توطين حضرات السادة المستشارين!

“اقدم لكم السيد المستشار، المهندس الدكتور حفيظ، وهو أمريكي الجنسية شمال أفريقي الأصل، ويمتلك من الخبرات العالمية في مجال اللوجستيات والنقل بالولايات المتحدة، وقد أنجزت شركته العملاقة العديد من الخطوات في إدارة اللوجستيات وتشغيل الموانىء و”…. حينها سمع الجميع صوت فارس من بين الحضور وهو يقاطع المتحدث قائلاً: أرجو التوقف عن هذا السياق قليلاً، لدي أمر أود الكشف عنه الان.

التفت الجميع للاستماع إلى فارس بعد أن تحولت نظراتهم من الانبهار بخبرات حفيظ إلى ترقب ما سيفصح عنه فارس، الذي صعد بخطوات سريعة إلى المسرح مستلاً المايكروفون بكل حماس قائلاً: اهلاً وسهلاً بالجميع، أود التوضيح بأن حفيظ الذي تم تعيينه اليوم كمستشار تنفيذي وبراتب يبلغ أربعة أضعاف متوسط رواتب موظفينا السعوديين في هذا القطاع، حقيقة حفيظ التي أود الإعلان عنها، بأن شخصية حفيظ الحقيقية هي انه مجرد عامل شحن وتفريغ تمت ترقيته العام قبل الماضي إلى “مراقب ساحة” بسيط كان يعمل في شركة شحن تعاملت معها في ولاية فلوريدا ابان فترة دراستي بالولايات المتحدة!

تمتم الحضور بكلمات يظهر مضمونها بأنه انتقاد لما تم من آلية استقطاب لهذا “المستشار” وكيف انه لم يتم التأكد من مؤهلاته وخبراته الحقيقية قبل ترشيحه وتعيينه. أدار فارس بصره نحو “حفيظ” الذي أصبح في موقف حرج جداً. كيف سيتمكن من تكذيب فارس، وهو يعلم جيدا انه صادق، وقد وصل حفيظ حينها لقناعة بأن حلم العمل والحياة بالسعودية أصبح هشيماً تذروه الرياح.

افاق فارس من حلم اليقظة الذي كان غارقاً فيه من بداية هذا المقال، وعاد للواقع ليجد حفيظ أمامه وهو يغمز له بإحدى عينيه بطريقة مستفزة، ولسان حاله يقول: أرني مالديك، انعقد لسان فارس ولم يتمكن في الواقع من مجابهة حفيظ، وقد خشي في “الحقيقة” ان يتم اعتباره صاحب سلوك مسيء وبالتالي استبعاده من تشكيلة فريق الإدارة العليا بالجهة.

وبينما هو في بحر الأفكار المتلاطمة، أمسكت بكتفه يد رجل ضخم، فنظر اليه ليجده حفيظ بذاته، وباغت حفيظ فارس بقوله: اسمع يا فارس، انا بدأت بداية جديدة وأرغب ان نطوي سوياً صفحة الفقر في امريكا، وانا في المقابل كمستشار سأرشحك لمناصب عليا.. مارايك؟ .. قضب فارس حاجبيه وكان الرد بكل صرامة: أغرب عن وجهي ياحفيظ، لا اريد منفعة مبنية على الكذب واخفاء الحقائق، كما اتمنى اتمنى ان تستقيل قبل ان تقال، أيامك معدودة بيننا.