الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“انت اللي بتحرك الماركت.. مش هو اللي بيحركك” نطق هذه الكلمة بتفاؤل وقوة، رجل ضخم عريض المنكبين، وهو ببساطة “رشاد” مدير المبيعات الإقليمي لواحدة من أكبر شركات الأدوية في المملكة والعالم، وحصل لثالث مرة على التوالي على جائزة أقوى رجال المبيعات في الشرق الأوسط.
خرج مندوبي المبيعات من الاجتماع ومن ضمنهم فارس الشاب السعودي المستجد الذي كان الامتعاض وعدم الاقتناع بادياً على وجهه بعد الاجتماع، خرج بينما تراوده الأفكار والرؤى حول الأمر، هل يجب أن يتماشى عمل رجل المبيعات مع “الطلب” في السوق، ام انه بالإمكان اقتحام السوق بمنتجات جديدة تغير عادات المجتمع، أو النمط الاستهلاكي، هل الموضوع بهذه السهولة؟.
وجد فارس نفسه خارجاً في وقت مستقطع من مقر شركته في البرج الضخم المطل على البحر الأحمر، والذي يضم المقرات الرئيسية لعدد من أكبر الشركات بالمملكة، وألقى بصره عند أمواج البحر يراقبها في صمت ويتذكر الماضي القريب، حياته الجامعية قبل عدة سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية.
كان احساس فارس وكأنه سافر في تلك اللحظة عبر الزمان والمكان إلى تلك الجامعة الضخمة التي اكمل فيها دراسته في ولاية فلوريدا، بقاعاتها وطرقاتها ومساحاتها الخضراء، ووجد نفسه بين اقرانه الامريكان وثلة من القادمين من جميع أنحاء العالم لينهلوا العلم من مصادره. و رأى على منصة القاعة رجلاً سبعينياً بسيطاً يدعى “باتريك” يرتدي بنطال جينز وقميصاً لا تتعدى قيمته ١٠ دولارات فقط! ولكنه يعمل مديراً للمبيعات في أكبر شركة بمجال المواد الاستهلاكية في العالم اجمع.
وقف باتريك أمام الحضور ونظر إلى فارس تحديداً بينما كان يتحدث عن تسويق المنتجات الأساسية للاستخدام اليومي الشخصي في الشرق الأوسط، وحينها سأله فارس عن طريقة دخول هذه المنتجات في مراحلها الأولى بالمملكة العربية السعودية، فقال باتريك: خلصت جميع اجتماعاتنا المبدئية في ذلك الوقت إلى نتيجة تقول باستحالة استبدال المسواك وهو موروث مجتمعي وديني، بمعجون وفرشاة الأسنان، وهي اختراع حديث، ولكننا فعلناها رغم كل هذه التكهنات.
حينها عاد باتريك بنظره إلى فارس، وسأله بشكل مباشر، سؤالاً لم يتوقعه، فقال: كم مسواكاً استخدمته في حياتك، كانت ايماءة فارس توحي بأن العدد لا يزيد عن صفر، فوصلت حينها المعلومة للجميع حينها، وتبخرت ذكريات أمريكا، وعاد فارس إلى وعيه على صوت أمواج جدة، عندما امسكت بكتفه يد رجل ضخم، فأدار وجهه ليجد مديره المباشر رشاد، الذي باغته بالسؤال: ما رأيك أن نتناول الغداء سوياً انت شاب ممتاز بس شكلك ما اقتنعت بكلامي في الاجتماع صباح اليوم، رد عليه فارس ببديهة عالية: اكيد سأذهب معك للغداء، ولا تقلق، أصبحت عندي قناعة تامة بكلامك. وابتسم فارس مبتعداً مع رشاد وهو يقول له مازحاً: انت اللي بتحرك الماركت مش هو اللي بيحركك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال