3666 144 055
[email protected]
في هذا الجزء الثاني من مقالنا، سنَرَى كيف وَاجَهَت الأنظمة السعودية المُمَارسات المُمكِنَة لاستغلال المدير المالي للأموال المودعة والأوراق المحفوظة في محافظ المستثمرين.
وجدنا في الجزء الأول أنَّ أهمَّ حالات استغلال الأموال تكمُنُ في تنفيذ المدير المالي لتداولات تَخدِمُ مَصلَحَتَهُ الشخصية على حساب عملائِهِ أصحاب المحافظ المالية.
في هذا الخصوص فقد فَرَضَت هيئة السوق المالية السعودية ما أسمَتهُ “واجب الأمانة” على المؤسَّسات المالية -ومنها طبعاً مؤسَّسات إدارة محافظ المستثمرين- (م/40 لائحة مؤسَّسات السوق المالية).
يَنقَسِمُ واجب الأمانة هذا إلى عدَّةِ واجباتٍ على المنشأة التي تُدِيرُ محافظ المستثمرين، وهي:
وفي هذا الخصوص، يجب أن تَرفَعَ المنشأة المالية تقاريراً شفَّافةً إلى العميل، بما يَكشِفُ عن النشاط المالي لمحفَظَتِهِ (م/47، م/48، الملحق 5-6)، وهنا يكون للعميل مراجعة أداء المنشأة ومحاسَبَتِهَا في حال التقصير أو الاستغلال.
أمَّا عن التزام المنشأة بحِفْظِ سجلَّاتٍ تَكشِفُ عن مُعامَلَتِهَا العادلة للعملاء؛ فيجب على المنشأة إرسال تقاريرٍ سنويةٍ دوريةٍ إلى الهيئة عن نشاطها (م/53- هـ + و، م/78)، فيما يكون على المنشأة رفع تقريرٍ فوريٍّ إلى الهيئة عن أيِّ فشلٍ يَكتَشِفُهُ مُرَاجِع الحسابات في نشاطِهَا (الملحق 3-2 خامساً -2).
بناءً عليه، يمكن القول بأنَّ المواجهة التنظيمية لهيئة السوق المالية السعودية لممارسة استغلال أموال المستثمرين من مدراء المحافظ قد تركَّزت على صعيد مجموعةٍ من القواعد النظرية، التي يتمُّ التأكد من تنفيذها عملياً عبر تقاريرٍ ماليةٍ دوريةٍ.
لكن المشكلة أنَّ المنشأة المديرة للمحافظ قد تتلاعب بتقاريرِهَا المالية المُرسَلَةِ إلى الهيئة أو تُخفِي المعلومات التي تُدِينُهَا، وهنا يكون دور مراجع حسابات هذه المنشأة جوهرياً في اكتشاف المخالفات وإرسال تقريرٍ فوريٍّ إلى الهيئة.
أمَّا بخصوص العميل مالك المحفظة فهو قد يكون غير مُتَفَرِّغٍ أو غير مُتَخَصِّصٍ بالمسائل المالية، لذا لا يجب الاعتماد عليه في اكتشاف مخالفات المدير المالي، خاصَّةً أنَّ الهيئة قد سَمَحَت للمنشأة أن تُخفِي عن العميل معلومة تعارض المصالح تلك، إذا وَجَدَت المنشأة أنَّها معلومةٌ سريةٌ جوهريةٌ “داخلية” (م/41-ج).
يُضَافُ إلى هذه المخاطر التي يتعرَّض لها العميل، أنَّ التزام المنشأة المالية المديرة لمحفظة العميل بضرورة ملاءمة التداولات والتعاملات الجارية في المحفظة مع قدراته وطموحاته وظروف السوق، هذا الالتزام لا ينشأ على المنشأة المديرة للمحفظة إلاَّ مرةً واحدةً فقط عند إبرام عقد إدارة المحفظة أو لدى تجديدِهِ أو تغيير شروطِهِ (م/43-د).
أمَّا في الكويت، فقد أصدرت هيئة الأسواق المالية الكتاب رقم (7) من اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة رقم 7/2010، وقد جاء فيما يخصُّ نشاط إدارة المحافظ المالية؛ عدم جواز تقديم وعودٍ من المدير للعميل، فهذه الوعود تَندَرِجُ ضمن نشاط تضليل العميل وقد تهدف إلى استغلال أموالِهِ (م/5-1-8 /4/).
كما حَظَرَت الهيئة استغلال أموال العميل من خلال إساءة استخدام محفظَتِهِ (م/5-1-8 /5/)، وفرضت الهيئة على المدير المالي واجب الأمانة (م/6-1-4)، ورعاية مصالح العميل مالك المحفظة (م/6-1-5)، واعتبرت أنَّ هذه المبادئ هي مِن المُحدِّدَات التشغيلية لنشاط أيِّ مديرٍ ماليٍّ (م/6-2).
أمَّا بخصوص الرقابة على المنشأة المديرة لمحافظ المستثمرين؛ فتنحصر هذه الرقابة بحدود الرقابة الداخلية من المنشأة على مُوظَّفِيهَا من المدراء الماليِّين (م/5-2-3 + السياسات العامة للشركة م/5-4 + نُظُم الضبط والرقابة الداخلية م/6-2-2).
كما يتوجَّب على المنشأة موافاة العميل بتقارير عن نشاط محفَظَتِهِ (م/5-1-9 /5/ + تقارير العملاء م/5-3 + بند إرسال التقارير للعمل في العقد م/6-1-6 (3) + التقارير م/6-3-1)، وإخطار العميل بهذه التقارير (م/6-3-2).
وهكذا يكون الأمل الوحيد للعميل ضعيف الثقافة الاستثمارية والذي قد تتواطأ الشركة فيه مع مدير المحفظة على استغلال أمواله، أن تَنتَبِهَ الهيئة لوجود هذا الاستغلال من خلال التقارير ربع السنوية المرفوعة إليها من المنشأة التي تُدِيرُ محافظ المستثمرين (م/5-3-2 + م/5-5).
بناءً عليه، فإنَّ مواجهة أنظمة هيئة أسواق المال الكويتي لممارسات استغلال أموال العملاء لا تَختَلِفُ جذرياً عن تلك المواجهة التي أقرَّتهَا هيئة السوق المالية السعودية؛ فهي تَنحَصِرُ في تدقيق التقارير المالية، لكن الفرق بأنَّ التقارير الدورية التي تَرفَعُهَا المنشأة إلى الهيئة هي ربع سنويةٍ في الكويت.
كما أنَّ اكتشاف ممارسات الاستغلال سيَنْحَصِرُ في الممارسات المباشرة التي يقوم بها المدير باسمِهِ أو بأسماءِ أشخاصٍ عاديِّينَ يُسخِّرُهُم لتنفيذ ممارسات الاستغلال؛ لكن هذه المواجهة ستكون ضعيفةً في مواجهة المؤسَّسات الفردية التي قد يملكها المدير المالي فعلياً ويسجلها ضمن ملك الغير قيداً، بغرض استغلال أموال عملائِهِ، وهو ما سيكون موضوع الجزء الثالث والأخير من مقالنا بإذن الله.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734