الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان مؤتمر قمة شرم الشيخ COP27 علامة فارقة في تاريخ قمم الأمم المتحدة لتغير المناخ بسبب المواضيع الساخنة التي وضعت أمام الأعضاء الأطراف وطريقة تناولهم لها، وأيضا بعد أن نجحت الرئاسة المصرية للقمة في عدم السماح بترك المكان حتى يعلن عن الاتفاق على تأسيس صندوق الخسائر والأضرار، وهو بمثابة انتصار بالغ الأهمية للبلدان النامية المتضررة، وإن كان سيترك موضوع كيفية عمل هذا الصندوق الجديد ومن سيساهم فيه مالياً لمؤتمر قمة COP28 المزمع انعقاده في أبو ظبي في العام المقبل والذي لن يكون سهلا.
لم تكن قمة شرم الشيخ خالية من تعمد الفوضوية من بعض أطراف المؤتمر خاصة مع فشلهم في ترجمة طموحهم في نمط العمل المناخي المتطلب للإبقاء على تقييد الالتزام بملف تغير المناخ في إطار اتفاقية باريس، فقد كان الخطر يلوح في الأفق والمتمثل في العودة إلى الوراء، ولكن كان للرئاسة المصرية الكلمة الفصل في تجنيب المؤتمر من الأسوأ.
بعكس المؤتمرات السابقة، تم مناقشة واسعة لعدة ملفات شائكة من أهمها ملف النظم الغذائية المتهمة في إنتاج ثلث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والذي تمتع بزخم نظري عالي لإيجاد حلولا للانبعاثات الكربونية دون إهمال جانب استدامة الأمن الغذائي، وأيضا التركيز على ضرورة انتقال العمل المناخي من مرحلة تحديد الأهداف إلى مرحلة التنفيذ، مع عدم إهمال مسألة النزاهة وهي مسألة تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى.
وكانت إفريقيا تحت الأضواء التي أبدت رفضها لمبدأ أن تكون مساهمتها في التحول العالمي للطاقة على حساب التصنيع الخاص بها، في ظل شح التمويل الدولي لها للتكيف مع الوضع الجديد وأيضا فعالية حقيقية لصندوق الخسائر والأضرار، فعدم الوفاء بالتعهدات من قبل الدول الغنية والمتقدمة في هذا الخصوص يجعل العديد من القادة الأفارقة يعيدون التفكير في مشاركتهم في المبادرات المناخية المتعددة الأطراف مستقبلا، فعدد من القادة الأفارقة قالوها صراحة بأنهم عازمون على تطوير استراتيجياتهم الخاصة لتوليد الطاقة والتكيف مع أولوياتهم الوطنية في حماية البيئة وإنماء اقتصاداتهم وتنمية مجتمعاتهم والتخفيف من حدة الفقر وخلق فرص العمل لأبنائهم الشباب.
كما أن زيادة أسعار الوقود الأحفوري كان موضوعا ساخنا مما يعني منطقيا الحاجة الماسة لتسريع التحول في مجال الطاقة، ولكن كانت اللغة المستخدمة في البيان الختامي حول خفض الكربون والطاقة تكراراً للغة مؤتمر COP26 الذي عقد العام الماضي في غلاسكو بالمملكة المتحدة، الذي يفتقد الإلحاح والجدية المطلوبة نتيجة التأثيرات المناخية المتسارعة كما يقال.
الأكيد هو أن مؤتمر قمة COP28 الذي سيعقد العام المقبل في الإمارات العربية المتحدة سيكون فرصة لكافة الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ لوضع اللمسات النهائية لمؤشر التقييم العالمي المتضمن مراجعة التقدم الوطني لكل بلد في تحقيق أهداف خفض الكربون، بالرغم من أن سرعة تنفيذ عملية تقليل اعتماد العالم على الوقود الأحفوري ستظل مسألة خلافية.
لكن الأهم هو ما ظهر في شرم الشيخ – وكانت الأطراف الغربية تركز عليه – في تأكيد الربط بين الطاقة الأحفورية والتغيرات المناخية ليجعل من القمة القادمة ساحة ضغط شرسة على أصحاب مصادر الطاقة الأحفورية، أو بكلمات أدق ستكون بداية العمل على إلزام الدول المنتجة للنفط بالتمويل المالي الذي سيكون غرضه تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي أعلن عن تأسيسه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال