3666 144 055
[email protected]
تماشياً مع العديد من الدول الصناعية المتقدمة في الاستجابة للتحديات التي يمر بها العالم هذا اليوم، تتبع المملكة حاليًا اتجاهًا جديدًا فيما يتعلق بـ استراتيجيتها الاقتصادية. كشفت فيها عن منهجية جديدة لتطوير الصناعة وتتمثل في إصلاحات هيكلية على الجانب الاقتصادي والمالي والصناعي، عبر مضاعفة الناتج المحلي الصناعي بنحو 3 مرات، ومضاعفة قيمة الصادرات الصناعية لتصل إلى 557 مليار ريال (148.5 مليار دولار)، مع التركيز على 12 قطاعاً لتنويع الاقتصاد الصناعي. هذا بالتأكيد سيعزز من رفع معدلات النمو الاقتصادي مع الحفاظ على الاستقرار والاستدامة المالية.
وتعد الاستراتيجية الصناعية أداة مهمة للغاية لمعالجة أغلب قضايانا الحالية. حيث يصاحبها تغيير هيكلي عميق ومؤثر والذي سيغير تماماً طريقة عمل الاقتصاد للأفضل، من حيث تدفق رأس المال والأنظمة واللوائح والمسؤوليات التي تؤدي إلى تغيير طريقة العمل والكثير من الأهداف الاقتصادية. بشكل يزيد من جاذبية الاستثمار الأجنبي، فضلاً عن إطلاق شراكات عالمية، ستسهم بشكل قوي في نقل التكنولوجيا الصناعية وتوطين التقنيات الصناعية الحديثة، ونقل الخبرات وتأهيل الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات. والنجاح الاقتصادي بالتأكيد سيشمل توفير وظائف جيدة، بأجر جيد، في كل مناطق المملكة. لذلك وجود استراتيجية صناعية طويلة المدى أمر ضروري لتحقيق ذلك.
كما تساعد الاستراتيجيات الصناعية الدول على فهم كيفية بناء الأطر ودعم الشركات داخل القطاعات الفردية. تعمل هذه الاستراتيجيات على التأكد من أن الدولة تعرف ما لديها وكيف تطور ما لديها. كما تتضح الصورة أيضًا فيما يتعلق بالقدرات الموجودة، وما الذي يتعين عليها فعله لجذب الاستثمارات، ولماذا يعد القيام بذلك أمرًا مهمًا؟ لذلك ربما يكون لدولة ما جزء كبير من سلسلة القيمة لقطاع معين، لكنها تفتقد عنصرًا أو تطورًا جديدًا ظهر في مكان آخر.
من الممكن استهداف تطوير هذا العنصر المفقود إما لجذبه أو تطوير القدرة داخل البلد (وهذا ينطبق على كافة القطاعات)، وعلى هذا الأساس تكتمل سلسلة التوريد التي تجعل الاقتصاد أقوى. على سبيل المثال، يمكن أن يكون الاقتصاد بارعًا في تطوير المنتجات بينما يفتقر إلى المصانع لصنع هذه المنتجات. لذلك، يجب أن يسعى الاقتصاد إلى بناء أو جذب أولئك الذين يديرون المصانع. تبدأ الإستراتيجية الصناعية من خلال النظر في الاتجاهات الكبرى للاقتصاد العالمي، على سبيل المثال، الاعتراف بأن الناس يريدون العيش لفترة أطول وفي بيئة أفضل، وأن الثروة الاقتصادية يتم توزيعها على الأسواق الناشئة، وأن التكاليف آخذة في الارتفاع وأن اسعار الطاقة متجهة للارتفاع أيضاً وأن المياه تشكل ندرة.
ثم يسعى إلى فهم ما يحتاجه الاقتصاد حتى تتمكن الشركات من البقاء وتطوير الأفكار والابتكارات ذات الصلة وتقديمها إلى السوق. من خلال القيام بذلك، يمكن للحكومات أن تقرر الإجراءات التي يتعين عليها اتخاذها في قطاعات مختلفة لبناء إطار عمل وتمكين الشركات من النمو والبقاء والبناء. هناك دائمًا مفاضلات يجب القيام بها وتحديد الأولويات. في النهاية، يتم إنشاء القيمة الاقتصادية من قبل الشركات العاملة في الإطار الذي تم إنشاؤه لها.
على سبيل المثال، يحتاج الاقتصاد الذي يرغب في دخول قطاع ذي قيمة عالية إلى اتخاذ قرار ليس فقط لتطوير هذا القطاع ولكن أولئك الذين سيعملون في هذا القطاع. فهو يحتاج إلى الحفاظ على تطور هذه الصناعة أثناء العمل على السياسات واللوائح الجديدة اللازمة لدعم الشركات في هذا القطاع. يشبه البعض تطوير الاستراتيجيات الصناعية بالوعي المتزايد لما يحاول الاقتصاد تحقيقه وما يحتاج إلى القيام به لتحقيق ذلك.
في الواقع، على مدى العقود المتتالية، وكما قال سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان “أضعنا 40 سنة كان باستطاعتنا أن نكون خلالها مثل الهند والصين في مجال الصناعة، ولكننا قررنا ألا نضيع وقتاً آخر بهذه الاستراتيجية الجديدة للصناعة”. هذا بالتأكيد هو الكلام الصحيح. فجميع البلدان القريبة مننا أو البعيدة لديها استراتيجيات صناعية يشكلونها حسب خططهم وأولوياتهم. ما نعجب به في الآخرين هو قدرتهم على سرعة التنفيذ والتغيير. هذا هو السبب في أن الوقت مناسب للمملكة لتنفيذ استراتيجياتها الصناعية – لأننا نحتاج إلى معرفة ماذا وكيف ولماذا ومتى سنحتاج إلى التحول إلى وطن يصنع.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734