الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لطالما كانت الاقتصاديات التي تسجل معدلات نمو عالية تعاني من تذبذب في نسبة الضريبة المتحصلة سنويا. فتجد النسبة متغيرة من عام إلى آخر، والأسباب المؤدية الى ذلك كثيرة، لكن أهمها هو التهرب الضريبي والاحتيال الضريبي. لذلك، وفق دراسات احصائية في امريكا، فقد أظهرت هذه الدراسات أن نسبة كبيرة من الشركات الكبرى والتي تحقق دخل عالي وفقا لنشاطها، إلا أنها تدفع ضرائب منخفضة أقل من المفترض أن تدفعه.
كما ان الدراسات اثبتت ان نشاط تجاري واحد من بين كل خمسة أنشطة، تدفع ضرائب أقل بنسبة 10% على الأقل من المفترض. ويوثق مكتب مساءلة الحكومة الأمريكية (2016) أن حوالي 20٪ من الشركات الكبيرة لم تدفع ضرائب دخل فيدرالية في عام 2012. وهذه احصائيات امريكية، والتي يقدر الامتثال لدفع الضريبة طواعية لمصلحة الضرائب بنسبة 85%. ومع ذلك، تقدر الفجوة في معدل الضريبة المتحصلة و التي يفترض ان يتم تحصيلها بمبلغ 470 مليار دولار أمريكي. وتقاس هذه الفجوة في كل بلد بقياس معدل الامتثال الطوعي لدفع الضريبة، ومعدل الفجوة الضريبة بين المبالغ المدفوعة والمبالغ التي لم تتمكن إدارات الضرائب من تحصيلها. ويعزو ذلك لعدة أسباب من ضمنها أسباب تشريعية و رقابية. لذلك ومن اجل مراجعة تشريعات الضرائب وإعداد برامج رقابية على الاجهزة المسؤولة عن تحصيل الضرائب، لابد من التفرقة بين الجرائم ذات العلاقة بهذا الموضوع.
هناك ثلاث مخالفات قانونية تحدث في عالم الضرائب،وتعتبر جرائم. هذه الجرائم هي هي جريمة الاحتيال الضريبي، جريمة التهرب، ومخالفة التجنب الضريبي. السبب الذي دفعني الى تسمية التهرب و الاحتيال الضريبي بأنه جريمة هي لانها تصرفات غير قانونية. لكن، التجنب الضريبي لا يوجد بها مخالفة قانونية، بل على العكس هي تصرفات قانونية من اجل تجنب دفع الضريبة.
بالنسبة للاحتيال الضريبي والتهرب الضريبي، فعلى الرغم من استخدامها أحيانًا بشكل مترادف، إلا أن هناك بعض الاختلافات الأساسية بين التهرب الضريبي والاحتيال الضريبي. يحدث الاحتيال الضريبي عندما يقوم فرد أو كيان تجاري عن عمد بتزوير المعلومات الموجودة في الإقرار الضريبي لتقليل من مبلغ الالتزام الضريبي. ينطوي الاحتيال الضريبي بشكل أساسي على الغش في الإقرار الضريبي للتملص من دفع الضريبة بالكامل او جزء منها.
تشمل أمثلة الاحتيال الضريبي التهريب من خلال تهريب البضائع، استخدام مستندات مزورة. لذلك، فإن الاحتيال الضريبي يحمل عقوبة أشد حيث ينتج عنه هذا دائمًا تهمة جنائية. من ناحية أخرى ، يحدث التهرب الضريبي عند استخدام وسائل غير قانونية لتجنب دفع الضرائب. يمكن أن يشمل ذلك عدم تقديم الاقرار الضريبي أو عدم دفع الضرائب على الإطلاق.
وعلى النقيض، التجنب الضريبي هو استخدام الأساليب القانونية لتقليل مبلغ ضريبة الدخل المستحقة على الفرد أو الشركة. يتم تحقيق ذلك عمومًا من خلال المطالبة بأكبر عدد ممكن من الخصومات والائتمانات المسموح بها. مثل الإعفاءات الضريبية للدخول في النشاط الصناعي، الإعفاءات الضريبية لتملك المساكن. بحيث يتم استخدام أسماء مختلفة يتحقق لها الإعفاء من الاستفادة من ذلك وتجنب دفع الضريبة قدر الإمكان. يمكن تحقيق ذلك أيضًا من خلال إعطاء الأولوية للاستثمارات التي تتمتع بمزايا إعفاءات ضريبية ، تحويل الأموال خارج الدولة لدول تتمتع بالإعفاء من الضريبة مثل جزر الكاريبي.
وبالمختصر، يختلف التهرب الضريبي عن الاحتيال الضريبي ، حيث ان التهرب غالبا تكون عقوبته اخف، ولا تتجاوز دفع الغرامات المالية العالية، في حين ان الاحتيال تشمل عقوبة التهرب وتشمل عقوبة الاحتيال ذاته، وهي اما ان تكون تزوير او رشوة او اساءة استخدام سلطة…الخ. على سبيل المثال ، في عام 2004 ، طُلب من مارثا ستيوارت دفع 220 ألف دولار كضرائب على الممتلكات والغرامات إلى ولاية نيويورك بعد أن زعمت أنها لا تدين بضرائب على منزلها لأنها لم تستخدمه ولم تقض الكثير من الوقت هناك. لو كانت ستيورات مذنبة بتهمة الاحتيال الضريبي ، لكان من الممكن أن تحصل على خمس سنوات من السجن بالإضافة إلى العقوبات المالية وفقا لقانون ولاية نيويورك.
في حين ان التجنب الضريبي يعتمد على استغلال الثغرات القانونية في الانظمة المختلفة في الدولة من أجل تجنب دفع الضريبة. وبالتالي الفرق هنا ان التجنب الضريبي لا يعتبر انه ارتكب مخالفة قانونية، بل على العكس تماما، يعتبر تجنب دفع الضريبة بشكل قانوني بحت. لذلك، لا يعتبر ذلك جريمة، وإنما يعتبر مخالفة. وفقا لمنطوق أنظمة الضرائب. وعلى الرغم من ذلك، فقدت عمدت المحكمة العليا الامريكية الى النص بأنه “لا يمكن التشكيك بالحق القانوني للفرد في خفض مبلغ ما كان يمكن أن يصبح من ضرائبه أو أن يتجنبه بالكامل عبر وسائل يسمح بها القانون”.
عند استطلاع انظمة الضريبة في المملكة، نجد أن المشرع اهتم بشكل كبير في ضبط مسائل الضريبة سواء لضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل. ولكن، عندما تحدث عن مخالفات نظام الضريبة، فقد نص في المادة ٣٩ من نظام ضريبة القيمة المضافة على التهرب الضريبي فقط، وهذا من وجهة نظري قد يؤثر بشكل او بآخر في عملية الضبط. حيث ان التهرب الضريبي يعتبر مشكلة، ولها عقوبة أقرها النظام. ولكن، ما قد يكون أثره اشد وقعا على المصلحة العامة وعلى رفع مستوى الامتثال الضريبي هو وقوع الاحتيال الضريبي. اذ ان الاحتيال لا يقع بفعل شخص واحد، وإنما في كثير من الأحيان يدخل به اطراف اخرى غير الشخص دافع الضريبة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال