مؤشر (الداون تاون) الأسرع نموا

وأنا أتابع الإعلان عن إطلاق شركة ” داون السعودية” خلال الأيام الماضية بدأت تتبادر إلى ذهني تساؤلات حول وسط المدينة الأسرع نموا خلال السنوات القليلة القادمة. التنافسية العالية بين هذه المراكز ستدفع بالتأكيد إلى حراك يقود الجميع إلى محاولة التميز وسرعة الإنجاز. وإذا كنا نتحدث عن اثنا عشر مدينة مقبلة على حالة من الازدهار، فنحن أيضا لابد وأن نطرح مقاييس النمو أمام الجميع ليشاركوا في متابعة مسارات الإبداع. وقد يتم تعريف هذا النمو من وجه عوامل الجذب للمنطقة، أو معدل تزايد تعداد السكان. ومع أن طبيعة المكان المتنوعة تعني أننا سنتابع تشكيل جميل ومتنوع من المعارف التراكمية، لكننا نتفق في نهاية المطاف على أن الجميع يتلهف، ويتشوق لرؤية باكورة هذه النجاحات.

الجميل في توقيت الإطلاق لشركة من هذا النوع هو أنها تأتي بعد الجائحة التي عززت من ابتعاد الكثير من الفئات عن وسط المدن، فبدأ التوجه والحركة نحو مناطق استقطاب حديثة في المدن. كنت قد كتبت سابقا حول مراكز المدن، والارتباط العاطفي للسكان بها. ومع أن هذا السبب بحد ذاته يمكن أن يكون كافيا كدافع للاهتمام بهذه المراكز، إلا أنه ليس الوحيد مع التوجه لدعم جودة الحياة، وتعزيز الحركة الاقتصادية بها. لكنني شخصيا مؤمن بأهمية مسألة الهوية الخاصة بكل مركز مدينة والطابع الخاص به حتى في ظل درجة التنافسية العالية فيما بينها. لأن ذلك من وجهة نظري سيقود إلى تحفيز لمزيد من البرامج التي يمكن إقامتها حتى ينجح كل من هذه المراكز في خلق روح خاصة به.

من المهم أيضا ألا نغفل من خلال هذه التجربة الثرية بأن تمكين وإشراك المجتمع في مبادرات التنمية ستدفع للنمو الاقتصادي وتقوي طابعنا المحلي وتتحسن من جودة الحياة. حتى على مستوى ريادي الأعمال أعتقد أنه سيكون من الجيد الالتفات إلى تطوير برنامج متميز ليمثل مسرعة أعمال تستقطب كثير من المشاريع الشبابية الجديدة لوسط كل مدينة، وطرح المسابقات التي ستعمل باستمرار على التعزيز من طابع التنافسية التي نتحدث عنها في هذا السياق.

بالإضافة لذلك فإن التركيز على تنشيط منطقة أعمال في مركز كل مدينة سيعمل على خلق مزيج بين إرث المكان من جهة وبين الرؤى والتطلعات التي تجذب العلامات التجارية والفعاليات الثقافية والاجتماعية من جهة أخرى لتصنع الروح الخاصة بكل مركز من مراكز تلك المدن. وعودا على ما يشير له هذا المقال من دعوة للاهتمام بتصميم مؤشرات تنافسية توضح لنا من خلال تقارير دورية مدى التقدم في تجربة كل واحدة من هذه المدن، فإننا هنا على درجة كبيرة من الثقة بأن المتعة المرتبطة بصناعة المكان تبقى في أعلى حالاتها من قبل الجميع من خلال أجواء التفاعل المجتمعي التي ستصنعها التجربة.