الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على مدى عقود، كانت الحكومات – على الأقل في دول الشرق – هي المعنية بتقديم الخدمات للمواطنين والمقيمين، بعكس الدول الغربية التي أسندتها للشركات في وقت مبكر. وعلى الرغم أن هذه الخدمات تمثل تكلفة باهظة على دولنا، باعتبارها تقدم مجانًا، فإنها تقدم بطريقة لا ترتقي للطموح. أبرز الملاحظات كان يتعلق بسلاسة الإجراءات، وضعف الكادر الوظيفي، وانعدام التقنية.
في المملكة العربية السعودية، مثلت “رؤية السعودية 2030” فجرًا جديدًا في كافة المجالات، فمن خلال أهم محاورها المتمثل في محور “وطن طموح” حكومته فاعلة، نصت الرؤية على أن هدف “رؤية السعودية 2030” هو التحول إلى حكومة عالية الأداء تتسم بالفعالية والشفافية والمساءلة، وتمكّن المواطنين والقطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية من أخذ المبادرة في استكشاف الفرص المتاحة لتحقيق أهداف الرؤية.
ترافقت برامج التحول المتعلقة بتطوير الخدمات الحكومية مع تطوير القطاع الرقمي الذي أصبح شريان الحياة بالنسبة للخدمات الحكومية، وأصبح تقييم الوزارات والمؤسسات الحكومية قائمًا على جودة خدماتها ورقمنتها، وتطورها. وهكذا رأينا ما حدث خلال جائحة كورونا، والكم الهائل من الخدمات التي قدمت عن بعد، من التعليم إلى العمل، مرورًا بالخدمات الصحية، والتطعيم، والخدمات الاجتماعية، والعدل، والمالية، والسفر، وغيرها. بناء على هذا التطور، انتقل مفهوم تحسين تجربة العميل من القطاع الخاص إلى الجهاز الحكومي. وأصبح تقييم الوزارات والمؤسسات بناء على درجة رضا العميل التي لا تأتي إلا بتحسين تجربته الخدمية.
وقد لفت انتباهي أخيرًا، ورقة بحثية أصدرها مركز “سمت” للدراسات، تحت عنوان “تجربة العميل لدى القطاع الحكومي السعودي.. المقدمات والنتائج”، استعرضت جهود القطاع الحكومي في مجال تجربة العميل على وجه التحديد، من خلال تجربة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في هذا المجال، وتوصلت إلى أن الخدمات والإجراءات التي طبقتها الوزارة حققت رضا للعملاء تجاوز الـ90% في مختلف قطاعاتها وخدماتها، كما رصدت ارتفاع نسبة الرد على المكالمات الهاتفية إلى 97% من إجمالي المكالمات المستقبلة يوميًا، مقارنة بـ45% قبل تطبيق تجربة العميل.
لذلك، فإن تجربة العميل لم تعد حكرًا على القطاع الخاص، والشركات، والبحث عن الربحية. بل إن الجهاز الحكومي أصبح يقيس أداءه، ويبحث عن رضا مستفيديه؛ لأن تطوير الخدمات وكفاءتها، معيار للتقدم الاقتصادي، ووسيلة لجذب الاستثمارات، وتحسين جودة الحياة. وكل هذه العوامل تتكامل لتحقيق رؤية موحدة. المهم الآن، أن يتم تطوير وسائل تقييم تجربة العميل وتطويرها بما يتواكب مع التقنيات الحديثة، والعمل على اشراك العميل في إحداث التغييرات المطلوبة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال