الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتزايد اليوم المواجهات بين المدافعين عن البيئة، وأصحاب الاهتمام بالمسطحات الخضراء في المدن من جهة، وبين المنغمسين في التقنية والتمدن بشكل كبير. هذه المواجهات تظهر على الساحة بأشكال مختلفة، وتأخذ أكثر من بعد مع كل مناسبة.
آخر هذه المواجهات تبرز من خلال خلاف حول فكرة توفير خدمة الطلب عبر المركبات في المدن لمطاعم الوجبات السريعة وما يعتقد البعض أنها تسببه من أزمات بيئية بما تحققه من نسب مرتفعة من الانبعاثات الكربونية. وتري هذه الفئة المدافعة عن البيئة أن التمدن لا ينبغي أن يكون في صورة التركيز على توفير أساليب الراحة في المدينة، بما يفرضه نمط الحياة السريع، ولكنه في نهاية المطاف يفاقم الأزمات البيئية. ربما نستطيع أن نلتمس لهم العذر فيما يرمون إليه من أفكار بسبب سوء استغلال البعض للخدمات المقدمة بطريقة تضر بالتخطيط والتنظيم في المدينة أكثر مما تساهم في التنظيم.
اليوم أصبحنا نقرأ عن مدن تقوم بتنظيمات جديدة تركز بشكل كبير على الاستدامة البيئية عند النظر في أي تصريح جديد لخدمة الطلب عبر المركبات. لابد أن يكون هناك حساب بشكل أكثر دقة لتنظيم حركة السير، وفترة الانتظار، والتأثير على مستوى الطلب ككل في المنطقة مع إعطاء الأولوية دائما لممرات المشاة ومساراتهم عند اتخاذ قرارات مستقبلية. هذه التشريعات التي يطالبون بها نابعة من كون المراكز التجارية يجب أن تحقق أعلى درجة من التفاعل بين الزوار وبين أصحاب المحال.
فخلق المناطق الحضرية الجاذبة لا يمكن أن يتم بطبيعة الحال مع تعزيز العزلة في حركة السير و تواجد كل فرد داخل مركبته حتى في عملية طلب أبسط الحاجيات. ربما تكون وجهة النظر هذه واقعية بعض الشيء للمحافظين على البيئة، لكنها أيضا تطرح تساؤلات يجب أن نجد لها إجابة. إذا كنا اليوم ننظر لهذه المركبات كمصدر تلوث للبيئة مع طول ساعات الوقوف أمام المحال التجارية، فكيف يمكننا تقييم درجة التطور التقني القادم في المستقبل وحساب تأثيره على البيئة؟ يجب أن ندرك أن التقنية تتطور بشكل متسارع، ونحن أمام خيارات أكثر صعوبة كل يوم مع دخول المركبات الكهربية في المعادلة. وسائل النقل تتغير بشكل سريع، وهي أيضا مرتبطة بتجربة السكان الذين يهمهم توفير سبل الراحة حتى تتحقق لهم جودة الحياة وسبل الحياة السعيدة في هذه المدينة. من المهم أيضا أن نعلم أن رغبات الجيل الجديد واحتياجاته في المدن قد تكون مختلفة بشكل كبير عن السابق مع ترجيحهم لكفة الجانب التقني على الاهتمام بجوانب التواصل الفعال مع البيئة المحيطة. وخلاصة القول إن التوازن هنا هو المطلب الذي يمكن من خلاله خدمة جميع الأطراف بالشكل المطلوب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال