الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كتب أستاذي ومُلهمي مصطفى المهدي “أبو عاصم” مقالًا بعنوان “المواهب.. تتجاوز حدود الزمان والمكان” افتتحه بقوله: “الكلمة وهي تُسطر بالقلم، والكلمة وهي تُشنّف الآذان في الخطب أو يشدو بها قصيدًا يتردد، كانت ولا تزال أحد أمضى الأسلحة في الحرب والسلم، وهي وسائل وإن اختلفت عبر العصور، فإن العنصر البشري هو الثابت في معادلتها ما لم يُحدِث الذكاء الاصطناعي اختراقًا ذا قيمة في هذا المجال”.
ما شدّني في هذا المقال هو المواهب والذكاء الاصطناعي، فمن الملاحَظ أن مهنًا يقِل فيها الاعتماد على العنصر البشري شيئًا فشيئًا، وزاد فيها الاعتماد على التقنية، ومنها الذكاء الاصطناعي ومشتقاته.
لاحِظ مثلًا أن قطاعات أعمال كثيرة بدأت في تقليل العنصر البشري والاعتماد بشكل أكبر على التقنية، بل إن بعضها استغنى تمامًا عن العنصر البشري، وأحلّ محله الآلة لتؤدي مهام البشر. ونسمع كذلك عن تطبيقات متعثِّرة للذكاء الاصطناعي، مثل قيادة السيارة، فلِم تنجح بعض النشاطات في تطبيق الذكاء الاصطناعي ولِم تتعثر أخرى؟!
أنا أُقسّم النشاط البشري إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ويمتاز هذا القسم من النشاطات بكونه لا يتّبع نمطية محددة، وأسميه قسم (الأعمال العصِيّة)، ويشمل أعمالًا تُمثّل صعوبة بالغة على الذكاء الاصطناعي في أن يحتويها لأنها “غير متكررة ولا يمكن التنبؤ بها”، ومنها استكشاف الأخطاء في أعمال الكهرباء والسباكة، وحتى تنظيف وترتيب المنزل، بينما يؤدي البشر مثل هذه الأعمال بيسر وسهولة على الرغم من كونها أعمالًا لا تتطلب شهادات علمية، بل ما تحتاجه هو الخبرة والمران.
الثاني: وهذا القسم من الأعمال يمتاز بكونه “متكرر ويمكن التنبؤ به”، وبالتالي يسهُل على تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحقيق قفزات هائلة فيه تتفوق في أحيان كثيرة على البشر. يشمل هذا القسم من الأعمال المجال الهندسي والمعماري وحتى المجال الطبي، فمؤخرًا تفوّق الذكاء الاصطناعي على الأطباء في تشخيص بعض الأمراض.
الثالث: يضم الأعمال التي أرى أنه يستحيل على الذكاء الاصطناعي أن يحتويها، والتي ستبقى حصنًا يصعب عليه اختراقه، بل ستظل حكرًا على البشر، وهي المجالات الخاصة بالإبداع والاختراع، فلن تجد يومًا حاسبًا يكتب قصيدة شعر أو قصة قصيرة تحمل نفس رومانسية المشاعر البشرية. ولُبّ هذا القسم من النشاطات هو “الموهبة”، فعلى الرغم من وجود نماذج مبنية على الذكاء الاصطناعي تستطيع أن تكتب قصائد شعرية أو مواضيع علمية، فإنها لا تُلامس ذائقة القارئ أو المتمرس في هذا العلم، وتظهر المنتجات كأنها قطعة من البلاستيك المُصنَّع.
من مقاصد الشريعة التي جاء بها الإسلام “حفظ المال” و “حفظ العقل”، ومن باب حفظ المال أن نستثمر فيما هو ممكن للذكاء الاصطناعي وان نحفظ العقل من العبث العلمي. خاصة أن الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات كبيرة في توظيفه ودمجه عمليآ في أنظمة العمل الحالية، ولكن لهذا التحدي نقول إن SCAI لا تعرف حدًا للطموح.
فما قصة SCAI؟
هذا ما ستعرفه في مقالي القادم إن شاء الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال