فنون المدن بأيدي الطلاب والطالبات

أتخيل ميادين الشوارع وتقاطعات الأحياء تكتسب أشكال جمالية من خلال أعمال ومنحوتات فنية من تنفيذ طلاب وطالبات الجامعات كمخرجات لمشاريع تخرج، وتخدم الطابع الجمالي ليعكس طبيعة جاذبة للسكان في مدننا. اليوم نستطيع أن نقول بأن مفهوم الفنون العامة التي تخدم الفضاء الحضري في توسعت حتى باتت تشمل عناصر متنوعة بما في ذلك التراكيب الجمالية، وإسقاطات الضوء، وحتى رسوم الجداريات في الميادين العامة.

لقد أخذت الفنون في المدن بالآونة الأخيرة دورا بارزا في تثقيف وتوعية المواطنين ببعض القضايا الهامة من خلال ترجمة الأفكار إلى أشكال جمالية تساهم حتى في تحسين المشهد البصري. ففي بعض الحالات أخذت القطع الفنية أيضا تبرز مكامن الروابط الاجتماعية بين فرق العمل، بحيث تتيح الفرصة للمختصين وغير المختصين حتى يكون لهم دورا ليشاركوا بهذه الأعمال في مدينتهم. التفاعل والمرح هو سمة ارتبطت بمراحل القيام بهذه الأعمال، حتى على مستوي الأطفال لتتضح أوجه الإبداع الذاتية التي تتكشف من خلال هذه النماذج التي تطلق للعامة. مع الوقت تتمخض هذه الأعمال عن فكر جديد يمثل ارتباط السكان بالمكان مع تكرار المشاهدة البصرية لأعمال هم قاموا بتجسيدها على أرض الواقع.

مؤخرا سمعنا عن دراسات لتحليل بايتات متعلقة بمنحوتات أحد المدن في سبيل الإجابة على تساؤل عن عنصر الجذب الذي يشجع الزوار على التفاعل مع الأعمال الفنية بوسط المدن والسؤال المطروح هنا هو إذا ما كان هذا الجذب يتحقق من خلال التصميم نفسه، أو أن الموقع وتوقيت عرض العمل هو الأساس. لقد كانت المفاجأة الحقيقية هنا حين برزت الإجابة بشكل واضح لتشير إلى أن مميزات التصميم نفسه هي التي تحقق هذه الغاية وتبقى باقي الأسباب معززة فقط.

وفي وقت تتصاعد فيه المنافسة وتشتد بين المدن، فمن المتوقع أن تكون المدينة “الجميلة” أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية، وتجذب الاستثمار، وتستضيف الأحداث الضخمة كالألعاب الأولمبية وغيرها. ومع كل ذلك فإن هذه الأعمال الفنية من خلال قراءة البعض للمشهد العام تسهم في تقليل نسبة الجرائم لأنها بالأساس تخلق سلوك إيجابي، وترفع الحس الجمالي المرتبط بالإبداع لدى جميع الفئات.

وتبقى الفنون العامة في وسط المدن في كثير من الحالات لتحكي تاريخ المدن من خلال هذه الأعمال، وتتوارثها الأجيال فتكون بمثابة تجسيد بصري لأحداث تاريخية مهمة، وهو ما يعود بالتالي بشكل إيجابي على الجانب الاقتصادي، الذي يشكل أساسا يعمل الجميع من أجل تحقيقه في أي مدينة. ابحث اليوم عن دوافع السياح لزيارة كثير من المدن ولن تجد صعوبة إطلاقا حتى تدرك أن هذه الفنون التي شكلت واجهة حقيقية لكثير من المدن السياحية تحقق أهمية قصوى في خلق هوية خاصة بالمدينة، وبالتالي تلعب دورا بارزا في تحقيق الدخل الاقتصادي.