الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ فترة طويلة لم احضر مناسبة اقتصادية تتحدث بشفافية وتفتح موضوعات تهم الشارع السعودي وقضايا رجال المال والأعمال، وأيضا هموم المجتمع ورواد الأعمال، كما سمعته وانا احضر منتدى الرياض الاقتصادي في دورته العاشرة والتي انتهت قبل يومين واستضافتها غرفة تجارة وصناعة الرياض، ورغم أن الجلسات رأسها 3 وزراء وهذا من حيث المبدأ اعطى للجلسات فخامة اللقاء، حيث تحول هؤلاء الوزراء الى مدراء جلسات وهم م. صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجستية، م. احمد الراجحي وزير الموارد البشرية وبندر الخريف وزير الصناعة.
نجح مجلس أمناء منتدى الرياض الاقتصادي في اختيار الموضوعات بعناية فائقة، ومن خلال الدراسات التي عرضت من خلال المنتدى وهي محل نقاش واسع، ومحفزة وأيضا حديث الساعة وتهم شريحة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص، واكثر الدراسات جدلا وأوسعت نقاشا من الحضور، الدراسة التي قدمها عضو مجلس الشورى الدكتور محمد بن عبد الله آل عباس، حول أهمية توحيد القطاعات وانسجامها في تشريعات إصدار الضرائب والرسوم والزكاة وتوحيد مرجعية الإصدار، وتتمثل مشكلة الدراسة في قيام جهات حكومية وغير حكومية بفرض رسوم وضرائب على السلع والخدمات التي تقدمها، دون التزام بنص المادة 20 من نظام الحكم، ودون تنسيق مع الجهات الأخرى، وحسب الدراسة فهذا يخل بقاعدة العدالة والحاجة، كما أن عدم الالتزام بما قضت قد يؤدي الى اختلاف الرسوم والضرائب من قطاع الى آخر.
ويقول الباحث انه تبين وجود أكثر من 89 جهة تفرض رسوما، ويحق لها فرض رسوم إضافية أيضا، فلا يوجد محددات واضحة بشأن أسقف هذه الرسوم أو محددات لا سعارها، كما لا يوجد حوكمة متفق عليها، كما أن هناك أكثر من 1400 رسوم يدفعها الناس لعدة جهات خدمية.
وتحدث الباحث في دراسته، أن شركة علم تقدم خدماتها مقابل رسوم، بينما المديرية العامة للجوازات تقدمها عبر منصة ابشر، وأشارت الدراسة الى انه كلما كانت الدولة أكثر تنظيما للزكاة وتملك قوانين ولوائح مدروسة، كان الأثر في تحقيق التنمية الشاملة، بالتأكيد هذه الدراسة أشبعت نقاشا وحوارا وتفاعل مع الحضور، لكونها تشكل محور مهما.
من الموضوعات التي طرحت كدراسة في المنتدى كان مشروع ربط مناطق المملكة بالسكك الحديدية وتأثيرها على ازدهار السياحة والخدمات، وطرح مقدم الدراسة المهندس علي السهلي من جامعة الملك سعود، موضحا أنها تسهم في ازدهار قطاعي الخدمات اللوجستية والسياحية، ويسهم في توسيع شبكة الخطوط الحديدية في خلق فرص استثمارية وفرص وظيفية بالمناطق التي تمتد إليها كما تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، كما أن نظام النقل بالسكك الحديدية هو افضل أنظمة النقل البري من ناحية استهلاك الطاقة والأقل تكلفة، ويوفر نقل البضائع عائدا ماديا على المشغلين، وشملت الدراسة مسح ميداني أشارت فيه الى أن 84 في المائة من المستثمرين لديهم تطلعات في الاستثمار في قطاع السكك الحديدية، وان اكثر الأسباب عزوف بعض المستثمرين هي عدم توافر المعلومات الكافية حول الفرص الاستثمارية، وغياب توافر الأدلة الفنية التصميمية والتشغيلية، وضعف التكامل بين القطاع السككي وقطاعات النقل الأخرى، وتطالب الدراسة بأهمية ربط المنطقة الوسطى مع المناطق الجنوبية، واستعرضت الدراسة تجارب بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين والهند وكذلك التجربة الإماراتية.
أما الموضوع الآخر الذي حظي بمتابعة وتفاعل من الحضور، فهي دراسة آفاق وتحديات العمل الجديد العمل الحر والعمل المرن والعمل عن بعد، هذه الدراسة قدمها دكتور عبد الله بن جلوي الشدادي، استعرض فيها تطور نمط سوق العمل الذي شهد تغييرات هيكلية جراء ظهور طرق جديدة لتنظيم العمل والتوظيف جنبا الى جنب مع الأشكال التقليدية للتوظيف وغير التقليدية، أهمية الدراسة تنبع من أن منظومة العمل الجديد تساعد في تحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال خلق فرص عمل جديدة لكثير من الفئات التي لم تكن قادرة على إيجاد فرص وظيفية تقليدية مثل النساء وذوي الإعاقة أو المتواجدين في المناطق النائية، وطرح الباحث خمس تساؤلات، منها المقصود بمفهوم أشكال العمل الجديد وأوجه الاختلاف عن الأشكال التقليدية وفرص النجاح، وكذلك الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمنظومة العمل الجديد، واستعراض التجارب العالمية الناجحة في مجالات العمل الجديد، وكذلك البيئة التقنية والتشريعية الداعمة لتطبيق نظام العمل الحر والعمل المرن والعمل عن بعد، وأخيرا التحديات والمعوقات التي تواجه هذا النوع من العمل في السعودية.
قدمت الدراسة تجارب بعض الدول، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية والصين تشكل أكبر دولتين وتمتلكان أكبر شركات منصات العمل الرقمية التي تستحوذ على 70 في المائة من إيرادات منصات العمل الرقمية على مستوى العالم، وفي كرواتيا يمثل عمل الطلاب فئة خاصة من التوظيف، حيث تبين أن 65 في المائة من الطلاب يقومون بالعمل من خلال المنصات، وأظهرت الدراسة أن العمل عن بعد ساهم في توفير نحو 54 ألف فرصة عمل خلال السنوات الست الماضية، وخفضت من نسبة البطالة.
قدم منتدى الرياض الاقتصادي دراسة حول التحول للاستثمارات الجديدة والاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة، وحددت الدراسة 10 قطاعات باعتبارها المحرك للاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة، وهي الزراعة والصناعات الغذائية، الكيماويات المتخصصة والمعدات والمستلزمات الطبية، وتصنيع الآلات والمعدات والسيارات والتصميم والتشييد والبناء، وكذلك الطاقة المتجددة، والنقل والخدمات اللوجستية وأخيرا الإعلام والترفيه.
بالتأكيد اختيار الموضوعات والدراسات وطرحها للنقاش والحوار، من اهم عوامل نجاح المنتدى، وهذا يعكس بوضوح الى فريق العمل في المنتدى، وخاصة مجلس الأمناء، بحيث يطرح الموضوعات والدراسات الأكثر أهمية لفائدة القطاع الخاص، وإيصال صوته الى القيادات العليا من اجل، وهذا هو المطلوب من الغرف التجارية أن تحرص عليه، وتكثف حضورها ودورها لخدمة المجتمع. وربما هذا ما ميز غرفة الرياض عن بقية الغرف السعودية. في انتظار تفاعل المؤسسات الحكومية ومجلس الشورى مع الدراسات التي طرحت حتى نرى أثر ملموس.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال