الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يوم 22 نوفمبر 2022، يوم سعودي سعيد يتوشح باللون الاخضر بإمتياز. في هذا اليوم فاز المنتخب السعودي على المنتخب الأرجنتيني بنتيجة 1-2 لصالح السعودية. كانت السعادة والفخر تعم ارجاء البلاد، ليس فقط لأن الفريق السعودي كسب المباراة، وانما لان الفوز كان أمام فريق قوي عالميا، وقطع بهذا الفوز على الأرجنتين “سلسلة اللا خسارة”، حيث حققت الأرجنتين الفوز في 36 مباراة بشكل متتالي، من دون أي هزيمة.
مقال اليوم ليس مقالا رياضيا لامن الناحية القانونية ولا من الناحية الاحترافية. لن اتكلم فيها عن انظمة الرياضة، و لن اتكلم فيه عن متعة مشاهدة مباراة الامس، او عن احترافية اللاعبين اثناء المباراة، أو حتى عن كيف تصدى محمد العويس لهجمات الأرجنتين على مرمى السعودية. مقال اليوم يستقي فكرة “رمزية نجاحنا في المستقبل من فوز الامس المُشرف”.
كما نعلم، من خلال تاريخ مشاركتنا في بطولات ماضية لكأس العالم، فالغالبية لم يكن متفائلا جدا من المباراة، وكانت الامنية فقط ان لا نخرج بخسارة مروعة. والمفاجأة كانت العكس، لم نخرج بتعادل، بل خرجنا بنصر مُستحق. لا يخفى على اي متابع، ان النجاح لا يأتي باستخدام تعويذة النجاح، والفوز لا يمنح لأي من كان من دون أن يبذل من جهده وعقله و وقته الكثير ليستطيع ان ينافس بشرف واحتراف، ويكسب المنافسة في الاخير. هذا ما حدث في الأمس، فوز المنتخب لم يكن ضربة حظ، لأنه لم يتنافس مع فريقا مقاربا له في المستوى، وإنما كان في مواجهة اقوى الفرق الكروية عالميا.
وبالتالي، الحظ ليس له مكان في مثل هذه المباراة. على الرغم من التحديات التي واجهت المنتخب السعودي خلال فترة التأهل لكأس العالم، إلا انه استطاع ان يتغلب عليها. والتغلب هنا كان بسبب عمل منظومة متكاملة متمثلة في دعم وزارة الرياضة وعلى رأسها سمو الوزير عبدالعزيز بن تركي آل سعود. والوزارة لم تكن لتنجح في توظيف أفضل الكفاءات عالميا لتدريب المنتخب، لولا دعم وإشراف القيادة العليا متمثلة في خادم الحرمين الشريفين و ولي عهده الامين.
واكتملت المنظومة هنا، بوجود الدعم المادي والنفسي، والتي تمثلت عندما استقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المنتخب في مكتبه بجدة، مشيرا إلى صعوبة المجموعة التي وقع بها منتخب السعودية في بطولة كأس العالم 2022، التي تضم الأرجنتين والمكسيك وبولندا، قائلا: “ما حد يتوقع مننا حتى نتعادل أو نفوز (…) فاللي بقوله لكم فقط خليكم مرتاحين، العبوا لعبكم واستمتعوا في البطولة”.
وهذا يقاس على كل ما تقوم بها الدولة من أجل تحقيق أهداف رؤية 2030. فمنذ صيف 2016، عندما انطلقت الرؤية، والإنجازات تتوالى. من أبرز الإنجازات التي حققتها المملكة، ما جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر عن صندوق النقد الدولي الشهر الماضي (أكتوبر)، والذي أعلن فيه عن تربع المملكة على عرش دول مجموعة العشرين G20 من حيث معدل النمو خلال عام 2022، بعد تحديث الصندوق توقعاته السابقة الصادرة في يوليو الماضي. كما ثبّت صندوق النقد الدولي، توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال عام 2022 عند 7.6%، وهي المرة الثانية على التوالي، بعد توقعات يوليو وأبريل الماضيين، وعلى خلاف توقعات يناير التي أشارت إلى نمو متوقع للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي السعودي عند 4.8%.
والانجازات كثيرة، ولست بصدد تعدادها هنا. النجاح ليس أمرا مستحيلا، كما انه ليس سهلا. و طريق النجاح ليس ممهدا ولا مفروشاً بالحرير، بل يتخلله الكثير من الصعوبات والتحديات و الاحباطات، ولكن كل هذه المشاعر والاحداث لا تعني ان الوصول للهدف أمرا بعيد المنال، وإنما هو بالمنال، ولكن يحتاج الى الكثير العمل، والإخلاص، والتفاني. جميعنا كأبناء لهذا الوطن، نتمنى ان نرى وطننا في مصاف الدول المتقدمة. ولكن، الامنية هي مشاعر، والامنيات غالبا لا تتحقق الا نادرا جدا، وان تحققت، فتحرقها كان بمحض الصدفة، لأن الامنية لا نعمل على تحقيقها ونكتفي بالحلم بها. ولكن الهدف هو أن تكون المملكة العربية السعودية ضمن مصاف دول العالم المتقدم في كل شئ. في التعليم، والصحة، والصناعة، والتجارة، والسياحة، والرياضة، والفن، والترفيه..الخ. وهذا لا يكون إلا بمواجهة التحديات والاستجابة لها.
في الختام، شعور المواطنة، ليس “فقط” بالتعبير عن الحب للوطن من خلال شعارات تردد في كل مناسبة وطنية، وليس بإظهار الولاء والحب والاحترام عن طريق الاحتفال و ترديد عبارات الفخر. بل يجب علينا ايضا كأبناء لهذا الوطن، في كافة المستويات الوظيفية والتعليمية، العمل كمنظومة مؤسسية هدفها الأول والأخير، الارتقاء بدولتنا، لتحقق تقدما في مناحي الحياة المختلفة. فكما اجتهد المنتخب أمس وحقق انجازا كرويا يكتب بماء الذهب، فنحن يجب علينا أيضا الاجتهاد لنحقق انجازات تكتب بماء الذهب في مختلف المجالات. ولتكن قيم الإخلاص، والجدية، والرغبة في التعلم، والتفكير بالمصلحة العامة، والخدمة المجتمعية، بوصلة تجعل فوز الأمس فقط البداية لانتصارات المستقبل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال