولى من التغيير المُستَدَام بيئياً واقتصادياً واجتماعياً، كالتالي:
وبالنتيجة، نستطيع القول بأنَّ مفهوم الاستدامة ليس بِذِي ماهيةٍ نظاميةٍ آنيةٍ، لكنَّه مفهومٌ تغييريٌّ تحويليٌّ يتمُّ تطبيقه بشكلٍ نظاميٍّ مُتدرِّجٍ أولاً، وتطوير البيئة النظامية حتى تتَّسق مع الأهداف المستقبلية للتنمية المستدامة ثانياً.
لذا، فإنَّ الوصول إلى المستقبل المُستَدَام لن يتمَّ إلاَّ بالتنسيق بين جميع أطراف العمل الحكومي والاستثماري بغرض فرض الاستدامة كأداة تقييمٍ للشركات؛ حتى تُدرِك إدارَاتِهَا بأنَّ التحوُّل المُستَدَام سيَجعَلُهَا خارج السوق، بينما إن هي التزمت بخطة الاستدامة فإنَّها ستتمكَّن من الحصول على مكانةٍ اجتماعيةٍ في الدولة على المدى الطويل، وليس الحصول على فرصة استثمارية على المدى القصير أو المتوسِّط فقط.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال