الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في العام الماضي، أقيم مؤتمر المناخ COP26 في غلاسكو (بريطانيا) والذي أُكِّد فيه على الالتزام بهدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، من خلال عدة مبادرات ومنها تعويض الدول النامية المتضررة ودعمها للتحول لاستخدام الطاقة النظيفة، ولكن أعلنت رئاسة المملكة المتحدة في نهاية القمة بأن هذا الالتزام كان “بنبض ضعيف” وقد صدقت في وصفها.
بعد اتفاق الدول الأعضاء على تقديم التزامات قوية بالهدف المرسوم تحت مسمى “كتاب قواعد باريس”، لم يظهر – حتى الوصول إلى قمة COP27 هذا العام – وفاءا حقيقيا بما تعهدت به هذه الدول، خاصة أن 24 دولة فقط – من بين 193 دولة – قد قدمت خططها للأمم المتحدة في الالتزام بالهدف المعلن.
مسألة عدم الالتزام هذه ليست جديدة، حيث لم يلتزم بتخفيض الانبعاثات الكربونية من بين الدول الصناعية الكبرى سوى اليابان على سبيل المثال، ولم يلتزم بتمويل الدول المتضررة من كثافة الانبعاثات الغازية الصادرة من الدول الصناعية من بين هذه المجموعة أحد منذ عام 1998، وبالرغم من ذلك تمارس هذه الدول الكبيرة ضغوطا على الدول النامية والفقيرة لمنعها من استخدام الوقود الأحفوري خاصة في إفريقيا.
هذا العام ومع جدية الرئاسة المصرية للقمة الأهم – منذ تأسيسها – في دفع الالتزامات والتعهدات الصادرة في مؤتمرات سابقة لتكون أكثر تفصيلاً وطموحاً وبمكونات واقعية التكيف التي لا تقبل المراوغة، إلا أن المشهد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الحالي في العالم مربكا للغاية نتيجة مواجهة قضايا كبرى، مثل احتمالية ركود اقتصادي عالمي، وأزمات مقلقة في الطاقة والغذاء وسلاسل التوريد، مما أجبر العديد من الدول إلى تقليص أهدافها المناخية مؤقتا، بما فيها الدول الكبرى كتعليق نشاط مجموعة العمل المعنية بالمناخ التاريخية بين الصين والولايات المتحدة والتي تم الإعلان عنها في غلاسكو.
الحاصل أوصل الجميع لمواجهة أسئلة حرجة تحتاج إلى إجابات صريحة في قمة المناخ COP27 – المنعقدة حاليا في مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات وسيستمر حتى يوم 18 القادم – فعلى سبيل المثال كيف ستعمل البلدان على خفض انبعاثاتها، وكيف ستقوم بالتكيف ومساعدة الآخرين على فعل الشيء نفسه، والعديد من المناقشات المتعلقة بالتمويل خاصة مع نداءات البلدان النامية في هذا الخصوص للدول المتقدمة التي لم تلتزم بوعودها كالولايات المتحدة والصين المصدران الأكبر للتلوث والانبعاثات الكربونية في العالم، ومع العمليات العسكرية في أوكرانيا وما سببته من أزمات انعكست سلبا على مواقف العديد من الدول في تنفيذ متطلبات ملف المناخ.
إذا وضعت المفاجآت السارة جانبا، وكل مناقشات الطاولات المستديرة المبهرة في ما هو متعلق بإزالة الكربون، والتكيف والزراعة، والمياه، والطاقة، ومواضيع دخيلة مثل شؤون الشباب والأجيال القادمة، والجنس، والتنوع البيولوجي، وكل كلمات الأعضاء المحتوية على كلمات متلونة مثل “اعتزام” و “تأكيد” و “ضرورة”، فالمرجح أن التنصل المالي سيلقي بظلاله على قمة مناخ شرم الشيخ COP27 فيما يتعلق بالالتزامات المالية المقدرة بمبلغ 100 مليار دولار كل عام عن الخسائر والأضرار التي تتكبدها العديد من البلدان النامية والفقيرة بسبب عواقب تغير المناخ، لا سيما أنه لم يكن بالأمر المحسوم في غلاسكو العام الماضي، والذي كان ظاهرا في كلمة رئس وزراء باربادوس الصريحة أثناء أعمال القمة التي طلبت من قادة العالم الوفاء بوعودهم السابقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال