الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ألا إن دين الله وشريعته الإسلام، وهي صالحةٌ لكل زمان ومكان، بل هي مُصلحةٌ لكل زمان ومكان، هذه الشريعة الغرّاء متغللةٌ في كل تفاصيل الحياة، وهذا من كمالها وعظمتها، فهي من عند العزيز الحكيم. و على من عزم على الولوج في أمرٍ من أمور الدنيا فعليه أن يتساءل هل لله فيه حكم، حتى لا يقع فيما نهى الله عنه، أم هو في حكم المسكوت عنه، فهو من الأمور المباحة .
إن من الأمور التي يلج إليها الكثير من الناس ولا يحرصون على التفقه في أحكام الله فيها “التجارة”، وهذا من الخطأ الذي ينبغي على التجار التنبه إليه لئلا يقع في الربا، وليُطعم نفسه و أهله مما أحلّه الله له، فيَسعد في دنياه وآخرته، بل من إرادة الخير للعبد أن يفقه الله في دينه، قال صلى الله عليه وسلم “من يرد الله فيه خيرًا يفقه في الدين”.
و من خلال دراستي لعدد من العقود التجارية بين الشركات سواءً كانت محلية أو أجنبية، وجدت العديد من المخالفات الشرعية التي أجزم أن طرفي العقد لم يريدا الوقوع في المحظور، ولكن لعدم درايتهم الكافية بأحكام الشريعة في هذا الباب، ولعدم استعانتهم بالمتخصصين لتصحيح عقودهم وفق الضوابط الشرعية. تذكرت حينها مقولة عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه: لاْ يَبِعْ فِيْ سُوْقِنَا إِلاْ مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِيْ الدِّيْنِ. رواه الترمذي (487) وقال: حسن غريب. وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ومقولة عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه: مَنِ اتَّجَرَ قبلَ أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِيْ الرِّبَا، ثُمَّ ارْتَطَمَ، ثُمَّ ارْتَطَمَ. أي: وقع في الربا . “مغني المحتاج” (2/22) .
و من ذلك على سبيل المثال اشتراط أحد طرفي العقد غرامة تأخير على عدم سداد الدفعة المستحقة، بمعنى أنه إذا كان هناك دفعة مستحقة بتاريخ معين ثم تأخر المدين عن دفع الدفعة المستحقة في وقتها فعليه أن يدفعها بزيادة 1% أو 2% ، وهذا من الربا الذي لا يجوز .
ومن ذلك كذلك: دفع الرسوم لقاء خطابات الضمان، قال الإمام الحطاب المالكي رحمه الله: “ولا خلاف في منع ضمان بجعل؛ لأن الشرع جعل الضمان والقرض والجاه لا يفعل إلا لله بغير عوض؛ فأخذ العوض عليه سحت” [مواهب الجليل 4 /391].
ثم إن هذه الشروط لا ثمرة لها في القضاء السعودي، لأن المتعاقدين إذا لجأوا إلى المحكمة فلن تُعمل هذه الشروط لتحكيم المحاكم الشريعة الإسلامية في هذه البلاد المباركة، وقد يظن ظان أن الشريعة بهذه الأحكام قد ضيقت على الناس وقيدت حرياتهم في التجارة، و فوتت عليهم الأرباح والخيرات، وهذا غير صحيح إطلاقًا ولا أدل على ذلك تجربة المصارف لما أدخلوا المصرفية الإسلامية في تعاملاتهم، واستعانوا بالمختصين فبارك الله فيهم، وفي تجارتهم. حتى أن الغرب الكافر بالشريعة ما زال يستفيد من هذا النظام الإسلامي الاقتصادي البديع، فما من هدف يرمي إليه التاجر في تعاملاته و إلا و تجد له مخرجًا يتوافق مع الشريعة الإسلامية ، علمه من علمه و جهله من جهله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال