الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في البداية اود التذكير انه قبل ثلاث سنوات قررت هيئة المنافسة تحريك دعوى جزائية على عدد من شركات الأسمنت أمام لجنة النظر والفصل في مخالفات نظام المنافسة واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة حيال قيام عدد من الشركات العاملة في قطاع الإسمنت بالمشاركة في تنظيم تكتل احتكاري “كارتل” لتوزيع الحصص وتقاسم الأسواق للتأثير في الأسعار بالمنطقة الغربية، وهذا فقط للتذكير. وعودة لموضوع المقال فقد أعلن في تداول عن عزم شركتي اسمنت الاستحواذ على شركتي اسمنت اخرى، ولسبب او اخر فالشركتين قررتا تسمية هذه العملية (صفقة مبادلة أسهم) على الرغم من كونها صفقة اندماج واستحواذ، ولكن هذا شأن الشركتين في التسمية ولن اضيع وقتكم في محاولة فهم اختيار مصطلح (مبادلة). الشركتين المستحوذتين هما اسمنت القصيم واسمنت المدينة، والشركتين المستحوذ عليهما هما اسمنت حائل واسمنت ام القرى (على التوالي). وأود التنويه الى أن هيئة المنافسة لم تعلن عن أسماء الشركات التي تحركت لوقف تكتلها ولا اعلم حقيقة ان كانت اي من الشركات اعلاه ضمنها او لا.
في البداية وأثناء توزيع رخص بناء المصانع كان بالامكان اعطاء الشركات القائمة حينها رخص استخدام المحاجر، ولكن لم تعطى، بل تم عرض الرخص في مزادات لشركات حديثة بشروط دقيقة، والغرض من ذلك واضح، ألا وهو منع الاحتكار وخلق بيئة تنافسية في قطاع صناعة الاسمنت (يصعب معها) التكتل للتحكم بالأسعار والكميات بما يضر البيئة التنافسية وبما يضر المستهلك النهائي. وعلى الرغم من ذلك، ورغم الرقابة الشديدة، وجد ان هناك تكتل يلوح في الأفق (عام 2019) وتم اجهاضه من قبل الجهات الحكومية، وهذا أمر يستحق الاشادة لا شك. الرقابة الشديدة ووجود عدد من الشركات موزعة في مناطق المملكة ادى لانخفاض واضح في الأسعار كما وادى لانسيابية في كميات الاسمنت المعروضة انعكس على المستهلك النهائي، وهذا أمر محمود وهذا غرض توزيع الرخص على مناطق المملكة لشركات مختلفة.
الآن ما الغرض من قيام عدد من شركات الاسمنت اعلان نيتها الاستحواذ على شركات أخرى؟ ان كان الغرض مجرد استحواذ لا نية له بالتأثير على كميات وأسعار الاسمنت، فالامر يبدو (عبثي) في رأيي الشخصي، لان الكيانات التي ستتولد من عمليات الاندماج عائدها سيكون اقل من عائدها في حالتها الحالية، وفق أسعار الأسمنت الحالية. كما أن الشركات المقدمة لعروض الاستحواذ، او المبادلة كما يحلو لها تسميتها، لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية. إذا ما الغرض من عمليات الاندماج؟
اعتقد ان على هيئة المنافسة النظر بتمعن في هذا الامر، كما ان عليها الفحص الدقيق لتأثير عملية الاندماج على واقع سوق الأسمنت في المملكة، لا شك عندي اذا نجحت عمليتي استحواذ هاتين ستطلق شرارة الاندماج في قطاع الأسمنت مما سيعيدنا لنقطة الصفر في مكافحة تركز قطاع الأسمنت في عدد محدود من الشركات.
اذا ارادت شركات الأسمنت رفع مستوى ربحيتها فعليها التوسع في صناعات اسمنت اخرى، كما فعلت احدى شركات الاسمنت عندنا في التوسع في صناعة الخرسانات الجاهزة الصنع، والذي حقق لها مصادر ربحية ذات جدوى. وكما فعلت شركة اسمنت اخرى بالتوسع في قطاع النقل. دوليا، هناك شركات اسمنت توسعت في قطاع حلول البناء والتكنولوجيا والاستثمار وحتى المقاولات, وما على القائمين على شركات الأسمنت عندنا الا بحث هذا الأمر في (جوجل) ويسجدون كيف تقوم شركات الاسمنت الكبرى العالمية بزيادة أرباحها دون الإضرار بالمنافسة. على العموم هناك طرق عديدة لزيادة ربحية شركات الاسمنت في بلادنا دون الإضرار بواقع التنافسية الحالي والذي انعكس ايجابيا على النهضة العمرانية العامة في بلادنا دون ارتفاع الأسعار لنطاقات تضر المستهلك النهائي، دون أي انقطاع في إمدادات السوق بالاسمنت.
قرار الاندماج هو قرار المساهمين في المقام الأول بعد أخذ موافقات الجهات الرسمية التي لا اشك انها ستنظر وتدرس هذا الأمر من كافة جوانبه. وارجو ان يتقبل الجميع طرحي هنا بصدر رحب. مع تمنياتي لكافة القطاعات الاقتصادية في بلادنا بالنمو والازدهار والتوسع الدولي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال