الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُحكى أن رئيس إحدى الشركات تحمَّس لتطبيق نظم الذكاء الاصطناعي في شركته، خاصة بعدما رأى أن كبرى الشركات العالمية الناجحة أصبحت تعتمد بشكل كبير عليه في الإدارة.
وفي خلال أيام قليلة تمكَّن من تشكيل فريق عمل من أفضل وأمهر العلماء والمختصين في الذكاء الصناعي، وفي اجتماعه الأول بهم، وبينما ينظرون إليه بترقّب في انتظار ما سيقوله، إذا به يوجِّه إليهم سؤالًا أصابهم بالذهول: ماذا ستفعلون؟
تبادل أعضاء الفريق النظر، وسألوه بدهشة: ماذا تريد أن نعمل لك؟!
هذه القصة تطرح سؤالًا يدور في أذهان الكثيرين: كيف أبدأ استخدام الذكاء الاصطناعي في منشأتي؟
على الرغم من بساطة هذه القصة، فإنها تحدد بوضوح الطريقة الصحيحة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في الشركات، فالبداية لابد أن تكون بتحديد الهدف من قِبل الشركة، وهو ليس بالأمر الصعب، لأن الأهداف موجودة في استراتيجيات الشركة، ودعنا نفترض أهدافًا عامة تسعى إليها كل شركة، مثل: تحسين الإنفاق، وتحسين الإجراءات، وتحقيق المزيد من الأرباح.
وللاختصار، دعونا نتحدث مثلًا عن هدف “تحسين الإنفاق”، والطبيعي أن يطلب من كل قسم في الشركة تقديم المبادرات التي تسهم في تحقيق هذا الهدف، كلٌ في تخصصه، قسم المبيعات –على سبيل المثال- ماذا عليه أن يفعل حينما نسأل مسؤوليه: كيف يمكن أن تحققوا هدف تحسين الإنفاق؟
الخطوة الأولى التي يفترض أن يبدأ منها قسم المبيعات هي تحليل الوضع الحالي للقسم، أو ما يُسمى (التحليل الوصفي)، وهي نقطة انطلاق جيدة للذكاء الاصطناعي، فيجب أن يحدد: كم تبلغ نفقات قسم المبيعات؟ وإلى أي المجالات توجَّه هذه النفقات؟ وأين هو من المؤشرات الرئيسية للإنفاق؟ ماذا عن سياسات الشركات المنافسة في الإنفاق؟ وهل هناك عوامل خارجية تؤثر على سياسة الشركة في الإنفاق؟
وعلى قسم المبيعات أيضًا أن يجري ما يسمى (التحليل التنبؤي)، وهذا التحليل يُظهِر التوجهات العالمية المستقبلية، مثل التقنيات والإجراءات الجديدة التي من شأنها أن تدعم تحسين الإنفاق، ومن ثم يقترح القسم (نظام توصية) لتطبيق تلك التوجهات في القسم.
والهدف من هذا المقال ليس محاضرة عن الذكاء الاصطناعي، أو شرح مصطلحات (التحليل الوصفي) و(التحليل التنبؤي) و(نظام توصية)، فالخطوات السابقة كلها موثَّقة وخضعت إلى أبحاث علمية معتمدة، وتُدرَّس في الجامعات، لكن الهدف هو تقديم النهج الذي أقترحه لتوحيد الجهود في الشركة لتبتدئ في تطبيق الذكاء الاصطناعي. هذا المقترح من شأنه أن يُعمِّم الفوائد التي ستحققها الشركة من اتباع منهجية واضحة، سواء تقنية خاصة بالذكاء الاصطناعي وخوارزمياته او إدارية مثل أدارة المخاطر، او بشكل عام أيجاد حلول لتحديات مشتركة في تطبيق الذكاء الاصطناعي في الشركة. هذا التعاون بين الأقسام، ومشاركة خبراتها معًا، يمثل إحدى فرص ووسائل ترشيد الإنفاق وتوفير الجهد، وما ينطبق على الشركات قابل أيضًا للتطبيق على الحكومات.
في المملكة العربية السعودية، مثلًا، تُنشر كل المناقصات الحكومية في منصة (اعتماد)، وبنظرة سريعة سنجد تشابهًا في المناقصات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وهو مؤشر واضح على حاجتنا إلى تنسيق الجهود فيما يخص هذه التطبيقات في الحكومة.
ولكي نصل إلى هذا الجهد المنسَّق بين الوزارات والهيئات، ونُرشِّد النفقات فيما يختص هذه التطبيقات، فإننا نحتاج إلى استراتيجية شاملة للذكاء الاصطناعي، ومنها ننطلق لتطوير مؤشرات أداء رئيسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ومؤشرات الأداء موضوع المقال التالي إن شاء الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال