الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما هي المعونة التي يمكن أن يطلق عليها مساعدات تنموية رسمية Official Development Assistance (ODA) ، وهل جميع المعونات التي يتم تقديمها من الدول او تلك التي تستلمها الدول المستفيدة تعد تنموية رسمية. هذا الموضوع عملت عليه المنظمات التنموية الدولية وعلى راسها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD من خلال لجنة المساعدة الإنمائية Development Assistance Committee وهي اللجنة التي أنشأتها المنظمة بهدف جمع الجهات المانحة الرئيسية في العالم، والعمل على تحديد ورصد المعايير العالمية في المجالات الرئيسية للتنمية، والاسهام في تطوير سياسات أفضل لحياة أفضل من خلال بيانات تتمتع بالشفافية حول تمويل التنمية، وتحسين التعاون التنموي والممارسات والسياسات التي تهدف الى تعزيز التنمية بشكل عام.
وقد اشرت في مقال سابق أن المساعدات المقدمة إلى الدول النامية تصنف في خانة المساعدة الإنمائية الرسمية إذا استوفت المعايير الثلاثة التالية؛ (أ) أن يكون مصدر هذه المساعدات القطاع الرسمي في الدولة المانحة أي أن تلك التدفقات تكون صادرة من مختلف المؤسسات الرسمية في الدولة المانحة سواء كانت جهات محلية او من الحكومة المركزية او الجهات التنفيذية فيها الى الدول النامية ومؤسسات التنمية المتعددة (ب) أن تكون الشروط المالية ميسرة. وأخيرا (ج) إذا كان الحافز الرئيسي وراء تقديم المنحة أو القرض هو تعزيز التنمية الاقتصادية والرفاه في الدولة المستفيدة.
و لتعزيز التنمية الاقتصادية والرفاه في الدولة المستفيدة من تدفق المساعدة الإنمائية الرسمية فقد تم تحديد وتوصيف القطاعات المستفيدة وهي تنساب إلى قطاعات الخدمات والبنية الاجتماعية، وتتركز الجهود المبذولة في هذه القطاعات بتطوير إمكانات الموارد البشرية وتحسين ظروف المعيشة في الدول النامية، وهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر؛ التعليم من خلال مشاريع البنية التحتية التعليمية والخدمات والاستثمار في جميع المجالات ذات العلاقة بالتعليم، وتعد المشاريع الموجهة نحو التعليم المتخصص في مجالات معينة مثل معاهد أو كليات الزراعة أو الطاقة ضمن الجهود في تنمية قطاعات التعليم لا الجهود في القطاعات التي تشير الى نشاطها. ومن المشاريع المستهدفة بقطاعات البينة الاجتماعية مشاريع تنمية قطاع الصحة والسكان ويتركز الدعم في المستشفيات والمراكز الصحية، بما في ذلك المؤسسات المتخصصة برعاية الأمهات والاطفال، والخدمات الطبية الأخرى مثل خدمات طب الأسنان ومكافحة الأمراض والأوبئة وبرامج التطعيم والتمريض وتوفير الأدوية والتوعية الصحية، وما إلى ذلك من إدارة الصحة العامة وبرامج التأمين الطبي والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة. وتشمل الجهود التنموية في قطاعات الخدمات والبنية الاجتماعية أيضا تلك الموجهة نحو توفير إمدادات المياه والصرف الصحي وجميع المساعدات المقدمة لإمدادات المياه واستخدامها والصرف الصحي والتنمية الحضرية، باستثناء أنظمة الري للزراعة.
القطاع الرئيسي الثاني الذي يتم استهدافه بتدفق المساعدة الإنمائية الرسمية قطاع الخدمات والبنية التحتية الاقتصادية، ويغطي هذا القطاع الرئيسي مشاريع الشبكات والمرافق والخدمات التي تسهل النشاط الاقتصادي. وهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر مشاريع الطاقة سواء إنتاج وتوزيع الطاقة بما في ذلك الاستخدام السلمي للطاقة النووية. ومشاريع النقل والاتصالات وتشمل المعدات والبنية التحتية للطرق والسكك الحديدية والنقل البحري والجوي وشبكات المعلومات التلفزيونية والإذاعية والإلكترونية. أما القطاع الثالث المستهدف فانه يتركز في القطاعات الإنتاجية حيث يجمع المساهمات في جميع القطاعات الإنتاجية المباشرة. ويتضمن قطاع الزراعة ممثلا في تنمية المحاصيل والثروة الحيوانية وتوفير مستلزمات الإنتاج الآلات الزراعية والأسمدة والري ومكافحة الآفات والخدمات البيطرية والخدمات المرتبطة في تنمية القطاع الزراعي وصيد الأسماك والغابات؛ والمخازن والإرشاد واستصلاح الأراضي ومسوحات الأراضي والتربة واستخدامات الأراضي والمياه؛ ومرافق التخزين والنقل، ويندرج تحت هذا القطاع بنوك التنمية الزراعية. ومن القطاعات الإنتاجية قطاع الصناعة والتعدين والمقاولات، من خلال تقديم الدعم لمشاريع الصناعات الاستخراجية والتصنيعية بجميع أنواعها بما في ذلك التنقيب والمسوحات الجيولوجية وتطوير وتكرير النفط والمواد الخام وتجهيز الأغذية والمنتجات الزراعية الأخرى وتصنيع الأسمدة والآلات الزراعية والصناعات المنزلية والحرف اليدوية والتخزين غير الزراعي والمستودعات، وهناك ايضاً قطاعي التجارة والسياحة من خلال دعم مشاريع ترويج الصادرات و التبادل التجاري و التجارة والتوزيع ويشمل ذلك المصرفية (بما في ذلك بنوك التنمية الصناعية) والفنادق والمرافق السياحية الأخرى.
وأيضا تم ادراج بعض المشاريع التي تخدم عدة قطاعات في آن واحد تحت المشاريع متعددة القطاعات، ويتم ذلك من خلال دعم المشاريع عبر برنامج تنموي يتضمن عدة قطاعات ويركز على البيئة والتنمية الحضرية والريفية. كما ان المساعدات التنموية الرسمية أيضا تمول البرامج المساعدة وهي جميع المساهمات الإنمائية العامة بخلاف إعادة تنظيم الديون ولم يتم شمولها في القطاعات المشار اليها سابقا وعلى سبيل المثال دعم ميزان المدفوعات ودعم الميزانية وتوفير التمويل للمشاريع الرأسمالية بناءً على اختيار المستفيد، دون موافقة الجهة المانحة، كما يشمل ذلك مساعدات التكيف الهيكلي غير المخصصة حسب القطاع، والمعونة الغذائية والإمدادات الغذائية في إطار البرامج الثنائية والدعوى المتعلقة بالديون والإعفاء من الديون وإعادة الجدولة وإعادة التمويل وهكذا.
ومن المجالات التي تنساب اليها المساعدات التنموية الرسمية مجالات المساعدات الإنسانية سواء كانت مساعدات إنسانية نقدية أو عينية، بما في ذلك مساعدات الإغاثة الغذائية. أما المشاريع غير المصنفة في القطاعات السابقة فأنه يتم تسجيلها فيما يسمى بقطاعات غير مخصصة او غير محددة القطاع وهي المساعدات التي لا يمكن تخصيصها حتي جزئيا لاي من القطاعات السابقة، وتسهم في دعم المشروع أو القطاع لكن لم يتم تحديد الوجهة القطاعية لتلك الالتزامات و تشمل المساعدات للمنظمات غير الحكومية والتكاليف الإدارية والمساعدات المقدمة للاجئين في الدول المانحة. وإضافة إلى المشاريع المخصصة بتلك القطاعات فان المساعدات التنموية الرسمية تشتمل التدفقات الإجمالية للتعاون الفني، ويُعرَّف هذا على أنه الأنشطة التي يتمثل هدفها الأساسي في رفع مستوى المعرفة أو المهارات أو القدرات الفنية والإنتاجية لسكان الدول النامية وقدرتهم على استخدام أكثر فعالية للموارد المتوفرة. وبناءً على ذلك يتعلق هذا التعاون في توفير الموارد البشرية (المعلمين والمتطوعين والخبراء في مختلف القطاعات) والإجراءات التي تستهدف الموارد البشرية (التعليم والتدريب والاستشارات)، ولا يشمل هذا التعاون توفير الخبرة المصممة بشكل أساسي لدعم تنفيذ المشاريع الرأسمالية والتعاون الفني المرتبط بالاستثمار.
وتتبوأ المملكة العربية السعودية مكانة مهمة في مجال تقديم المساعدات التنموية الرسمية حيث يعمل “الصندوق السعودي للتنمية” كذراع للدولة في تغطية معظم تلك القطاعات المشار اليها وعندما أسس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه “مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والاغاثية” فقد تم تخصصيه لتولي مهام تقديم المساعدات الإنسانية، كما تسهم “وزارة المالية” في تقديم المساعدات التنموية الرسمية من خلال برامج قروض دعم الميزانيات للدول النامية، بالإضافة الى تقديم بعض “الوزارات والجهات الوطنية” بالمملكة لمساعدات فنية للوزارات والجهات النظيرة في الدول النامية سواء من خلال التدريب او التموين او التجهيز، حتى ان تقديم المملكة للمساعدات في تسخير “القوات المسلحة السعودية” للإسهام بنقل المساعدات العاجلة للمناطق المنكوبة والمتضررة من الكوارث الطبيعة وهو ما يعكس السمة الرئيسية لتسمية المملكة العربية السعودية بـــــ “مملكة الإنسانية”.
وفي المقال القادم سيتم بحول الله تسليط الضوء على الأرقام والإحصائيات لأكثر الدول تقديم للمساعدات التنموية الرسمية والدول القطاعات الأكثر تلقيا لتلك المساعدات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال