الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ضمن سلسلة مقالات الحوكمة نقف في هذا المقال حول حوكمة الشركات العائلية، هذه الشركات التي تساهم في قوة واستقرار الأسواق والاقتصاد المحلي والعالمي نظراً، لما للشركات العائلية من تأثير وثقل في الحجم والمكانة.
وتُعَّرف الشركة العائلية بأنها هي الشركة التي تملك بالكامل أو تسيطر عليها عائلة معينة، والشركة العائلية تكون على شكل أحد أنواع الشركات الواردة بنظام الشركات.
ولم يتم النص على الشركة العائلية في نظام الشركات الصادر عام 1437ه، إنما تمت الإشارة إلى الشركة العائلية في المادة الحادية عشرة من نظام الشركات الصادر عام 1443ه، التي تضمنت جواز إبرام ميثاق عائلي يتضمن تنظيم الملكية العائلية في الشركة وحوكمتها وإدارتها وسياسة العمل وسياسة توظيف أفراد العائلة وتوزيع الأرباح والتصرف بالحصص أو الأسهم وآلية تسوية المنازعات ونحوها، على أن يكون الميثاق العائلي ملزماً، ويجوز أن يكون جزءاً من عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس. على أن ألا يخالف الميثاق العائلي نظام الشركات أو عقد تأسيس الشركة العائلية أو نظامها الأساس.
وصدر من وزارة التجارة ميثاق استرشادي للشركات العائلية السعودية عام 1439ه / 2018م، تضمن الميثاق الإشارة إلى قيم العائلة وأهدافها، وجمعيات المساهمين، ومجلس العائلة، ومجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، وسياسة العمل في الشركة، والتصرف في الأسهم والتخارج من الشركة.
ويجب عند الحديث عن حوكمة الشركة العائلية استحضار تعريف ومبادئ حوكمة الشركات بشكل عام، لأن الشركة العائلية في حقيقتها هي أحد أنواع الشركات العامة في نظام الشركات، تنطبق عليها مبادئ حوكمة الشركات.
ويمكن لنا تعريف حوكمة الشركة العائلية : أنها القواعد والإجراءات التي يتم من خلالها قيادة الشــركة العائلية، وتشــتمل على آليات لتنظيم العلاقات المختلفة بين الإدارة والمســاهمين وأصحاب المصالــح، وإضفاء طابع الشــفافية والمصداقية على الشركة، بغرض حماية حقوق المساهمين وتحقيق العدالة والتنافســية والشفافية.
وأما عن مبادئ حوكمة الشركات هي :
1) الإفصاح والشفافية : وذلك من خلال إفصاح مجلس إدارة الشركة أو مجلس المديرين أو المدير عن جميع المسائل الجوهرية المتعلقة بالشركة، بما في ذلك نشر القوائم المالية وغير المالية، والأداء ونسب الملكية، ونحوها.
2) العدالة : من خلال تعامل الشركة بإنصاف ونزاهة وعدالة مع المساهمين وأصحاب المصالح، وأن تأخذ هذا المبدأ في قراراتها وإجراءاتها وتعاملاتها، فالشركة ملزمة بحماية حقوق المساهمين من خلال حصولهم على جميع حقوقهم المتصلة بالسهم، من الحصول علــى نصيبهم من الأرباح التــي يتقرر توزيعهــا، والحق فــي الحصول على نصيبهم من موجودات الشــركة عند التصفية، وحق حضور جمعيات المساهمين أو جميعة الشركاء والاشتراك في مداولاتها والتصويت على قراراتها، وحق التصرف في الأسهم، وحق مراقبــة أعمال مجلــس الإدارة أو مجلس المديرين أو مدير الشركة ومساءلتهم بل ورفع دعوى المســؤولية عليهم، وحق الاستفسار وطلب المعلومات بما لا يضر بمصالح الشــركة.
3) الرقابة : من خلال الرقابة العامة من المساهمين على أعمال مجلس الإدارة أو مجلس المديرين أو مدير الشركة والاطلاع على القوائم المالية، والرقابة على الأعمال من إدارات أو أقسام داخل إطار الشركة مثل : ( الرقابة الداخلية – الالتزام – المخاطر )، أو الرقابة على أعمال الشركة من خارجها عن طريق المراجع الخارجي، أو مجلس العائلة .
4) المسؤولية والمساءلة : تقترن المساءلة بوضوح المسؤوليات، لذا ينبغي قبل المساءلة تحديد المسؤوليات والصلاحيات بشكل دقيق، لذا تهدف الحوكمة إلى بيان السياسات والإجراءات والهياكل التنظيمية والوصف الوظيفي للمجالس واللجان والموظفين مع توضيح المسؤوليات والمهام بشكل واضح ودقيق. ونقصد بالمساءلة : مساءلة الأشخاص عن المسؤوليات المنوطة بهم، ومدى التزامهم بها، والصلاحيات المخولة لهم، واستخدامهم لها بالشكل الصحيح، على كافة المستويات، فالموظفون مسؤولون أمام الإدارة التنفيذية والإدارة التنفيذية مساءلة أمام مجلس الإدارة، ومجلس الإدارة أو مجلس المديرين أو مدير الشركة مساءل أمام المساهمين والشركاء في الجمعية العامة، ومجلس العائلة وفق الصلاحيات الممنوحة له بموجب الميثاق العائلي.
5) الاستقلالية : من أجل فرض رقابة ومساءلة على مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية للشركة، جاءت الحوكمة في اشتراط استقلالية اثنين أو ثلث أعضاء مجلس الإدارة أيهما أكثر، واشترط وجود عضو مستقل في لجنة المراجعة ولجنة المكافآت ولجنة الترشيحات، وذلك في الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية.
ويمكن لنا إضافة ما يخص حوكمة الشركة العائلية، في حال وجود ميثاق عائلي وفقاً لأحكام المادة الحادية عشرة نظام الشركات الصادر عام 1443ه، قد يندرج تحته ما يلي:
أولاً : تفعيل دور مجلس العائلة، وهو (مجلس يتألف من عدد من الأعضاء ينتخبهم المساهمون المنحدرين من عائلة واحدة، من بين أعضاءها بطريق اقتراع سري في اجتماع خاص ينعقد لهذا الغرض)، ومن الأدوار المقترحة لهذا المجلس ما يلي :
أ- مراقبة أداء مجلس الإدارة، وإبداء الرأي الاستشاري للجمعية العامة للمساهمين.
ب- السعي إلى تسوية أي خلاف ينشأ بين أعضاء العائلة قد يكون له تأثير في أعمال الشركة.
ت- النظر في أي مقترحات أو أفكار تطرح لاستثمار أصول الشركة أو ممارسة نشاط تجاري أو استثماري يدخل- بشكل مباشر أو غير مباشر – ضمن أنشطتها وعرضها على مجلس الإدارة.
ث-بذل ما يلزم من جهود لتهيئة أجيال جديدة من العائلة-علمياً ومهنياً- لتولي أعمال الرقابة على أداء الشركة، وإمكانية المشاركة في إدارتها والعمل فيها.
ج- أي اختصاصات أخرى تسند إليه أو تكلفه بها العائلة أو الجمعية العامة.
ثانياً : إعداد سياسة واضحة وعادلة لإدارة الموارد البشرية في الشركة فيما يخص أفراد العائلة، تتضمن الآتي :
أ- قواعد واضحة لتعيين عضو العائلة عاملاً في الشركة، وتتضمن شروط تعيينه، مثل : المؤهل والخبرة والعمر، ومعايير الأداء، وأحكام إنهاء الخدمة.
ب- تحديد أجر عضو العائلة العامل في الشركة بناء على ما يلي :
1/ مستوى الوظيفة التي يشغلها.
2/المهام والمسؤوليات المنوطة به.
3/ مؤهلاته العلمية.
4/ مستوى أدائه.
ثالثاً : تنظيم التصرف بالأسهم وتخارج المساهم من الشركة العائلية، من خلال عرض المساهم رغبة بالتنازل عن أسهمه – بمقابل أو غير مقابل – للمساهمين عن طريق مجلس الإدارة، ويجوز المساهمين طلب ممارسة الأولوية لشراء هذه الأسهم، وفق الإجراءات المقررة في الميثاق العائلي، على أن تتضمن تلك الإجراءات ما يتعلق بتقييم قيمة الحصة والأسهم المملوكة للمساهم، من خلال أكثر من مقيم معتمد، واعتماد متوسط قيمة التقييمات للأسهم ليكون المعتمد في البيع، وطريقة دفع المشتري قيمة الحصة والأسهم، وإمكانية تقسيطها على دفعتين أو دفعات وفق الاتفاق بين الأطراف.
وتكمن أهمية حوكمة الشركات العائلية في عدد من الأمور منها :
أولاً : حماية الشركة العائلية من التعرض للخسارة بسبب سوء اســتخدام السلطة في غير مصلحة المساهمين، وترمي أيضا إلى تعظيم عوائد الاستثمار وحقوق المساهمين والقيمة الاستثمارية؛ إذ أنّ التزام الشــركة بتطبيق معايير الحوكمة يّفعل دور المساهمين في الرقابة والمشاركة في اتخاذ القــرارات الرئيســة المتعلقة بإدارة الشركة ومعرفة كل ما يرتبط باستثماراتهم، مما يزرع الاطمئنان والثقة في نفوس المساهمين .
ثانياً : الحوكمة الرشــيدة تساعد الشركات على الوصول إلى أسواق المال والبنوك والمصارف والحصول علــى التمويل اللازم بتكلفة أقل، مما يعينها على التوسع في نشاطها، وتقليل المخاطر، وبناء الثقة مع أصحاب المصالح.
والحمد لله أولاً وآخراً
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال