الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتداول لدينا مؤخراً مصطلح “المتسوق الخفي” سواء في الجهات الحكومية أو الخاصة وبرزت أهميته أكثر تزامناً مع إطلاق رؤية المملكة 2030 والاهتمام بتحسين أداء الجهات الحكومية ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. حيث أن تلك المنهجية تعتبر من أدوات أبحاث السوق وقياس تجربة العميل، فهي تعكس واقع الخدمات المقدمة. وبتعريف بسيط للمتسوق الخفي، فهو قيام شخص بتقمص دور العميل والمرور بجميع المراحل التي يمر بها حتى حصوله على الخدمة وتقييم مدى امتثالها للمعايير المطلوبة من الجهة المقدمة لتلك الخدمة.
وتلك المنهجية بدأت في قطاع البنوك أولاً في حدود عام 1940 م وكانت مركزة بشكل خاص على تقييم نزاهة الموظفين، ثم توسع المفهوم شيئاً فشيئاً حتى شمل جوانب متعددة في البنوك مثل سهولة الإجراءات، احترافية الموظفين، سرعة الحصول على الخدمة، ثم تم تطبيقها على قطاع التجزئة وتوسع ليشمل جميع القطاعات الحكومية منها والخاصة.
وبالنظر لإرثنا الثقافي، فإني أرى أول من استحدث هذا المفهوم هو الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حيث ذكر الأثر أنه كان يتفقد أحوال رعيته ليلاً ويعرف ما يشكون منه وما يريدونه، ومن ثم يحلها بشكل عاجل في الصباح. أما في الوقت الحاضر، فالدكتور غازي القصيبي رحمه الله طبق هذا المفهوم على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين حيث بدأها عندما تم تعينه وزيراً للصناعة والكهرباء عام 1976م فكان من ضمن المهام التي يحرص عليها في زيارته الخفية أن يتلقى كذلك اتصالات الشكاوى بنفسه ليعرف عن قرب أهمها ويسرع في حلها. وكذلك، عندما تولى وزارة الصحة عام 1982، حيث قام بزيارة مفاجئة لمستشفى الشميسي (الملك سعود حاليا) في أول يوم له كوزير ليسمع ويرى عن قرب تجربة المرضى والطاقم الطبي والإداري كذلك. فليس من المفاجئ أن ينهي زيارته بترقية موظف أو معاقبة مدير. وهذا برأيي هو الفائدة الملموسة من تطبيق هذه المنهجية، تحسين ما يمكن تحسينه بشكل فوري.
فما يحصل في الوقت الحالي في الغالب، بأن هناك مئات الزيارات التي يتم جدولتها ويتم استخراج تقارير دورية بناء عليها والتباهي بتوفر الأرقام والتقارير، وتكون الاستفادة من تلك التقارير بطيئة وبدون تصحيح عاجل وتدخل سريع. فلا يتم التدخل الفوري إلا في الحالة الطارئة أو ما تسمى (Red flag)، وهذا برأيي لا يكفي إطلاقاً. فلتعظيم الاستفادة من تلك المنهجية، يكون هناك تقرير عاجل لأول زيارة، بحيث يتم تصنيف التحسينات بناء على الأسهل تطبيق والأكثر تأثيرا على العميل، فيتم البدء بالأسهل تغييراً والأكثر تأثيراً. ويتم متابعة تلك التحسينات البسيطة المؤثرة ومدى امتثالها في الزيارة القادمة وعمل خطة زمنية لإجراء تلك التحسينات المتوسطة والطويلة المدى ومتابعة تطبيقها. وبهذه الطريقة نكون فعلنا التصحيح السريع والفعال من الزيارات. هذا على افتراض أنه من الأصل تم تصميم استمارة الزائر الخفي وتحليلها بطريقة محترفة.
خلاصة القول، لا فائدة من المتسوق الخفي إذا لم يتم عمل خطة واضحة لتحسين تجربة العميل على المدى القصير والمتوسط والطويل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال