الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مر القطاع الصحي في السعودية بعدة عمليات جراحية منها تجميلية وأخرى إزالة بعض الأورام والترهلات التي كان يعاني منه القطاع منذ عقود، مثله مثل باقي القطاعات الحكومية الخدمية. وجاءت رؤية السعودية 2030 لتوقظها من ثباتها وممارسة دورها الحقيقي، فمن كان يصدق أن السعودية قبل 77 عاما، كان فيها 111 طبيبا فقط، بينما عدد المستشفيات كان لا يزيد على عدد أصابع اليد ونحو الف سرير.
من اكثر الشكاوى التي كان يشتكي منها المواطن السعودي قبل سبع سنوات، هو انه يجد مواعيد طويلة لمقابلة الطبيب نتيجة الضغط الشديد مع قلة عدد الأطباء وأيضا الأسرة، واحيانا يشعر المريض باليأس لطول الانتظار في المستشفيات والمستوصفات الحكومية وغيرها من الملاحظات، وإذا ما قرر أن يذهب الى مستشفيات القطاع الخاص، فإنه معرض للابتزاز من فحوصات وتحاليل لا أول لها ولا آخر، فيخرج منها مثقلا بالهموم والديون.
لكن رؤية السعودية 2030 فرضت مسارا جديدا للخدمات الصحية، وطرحت برنامج تحول القطاع الصحي ليكون نظاما صحيا شاملا وفعالا، وإعادة هيكلته، بحيث يقوم على صحة الفرد والمجتمع وتطبيق النموذج الجديد للرعاية المتعلقة بالوقاية من الأمراض، فضلاً عن تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية من خلال التغطية المثلى والتوزيع الجغرافي الشامل والعادل، وتوسيع تقديم خدمات الصحة الإلكترونية والحلول الرقمية، فضلاً عن تحسين جودة الخدمات الصحية، والتركيز على رضا المستفيدين عبر تطبيق واتباع أفضل المعايير الدولية القائمة على الأدلة، وإنشاء وتمكين أنظمة الرعاية الصحية المتكاملة التي تغطي جميع مناطق المملكة من خلال تفعيل الشراء الهادف للخدمات، ونتيجة لذلك حقق القطاع الصحي خلال المرحلة السابقة العديد من الإنجازات مثل تحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية وتسهيل الحصول عليها من خلال الاهتمام برقمنة القطاع الصحي، وإطلاق حزمة من التطبيقات (صحتي، موعد) وزيادة تغطية الخدمات لجميع مناطق المملكة.
ماذا تغير في الخدمات الصحية بعد طرح رؤية السعودية 2030 وماذا استفاد الفرد والمجتمع؟ 88 في المائة من التجمعات السكانية بما فيها الطرفية سيتم تغطيتها بالخدمات الصحية على مستوى السعودية، و100 في المائة من السكان سيشملهم السجل الطبي الرقمي الموحد، في نهاية 2025، ويطمح أيضا بان يغطي مركز التامين الصحي الوطني المواطنين للاستفادة من كافة الخدمات الصحية حيث سيكون المركز هو الجهة المسؤولة عن توفير التغطية التأمينية المجانية للمواطنين من خلال شراء الخدمات الصحية من مقدميها، وتحفيز القطاع الخاص للمشاركة في تحول القطاع الصحي ورفع نسبة استثمار القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات في قطاع الصحة.
في يونيو الماضي أخذت الخدمات الصحية مسارا جديدا لم يعهده السعوديون، إنما كان الهدف منه هو رفع كفاءة أداء الرعاية الصحية ودخول القطاع الخاص شريك مهم، حيث صدر قرار مجلس الوزراء السعودي الموقر برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، بموافقته على الترخيص بتأسيس شركة الصحة القابضة وتنظيم مركز التأمين الصحي الوطني، ونقل الموظفون والعاملون ذوو العلاقة بتقديم خدمات الرعاية الصحية بمستوياتها التابعون لوزارة الصحة إلى شركة الصحة القابضة أو أي من شركاتها التابعة.
ستعمل الشركة القابضة على تنفيذ مجموعة من البرامج التحولية الرامية إلى تعزيز صحة المجتمع والوقاية والكشف المبكر عن الأمراض والمخاطر الصحية، كما سيرفع مستوى الجودة والكفاءة للخدمات المقدمة للمستفيدين عبر برامج تطوير الرعاية الصحية الأولية، مثل برنامج طبيب لكل أسرة وبرامج رعاية الأمراض المزمنة، وتطوير خدمات الرعاية المتخصصة مثل رعاية مرضى السرطان والفشل الكلوي، وتطوير خدمات الرعاية الحرجة لضمان سرعة التعامل مع الجلطات القلبية والدماغية والإصابات. كما سيدعم التوسع في برامج الصحة الرقمية وخدمات الرعاية الطبية الافتراضية.
بالأمس حينما كان يتحدث وزير الصحة فهد الجلاجل في ملتقى الصحة العالمي في دورته الثالثة والمعرض المصاحب له في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، بمشاركة 30 دولة وحضور أكثر من 26 ألف شخص، كان يتحدث عن الشوط الذي قطعته السعودية في الخدمات الصحية منذ انطلاق الرؤية، وأيضا العلاقة التي أصبحت قوية مع القطاع الخاص، وتوفير الفرص الاستثمارية. وزير الصحة التقى أيضا مسؤولي القطاع الصحي الخاص وعددا من ممثلي المنشآت الصغيرة والمتوسطة وشركات التأمين ومصانع الأدوية المحلية بمختلف مناطق المملكة بهدف تطوير العلاقة ورفع مستوى الوعي بدور الاستثمار في القطاع الصحي مع الشركاء. من المتوقع خلال الخمس السنوات القادمة تنفيذ أكثر من 100 مشروع، ويستثمر القطاع الخاص نحو 48 مليار ريال، وأبرز المبادرات المعلنة والمتمثلة في عدة شراكات بين القطاعين العام والخاص منها إنشاء وتشغيل مدينتين طبيتين في شمال وجنوب السعودية، وإنشاء وتشغيل 900 سرير لتقديم خدمات التأهيل الطبي والرعاية المديدة، وكذلك إعادة هيكلة وتحسين خدمات الرعاية الصحية الأولية بدءًا بأكثر من 200 مركز، إضافة إلى تقديم خدمات النقل الطبي الجوي على مستوى المملكة، وشراكة لخدمات الأشعة.
الأمر لا يتعلق بافتتاح المستشفيات والمراكز الصحية، إنما منظومة صحية متكاملة تشترك فيه عدة جهات، وإحداث تغيير جذري في الرعاية التي تقدمها للمستفيدين حيث سيتم تحويل كافة المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية إلى تجمعات صحية في كافة أنحاء المملكة ليخدم كل تجمع حوالي مليون شخص، ويحتوي كل تجمع على مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات العامة والخدمات التخصصية ليتمكن المستفيد خلال مراجعته في هذه التجمعات من الحصول على كافة الخدمات المطلوبة عبر تنظيم إداري متكامل مسؤول عن ضمان مرونة إجراءات الخدمة وسرعة تقديم الخدمة وضمان رضا المستفيدين.
الفرص اليوم متاحة للقطاع الخاص المحلي والمستثمر الأجنبي أن يدخل في مشروعات متعددة، فهو قطاع جاذب للاستثمار متى ما كانت إجراءات استخراج التراخيص المهمة سهلة وغير معقدة. وحسب شركة جدوى للاستثمار فإن كل ريال يتم استثماره في قطاع الرعاية الصحية يحقق عائدا اقتصاديا قيمته 1.8 ريال مما يشير الى أن الوضع الحالي لسياسات الرعاية الصحية وظروف السوق مواتية جدا لفرص الاستثمار. ويتطلب الأمر أيضا المزيد من التشريعات والتنظيمات، مثل السياحة العلاجية، وتأشيرات العلاج والخدمات الصحية مع تحسين الخدمات المساندة لها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال