الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
البعدان السياسي والاقتصادي ما هما إلا وسيلة وغايتهما هو البعد الاجتماعي، فكل فرد بحاجة ماسة إلى محيط يأمن فيه على روحه وجسده وفكره وماله ودينه، لهذا تظهر أهمية البعد الاجتماعي وتبدأ من الأسرة التي تعتبر هي المؤسسة الاجتماعية الأولى على وجه الأرض، وهي أكرم وأفضل مؤسسة اجتماعية لتنمية الفرد وإنشائه نشأة بشرية سليمة، فهي نقطة منطلقة في الصباح و نقطة بارزة في المساء ومحوره الذي يحوم حوله، ويعود الفضل لها كأساس لنجاحه وتمكينه وتحقيق ذاته والمباهاة بإنجازاته، فهي المكون الأساسي للمجتمعات، فلا يمكن أن نتصور مجتمعا ذكورا بلا إناث أو إناثا بلا ذكور، ولكم أن تتصوروا مدينة بهذه التركيبة البئيسة والمشوهة اجتماعيا، كم من المشاكل والعاهات الخُلقية ستعاني مؤسساتها كمدينة؟ وكم من الأذى يلحق أفرادها؟ وكم من النقص لإشباع رغباتهم وحاجاتهم؟ وكم حجم الفاتورة الاجتماعية ثم الاقتصادية لتحقيق الأمن بينهم بمفهومه الشامل؟ بالتأكيد تكلفة سياسية واقتصادية واجتماعية باهظة لا طائل لها.
قال الله عز وجل : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) سورة الحجرات آية 13.
لهذا كل أسرة بحاجة ماسة أن يعيش أفرادها في محيط مماثل لها في الدائرة للتناسل والنمو وغيره من الاحتياجات البشرية الأخرى، وفي الغالب متشابهة في التركيبة الاجتماعية ومتجانسة معها في الثقافة واللغة والطباع والسلوك يجمعهم ميثاق كنظام اجتماعي، متفقون عليه في طرائق معائشهم ويرجعون إليه عند خصوماتهم اذا تقاطعت مصالحهم، معتمدونه فيصلا بينهم وحكما في حل نزاعاتهم، وهذا المحيط هو ما يطلق عليه (المجتمع)، (فالدولة بمؤسساتها).
هكذا اتضحت الصورة في علاقة البعد الاجتماعي للتنمية البشرية ففيها البيت والمسجد والمدرسة والجامعة والسوق كل هذه المكونات الخمس، لا تكاد تفقدها اليوم أو تكون بعيدة عن المجتمع سواء مجتمع الريف أو مجتمع المدينة إلا أن المجتمع الريفي يتميز باهتمامه في بناءه لرأس ماله البشري لعنايته بدأ بالأسرة النواة الاجتماعية الأولى، أما مجتمع المدينة فيتميز باهتمامه ببناء رأس ماله المادي على حساب تأخير اهتمامه بالجانب الأسري، وبين المجتمعين فرص استثمارية فيما لو استُحضرت لحققت التكامل وجمال العيش الاجتماعي.
فلكل مكون منها رسالته التي تساهم مساهمة مباشرة في التنمية البشرية، فيها يتحقق للفرد إشباع احتياجاته ورغباته الجسمانية والروحية والفكرية، فلا يمكن لتنمية بشرية أن تنمو خارج هذه المكونات، كما أن هذه المكونات الخمس بحاجة ماسة إلى كيان أعظم قادر على ضمان قيمها واستدامتها في التماسك والازدهار، وهذا ما يسمى الدولة أو النظام السياسي الذي من أول مهامه وواجباته ضمان الأمن الوطني للمجتمع والحفاظ على مكتسباته والذود عن قيمه وحماه وحدوده ودفع الطامعين فيه بكل ما أوتي من قوة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال