الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جمعتني احدى الزيارات ببروفيسورة في علم القيادة من إحدى الجامعات العالمية حين طرحت عليها السؤال التالي: برأيك، هل علم القيادة غريزة فطرية لدى الشخص أم هي مهارة قابلة للتعلم؟ خضنا في بعض النقاشات والأمثلة ومن ثم ختمت لي جوابها بقولها أن علم القيادة ومهاراتها هي أمر يتم اكتسابه بالفطرة وتتم تنمية وتطوير تلك المهارات.
رغم تأييدي لجوابها إلا أنه في الحقيقة فاجئني. مما جعلني أدرك التالي: المهارات والشخصية القيادية هي أمر مثل شتى الأمور يهبها الله عز وجل للبعض بالفطرة فينمو حس المسؤولية منذ الصغر واستشعار دور الفرد في ارشاد نفسه و من ثم الآخرين في العديد من الحالات. إلا أنها تبقى مثل سائر النعم تثمر، وتزهر لمن ينميها، ويعتني بها، ويطورها. فعلى سبيل المثال، قد نجد بعض الطلاب موهوبين بالفطرة في بعض المواد الدراسة ولكن قد يتفوق عليهم من اجتهد بالدراسة (وان لم يكن الأمر سهل عليه).
خلال حوارنا أضافت بأن الشخصية القيادية لا تتطلب منصب لدعم تلك المهارة فهي أمر يلاحظ بالفطرة فقد تجد في نفس الفريق من هم يشتركون بالمسمى الوظيفي في حين يكون هنالك شخص يثق فيه زملائه ويرجعون له لأخذ المشورة بالحد المعقول حيث لا تتضارب المهارات القيادية لدى الشخص بإدارته العليا، فقمة الذكاء العاطفي والاجتماعي حين يدرك القائد متى و كيف يبرز تلك المهارات (متى يخطو الى الأمام ومتى يتراجع). على أرض الواقع نرى أمثلة حية فنجد بعض الوزراء والمستشارين يكونوا رؤساء بعض اللجان وبين نفس المجموعة في لجان أخرى نجدهم أعضاء فيستبدلون القبعة. مما يسلط الضوء على أهمية المرونة النفسية لدى القادة. فقد تتساءل بين قبعة العضو والرئيس كيف تلمح القائد؟
في أغلب الأحيان الشخصية القيادية هي من ترى الفرص في الفشل، هي من تتحلى بحسن الاستماع والانصات فمبدأ الماضي، هو القائد يتحدث بينما الآخرون يصغون ومبدأ الحاضر، هو القائد يصغي بينما الآخرون يتحدثون.
هي تلك الشخصية الشجاعة، المتواضعة، من تتقبل الأخطاء وتحسن التعامل معها وتضبط النفس ،بما فيها ضبط الانفعالات. هي من تملك الطموح وتطلب المساعدة، من تتحمل كافة المسؤولية، من تبادر وتتفاءل وتتأقلم مع الظروف المتغيرة ومن تركز وتثق في نفسها ومن تضع ضمن أسمى أولوياتها نجاح المؤسسة التي تنتمي اليها. بالإضافة الى الوضوح والصرامة فإن لم يكن القائد واضح وصارم فقد تجد العديد من الموظفين الموهوبين تائهين نتيجة لعدم الوضوح.
للمهارات القيادية ألوان متعددة ويتصور الكثير أن القائد المثالي منطلق وواثق من نفسه ويشع بالكاريزما. لكن الواقع هو أننا قد لا نرى القادة في مقدمة الصفوف كل مرة، فأحياناً قد نرى القائد الذي يتمتع بهدوء وبعد عن الأضواء فالأنماط المتعددة للشخصية القيادية تختلف وترتبط بالفرد ذاته ولا يعلى نمط على أخر، فالتنوع القيادي ضروري لصحة المنشآت والبيئة العملية. في حياتي العملية رأيت العديد من المدراء والقادة وأدركت أن لكل شخص نظرته الخاصة عن القائد الجيد، فإن واجهت في حياتك ممن يختلف عنك بالسلوك والنمط القيادي فلا يشترط كون نمط القائد سلبي. وبغض النظر عن أسباب اختلاف الأنماط للشخصية القيادية يجب الادراك أن المنصب القيادي ليس هدف للجميع. في بعض الحالات، لا ينوي الشخص ولا يخطط للوصول لمنصب قيادي ولكنه يجد نفسه في وسط تلك المسؤولية. يلفتني مفهوم القيادة وأراها رحله تعلم تستمر مدى الحياة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال