الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العملات المشفرة هي أحد أشكال العملات الرقمية التي تأخذ طابعاً رقميًا أو افتراضيًا مدعوماً بأنظمة التشفير لتأمين المعاملات ولا توجد سلطة إصدار أو تنظيم رسمي لها مثل الحكومة أو البنك أو شركات الائتمان وتستخدم لغرض التبادل الافتراضي والمضاربات وكانت اول العملات المشفرة ( بتكوين Bitcoin ) والتي تأسست عام 2009 ، ثم تبعها تأسيس الكثير من العملات المشفرة ، هناك حاليا اكثر من عشرة آلاف عملة مشفرة في الأسواق قابلة للزيادة يمكن تداولها على مدار الساعة من قبل مجموعة كبيرة من اللاعبين ، تشير بعض التقارير الصحفية الى ان قيمة سوق العملات المشفرة وصل إلى اكثر من 2 تريليون دولار خلال العام 2021 ، في حين يرى محللون ان ما يقال بأنها وصلت الى 3 تريليون دولار غير صحيح وانها تهدف الى الترويج للعملات المشفرة .
لطالما اخذت العملات المشفرة بعداً متبايناً بين التأييد والمعارضة وبالرغم من تحذيرات التداول بها كونها لا تكتسب القوة القانونية في الأسواق المالية الا انها لاتزال سوقاً واسعةً تشهد تصاعداً ملحوظاً يوماً بعد يوم ، شهد الأسبوع المنصرم عالم التشفير شيئا من الجنون عندما أعلنت شركة وساطة العملات المشفرة “إف تي إكس FTX” افلاسها حيث شهدت الشركة عمليات سحب من جانب العملاء بمبالغ وصلت وفقا لبيانات صحفية الى 6 مليار دولار وهو ما أحدث معضلة لمالكها من عدم قدرته على توفير السيولة وحاول Bankman Fried بيع شركته الا انها الصفقة لم تتم ولا يزال يحاول الآن جمع الأموال لسداد العملاء .
بالرغم من تكرار هذه الخسائر في واحدة من أكثر القطاعات المثيرة للجدل الا ان الواقع المؤسف يشير الى ان العملات المشفرة وحربها مستمر وستستمر ولن تنتهي الا بقناعات المستثمرين او افلاسهم مما يؤشر الى انها تعاني من عدم الاستقرار ولا يمكن التنبؤ بمستقبلها وتشتمل على مخاطرة عالية فقد تربح منها الكثير، وقد تخسر كل أموالك في لحظة واحدة ، فعلى سبيل المثال كانت قيمة بيتكوين العام الماضي $64,900 في حين وصلت اليوم الى 16000 $ ، بيد ان خسائر العملات المشفرة على المدى القصير قد يفتح المجال امام المستثمرين للخروج باقل الخسائر الممكنة .
يرى بعين خاطئة بعض المستثمرين في العملات المشفرة بأنها تحمل مستقبلا مرتبطا بتصورات النمو المستقبلي لها مما يرسم امامهم تفاؤلا بالرغم من جميع التقلبات الحادة التي تمر بها ، لكن ما يحدث لها في الواقع هو شكل من اشكال الفقاعات التي تولّد فقاعات أخرى فضلا عن اموالها الغير مشروعة كما يسهل اختراقها وضياع مكاسبها وبالتالي لا يوجد نظام قانوني لها مما يُصعّب درجات التقاضي والفصل في النزاعات التي تتعلق بها .
يبقى السؤال المهم : هل سيأخذ المجتمع الدوليّ بالتحذيرات من المخاطر الكبيرة لتلك العملات وانعكاساتها على الاستقرار المالي، وتأثيرها على السياسات والسيادات النقدية للدول ، فضلاً عن مخاطرها التي تنتج عنها مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتزوير والإضرار بأنظمة الضرائب وتقويض برامج التنمية الفعلية ومكونات الاقتصاد الكلي من خلال ادواته الرسمية ؟ أم انه من الأهمية بمكان وفي ظل المتغيرات الجديدة في مكونات السياسات الاقتصادية والنقدية العمل على خلق منظومة رقمية رسمية تسهم في الاعتراف بها وتنظيم سوقها مقارنة بالأسواق الأخرى وتكتسب كافة الجوانب التجارية والقانونية ؟
الإجابة .. على المدى القصير لا .. ففي مؤتمر دافوس 2022 أكد مدراء البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي ان العملات المشفرة ليست نقودًا، وإنها ليست مخزنًا ثابتًا للقيمة وان بعض العملات المشفرة أقرب إلى رسم هرمي للعصر الرقمي لأنها غير مدعومة بأصول حقيقية ، فضلا عن استمرار هذه التحذيرات حتى يومنا الحاضر من كافة المؤسسات النقدية الرسمية حول العالم .
ان مستقبل العملات المشفرة لا يزال يكتنفه الغموض كنشاط مشبوه وما تقوم به البنوك المركزية من رقابة رصينة وصارمة فضلا عن الرسائل التوعوية المتكررة فهذا بالتأكيد سيقوض من انتشارها وفي كل الأحوال يبقى الوعي والسلوك الاقتصادي الفيصل في ذلك ، وبالرغم من أن العملات المشفرة قد كافأت القليل ، إلا أنها تعتبر أصولا مالية غير مستقرة يمكن أن تجلب المخاطر للأفراد وتكلف المجتمعات تبعات اقتصادية وتنموية ولذلك يقول المثل ليس كل ما يلمع ذهبا !
مجمل القول : قصص واشاعات مختلفة حول العملات المشفرة كفيلة برفعها وانخفاضها في سوق اشبه ما يكون بالفوضى العارمة ونتاجها فقاعة تلو أخرى وخسائر فادحة للمستثمرين لذلك فإن الطريق الأمثل للاستثمار يكون في الأصول واسهم الشركات التي تندرج تحت مظلة الأسواق المالية الرسمية وخلاف ذلك سيكون الحال التأهب للمزيد من التحولات الفادحة والخسائر المتلاحقة في عالم العملات المشفرة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال