الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أخيرا.. ارتحنا من الأشخاص الذين كانوا يزعجوننا في مواقع التواصل، كانت أشبه بنشاط تجاري متستر، أو ممارسة مهنة بدون أوراق رسمية، فتجد من هؤلاء ما يعرف بالمشاهير، مرة يتحدث عن أسعار العقارات ومميزات التقسيط وأخرى تعطيك درسا في طريقة استخدام مساحيق الوجه أو كريم الشعر، والبعض الآخر يصور لك أطباق الطعام وهو جالس في أحد المطاعم ويمدح كثيرا في المكان وأسعاره وطريقة التقديم، وقس على ذلك أنواع عديدة ومختلفة من الإعلانات تصدر من أشخاص غير مهنيين.
الكثير من هؤلاء المعلنين “الفلتة” خرجوا لنا مستغلين غياب التشريعات والأنظمة، وراحوا يروجون عن كل السلع مستفيدين من متابعة حسابات وهمية لهم والكثير من المغفلين وحققوا مكاسب خيالية وأرباح طائلة، وفجأة وجدنا أشخاص لا يملكون أي قيمة ثقافية أو خبرة إعلامية أو تسويقية، سوى انهم نشطاء في مواقع التواصل، اصبحوا شخصيات مهمة في المجتمع، السفر في طائرة خاصة وقضاء إجازة في احد الجزر، وأرصدتهم في البنوك تضخمت، وربما لا نلوم القطاع الخاص الذي كان يركض خلفهم ويغدق عليهم بالمال من اجل إعلاناتهم، إذ أن القطاع العام أيضا استفاد من هذا الانفلات حينما كان يدعو المشاهير لتغطية مناسباته واحتفالاته والدعاية للكثير من الفعاليات، وكانوا يحصلون على كرم سخي واهتمام خاص لترتيب حضورهم ومشاركتهم، من اجل الترويج والدعاية.
خطوة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بتنظيم المحتوى الإعلامي باستحداث ترخيص يمنح للأفراد لتقديم المحتوى الإعلاني عبر منصات التواصل الاجتماعي، يأتي إسهاما في تنظيم قطاع الإعلانات والمحتوى الرقمي في السعودية، وطالبت الممارسين لهذا النشاط الحصول على ترخيص تجنبا لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم من عقوبات وغرامات مالية.
هذا التنظيم سيخفف على المستهلك ويحميه من الإعلانات المضللة والغير صحيحة، ولقد رأينا الكثير من الإعلانات التي حملت في شكلها إعجاب وثناء وتفخيم في المنتج، وهي في الحقيقة إما منتج غير صحي أو مغشوش، وتم استدعاء الكثير منهم من قبل السلطات المختصة. لكونهم روجوا إعلانات مضللة. كما انه يحمي جميع الأطراف، المعلن والمروج والمستهلك، المعلن سيضمن أن إعلانه يوضع في مكانه الصحيح وفي حال لم ينفذ بالطريقة الصحيحة يستطيع مقاضاته وفق الأنظمة والاتفاق بينهما، كما أن المروج يصبح معروفا اكثر لدى اكثر من جهة طالما يحمل ترخيصا رسميا وأيضا المجال الذي سيتخصص فيه مثلا أغذية وملابس ومساحيق وأدوات تجميل وغيرها حسب مهارته في الترويج والتسويق، فيما سيضمن المستهلك انه لن يتعرض للابتزاز بإعلانات لسلع مغشوشة، واللافت أن هذه الضوابط تسري على جميع الإعلانات المقدمة من الأفراد عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي سواء كانت مقاطع فيديو أو صورا أو صورا متحركة أو نصوصا أو عبارات، ومطلوب من المعلنين أيضا التنويه قبل الإعلان بالإشارة الى انه محتوى إعلاني سواء كان كتابة أو شفهيا على أن يكون ذلك بشكل واضح للمتلقي.
بالتأكيد التنظيم الجديد للإعلانات في مواقع التواصل سوف يتأثر قليلا، لكونه لا يزال يكتنفه الغموض لدى المعلنين، ويحتاج الى توعية وتثقيف، إنما في العامين المقبلين سيكون منظما ومرتبا، وربما يسحب البساط من الصحف والمواقع الإخبارية، التي لا تزال تخسر معلنين مقابل محتواها الضعيف وعدم الإقبال عليها،
واذا اردنا أن نتحدث بالأرقام عن حجم الإنفاق على المؤثرين والمشاهير في السعودية قبل صدور التنظيم الجديد، خلال النصف الأول من هذا العام، فقد بلغ حجم الصرف على التسويق عبر المؤثرين نحو 950 مليون ريال، 75 في المائة من العلامات التجارية تخصص ميزانية خاصة فقط للتسويق عبر المؤثرين، وتحظى الإناث بحصة تصل اكثر من 64 في المائة والذكور النسبة المتبقية، وحظي قطاع الأزياء حصة الأسد في حجم الإنفاق على المشاهير بـ 240 مليون ريال، يليها الغذاء نحو 192 مليون ريال، والجمال والعناية 180 مليون ريال، المنازل 25 مليون ريال، ثم الخدمات بـ 24 مليون ريال، وأخيرا الترفيه والسفر 15 مليون ريال، وذكرت منصة ديفلو احد منتجات شركة سمارت انفلونس للحلول الرقمية في تقريرها الأخير، عن حجم الصرف على إعلانات المؤثرين، أن متوسط سعر الإعلان للمؤثرين من الإناث بلغت اكثر من 17 الف ريال أما متوسط سعر المؤثرين من الشباب اكثر من 20 الف ريال، واضح من الأرقام المعلنة أن حصة الإعلانات في مواقع التواصل ترتفع بشكل لافت، والطلب سيرتفع على المؤثرين، وهنا يتطلب تأهيل وتدريب شبابنا وبناتنا على كيفية الاستفادة من مواقع التواصل بطريقة صحيحة ومنظمة، وأيضا تصحيح مسار الإعلانات، بعدما أصبحت شارع غير منظم لكل من هب ودب، من اجل تحقيق مكاسبه المادية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال