الفرص الصناعية المفقودة (1)

بعد أن قرأت خبر قرب تشغيل مصنع سنام الذي سيقوم بتجميع أجزاء السيارة وهي المرحلة النهائية في تصنيع السيارات، عادت بي الذاكرة لمدينة بريشيا الايطالية وزيارة أحد أهم المصانع هناك والتي تملك براند عالمي منتشر في أجزاء كثيرة حول العالم .. كنت أرسم في مُخيلتي وانا في رحلتي للشمال الايطالي خطوط إنتاج مُذهلة ومصنع ضخم وكيف تعمل الألات والمعدات المتطورة ومشاهدة خطوط الإنتاج المتنوعة في المواد والمنتجات، لا أخفيكم سراً أنني صُدمت عندما دخلت المصنع ولم أجد سوى “مكابس” نعم مكابس تقوم بتجميع القطع ليتم إخراج المنتج النهائي متضمنة مكبس لختم تاريخ الإنتاج وبلد الصنع وسط بحر من الكراتين المعبأة بالقطع قبل التجميع ومع ذلك قمت بترديد كلمة “بيرفكتو بيرفكتو” لإعجابي الشديد بما رأيت ..

وفي حديثي مع المترجمة للغة الإيطالية أستفسرت عن مصنع إنتاج القطع فذكرت أنها في مصنع آخر وبعد الإلحاح عليها أخبرتني أن التصنيع في الصين لتقليل التكاليف من يد عاملة ومواد أولية والتجميع في بلد المصنع ثم يعاد تصديره للعالم مهتمين بأعلى معايير الجودة حفاظاً على سمعة البراند ..

لذلك الفرص كثيرة جداً وهائلة في مجال التجميع وفي قطاعات متنوعة ومنتجات مختلفة والتي من خلالها سيتم تطوير وتوطين الصناعات كمرحلة مستقبلية بعد اكتساب منافذ للبيع “بقاعدة تمسك زبونك قبل تصنع منتجك” ومن جماليات التجميع أن أغلب المنتجات تشتمل على بعض القطع الداخلية الموحدة فقطعة واحدة قد تستخدمها في جميع المنتجات .. وبذلك ستكون الفرص كبيرة في توجيه القطع للمنتجات الأكثر طلباً .. وأيضاً في حال عدم استخدام القطع التي ليس على منتجاتها طلب ولا نستطيع استخدامها في منتجات آخرى يتم إعادة تصديرها لبلد المنشأ بعد عمل الإتفاقيات اللازمة لذلك ..

الدول التي تريد أن تصنع ثورة صناعية كبرى يجب عليها أن تنفتح بشكل كبير على الصناعات التجميعية وتسعى بكل جهودها لإبراز نفسها في جميع القطاعات على أن تهتم في معايير الجودة التي لا بد أن تكون حازمة في هذا الأمر إذا كانت تهتم لإعطاء انطباع مهم لجودة صناعاتها ..

وسنتحدث في المقال القادم عن فرصة آخرى من ضمن الصناعات المفقودة ..