الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في نهاية الأسبوع الماضي كشفت وزارة المالية السعودية في بيانها التمهيدي لميزانية المملكة للعام المقبل 2023 أن الإيرادات المقدرة ستبلغ 1123 مليار ريال، فيما ستكون المصروفات المتوقعة 1114 مليار ريال، مع تسجل فائضاً بقيمة 9 مليار ريال، وهو ثاني فائض للميزانية للعام الثاني على التوالي، حيث يتوقع تسجيل فائض بقيمة 90 مليار ريال بنهاية العام الجاري 2022.
وتأتي هذه الأرقام في خضم التحديات الخانقة غير المسبوقة التي تواجه كافة دول العالم، ابتداءً من تردي أوضاع المناخ وانتشار الأوبئة وتفاقم حدة الفقر وتفشي البطالة، ومروراً بتفاقم وتيرة الحروب التجارية وتراجع النمو الاقتصادي وارتفاع قيمة الديون السيادية، وانتهاءً بزيادة نسب التضخم وتفشي الركود نتيجة حدة النزاعات الدموية بين القطبين الشرقي والغربي وتأثيرها على تراجع سلاسل إمدادات الطاقة والغذاء، لتؤكد أرقام الميزانية نجاح المملكة في مواجهة هذه التحديات من خلال تنفيذ رؤيتها الطموحة واتخاذها مبدأ الحياد بين القطبين المتنازعين والتركيز على تنفيذ استراتيجية محكمة لحماية اقتصادنا الوطني، تحقيقاً لأهداف استدامة نموه، ليصبح وطننا الملاذ الآمن لأجيالنا القادمة.
ولأن المملكة تعتبر عضواً مهماً في مجموعة العشرين، ولاعباً فعالاً في المنظمات الدولية، وشريكاً استراتيجياً في الاتفاقيات الإقليمية، جاءت أرقام الميزانية بعد إشادة المنظمات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي بنجاح المملكة في التعامل مع التحديات العالمية لتشهد انتعاش الأنشطة الاقتصادية السعودية انتعاشاً قوياً مدعوماً بالإصلاحات التي تم إطلاقها، ومدفوعاً بتعافي قطاع التصنيع غير النفطي وقطاع التجزئة، بما في ذلك التجارة الإلكترونية والقطاع التجاري، إضافةً إلى تخفيض معدلات البطالة من 12.8% إلى 10.1%، مع رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى حوالي 32.9 %.
وتوقعت المنظمات الدولية تحقيق المملكة هذا العام لأسرع نمو اقتصادي بين دول العالم بنسبة تفوق 7.6%، ليرتفع النمو غير النفطي إلى 4.2%، مع ازدياد فائض الحساب الجاري ليصل إلى 17.4% من إجمالي الناتج المحلي، نتيجة مضاعفة الإيرادات غير النفطية من 166 إلى 372 مليار ريال، ما أدى إلى تخفيض العجز المالي في الميزانية والتحول إلى فائض خلال العام الجاري، وهو مستوى لم يسٌجَّل منذ عام 2013.
ولا شك أن نجاح المملكة في التصدي للتحديات العالمية جاء في المقام الأول نتيجة تنفيذ المملكة لأكثر من 13 برنامجاً تنموياً، وإنجاز أكثر من 555 إصلاحاً في تيسير التجارة وتطوير خدمات المستثمرين، من أبرزها تقليص مدة البدء بالنشاط التجاري من 15 يوماً إلى 30 دقيقة، وتقليص مدة استخراج السجل التجاري لتصبح 180 ثانية فقط، وخفض إجمالي متطلبات تراخيص الاستثمار بنسبة 54%، ونقل ملكية العقارات خلال 60 دقيقة، وتخفيض عدد المواد الكيميائية المقيدة بنسبة 73% لتسهيل إجراءات الاستيراد. كما أدى التزام المملكة بمبادئ الشفافية والمصداقية، من خلال إطلاق منصات ملاحظات القطاع الخاص، إلى تحسين الإجراءات وتعديلها وتضاعف تدفق استثمار رأس المال الأجنبي 400% ما كان عليه في عام 2016، وزيادة عدد المصانع إلى 10,293 مصنعاً برأس مال يقدر بـنحو 1,33 تريليون ريال، وارتفاع عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتصل لأكثر من 892 ألف منشأة.
وكان لإطلاق برنامج “صُنِعَ في السعودية” لتنمية الصادرات الصناعية وتعزيز الولاء لها، بالإضافة للانضمام لعضوية المنظمة الأوروبية لإدارة الجودة (IFQM) لتطبيق أفضل المعايير العالمية، والانضمام لبرنامج الممارسات الزراعية الجيدة (GAP) لحماية واستدامة الموارد الطبيعية، أهم الخطوات لزيادة الصادرات السعودية غير النفطية، وحماية الأسواق المحلية من الممارسات التجارية غير العادلة. وكان لهيئة تنمية الصادرات أكبر الأثر في تحقيق هذه الزيادة من خلال تنفيذ أكثر من 200 مشروع ضمـن خدمــة المناقصـات الدوليــة فــي 74 دولــة.
كما كان تعظيم قدرات صندوق الاستثمارات العامة أهم الخطوات الناجحة الرامية لتأسيس 55 شركة في 13 قطاع استراتيجي ليصبح خامس أكبر الصناديق السيادية العالمية، ويساهم في توطين نصف مليون وظيفة. وواكب هذا النجاح تنفيذ وزارة السياحة لأكثر من 9 برامج سياحية مع 31 مبادرة لتوفير تجربة سياحية سلسة وممتعة، واختيار 24 موقع بارز و 38 موقع بإمكانات كبيرة و500 موقع مكمل لتنمية السياحة.
وكنتيجــة مبــاشرة لتطبيــق برنامج تفضيــل المحتــوى المحلـي فـي الأعمــال والمشتريات الحكومية، الــتي شـملت 319 منتجـاً، ظهـرت مؤشرات دعـم المحتوى المحلـي لعـام 2021 بنســبة تغطيــة تصــل إلى %83 في المنافسات الحكوميــة. كما ارتفعت حصة المحتوى المحلي في توطين ونقل تقنية النفط والغاز بنسبة 60% نتيجة إطلاق مبادرة وزارة الطاقة في هذا المجال، بينما تسعى الصناعات العسكرية لرفع نسبة المحتوى المحلي إلى 50% بحلول عام 2030 خاصة بعد زيادة عدد الشركات المرخص لها في القطاع العسكري إلى 144 شركة.
وبالنسبة للقطاع الخاص السعودي فلقد ارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري إلى 58.7%، ليحقق الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص نمواً خلال نفس الفترة بنسبة بلغت 11.2%، مع انخفاض معدلات التضخم بالمملكة إلى أقل من النصف.
ونتيجة لهذه الخطوات الناجحة حققت المملكة عالمياً هذا العام المرتبة الأولى في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي والتنافسية الرقمية والتحول الرقمي في الشركات ومعدلات سرعة التنزيل لخدمات الجيل الخامس، والمركز الثالث في تقنية الجيل الخامس للاتصالات، والمركز السابع في سرعة الإنترنت عبر الهاتف لتزداد سرعة الإنترنت بنسبة تجاوزت 400% والتي أدت لتحسين جودة وسرعة خدمات الإنترنت المتنقلة في المملكة ورفع جودة خدمات الاتصالات المقدَّمة للمواطن. كما حققت المملكة عالمياً المرتبة الثانية في الأمن السيبراني وتخصيص النطاقات الترددية، والمرتبة الثالثة في مؤشر حماية أقلية المستثمرين وفي الاحتياطات الأجنبية، و المرتبة 24 في التنافسية العالمية، والمرتبة 18 في الكفاءة الحكومية، و المرتبة 25 في كفاءة الأعمال، والمركز الرابع في الحرية المالية، و المرتبة العاشرة ضمن أكثر النساء تعليماً.
وجاء تقدم المملكة 5 مراتب في مؤشر التنمية البشرية الصادر عن تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2022 كمؤشر يعكس استمرار نجاحات التعليم السعودي، الذي حقق المركز 35 من بين 191 دولة، خاصة بعد تصنيف 4 جامعات سعودية ضمن أفضل 100 جامعة عالمية تسجيلًا لبراءات الاختراع في العام 2021، وارتفاع عدد الجامعات السعودية في التصنيف العالمي للجامعات “شنغهاي” لعام 2022 إلى 15 جامعة.
ولن تتوقف المعجزة السعودية عند هذه الحدود، فطموحاتنا لتحقيق رؤية مملكتنا مستمر لنفتخر بإنجازاتنا ونستحق انتمائنا لها و “هي لنا دار”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال